لم نكن نضرب في الرمل أو نفتح المندل ولم نقرأ الكف أو ندعي إطلاعا على الغيب عندما أكدنا أكثر من مرة أن الدولة السورية لن تسقط وأن الحشد الدولي والإقليمي سينكسر ولن يجني المتهورون والحالمون بالشر إلا خيبات أمل قاتلة، ومهما أنفقت قطر والسعودية وروجت أمريكا والغرب وإسرائيل وتطوعت الحكومة التركية فلن يجني هذا الرهط غير الكريم إلا الخسارة والحسرة والندامة. المسألة ليست أماني.. إنها قراءة في موازين القوى وهي كذلك محاولة لفهم أدوار كل قوة من القوى المشتركة في المشهد السوري.. والذي لم يفهمه الموتورون أن الحروب تحسمها الإرادات وإدارة القوة والتحالفات، وفي هذا كله كنا نرى دوما أن الدولة السورية لن تسقط وأن الشعب المظلوم هو من سيدفع الثمن القاسي. ذكرت مجلة »دير شبيغل« الألمانية اليوم أن وكالة الاستخبارات الألمانية الخارجية تجاه الحرب الدائرة تعتقد حالياً بأن جيش الرئيس السوري بشار الأسد »بات أكثر استقراراً مما كان عليه منذ فترة طويلة وهو قادر على القيام بعمليات ناجحة ضد وحدات الثوار بعزم«. وقالت المجلة إن رئيس الوكالة "غيرهارد شيندلر" أبلغ هذا التقييم الجديد للوكالة، إلى بعض السياسيين في اجتماع سري. وذكرت أنه خلال الصيف الفائت كان شيندلر أبلغ المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين بأنه يشعر بأن نظام الأسد سيسقط في بداية العام 2013 الجاري، لكن منذ ذلك الحين فإن الوضع قد تغيّر بشكل دراماتيكي كما تعتقد وكالة الاستخبارات الألمانية الخارجية. واستخدم شيندلر رسومات وخرائط لإظهار أن »جنود الأسد يملكون مجدداً خطوط إمداد فعّالة لتأمين كميات كافية من الأسلحة والمواد الأخرى«. وأضاف أن إمدادات الوقود للدبابات والطائرات العسكرية، باتت متوفرة مجدداً، وأن الوضع الجديد يسمح لقوات الأسد بأن تواجه هجمات الثوار، وحتى استعادة المواقع التي خسرتها من قبل. وفي جهة اخرى، حيث معقل المؤامرة على سورية في تركيا، تكبر خيبة أمل عميقة من لقاء رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان والرئيس الامريكي باراك أوباما في واشنطن، الاسبوع الماضي. سورية استهلكت معظم وقت اللقاءين، الرسمي نهار الخميس والعشاء ليلا، وحاول الزعيم التركي شرح موقف بلاده لنظيره الامريكي بالقول إن الازمة السورية تشكل أكبر تحد لتركيا منذ عقود، وأن أنقرة تطلب من واشنطن »كعاصمة صديقة حليفة، ممارسة دور أكبر للمساهمة في تغيير الوقائع القتالية« على الارض السورية. لكن أوباما تمسك بتصلبه وإصراره على حصر الدور الامريكي بنقطتين: المساعدات الانسانية للاجئين السوريين والدول التي تأويهم، والسعي الديبلوماسي من أجل رعاية حوار سوري يفضي إلى وقف القتال والتوصل إلى حل، حسب مسؤول تركي رفيع مقرّب من مشاركين في لقاءات واشنطن. وأخيرا فشل الاتحاد الاوروبي في التوصل إلى اتفاق بخصوص رفع الحظر عن إطلاق عملية التسليح لقوى المعارضة تاركين الامر لعملية تهريب السلاح وشرائه من قبل قطر ومحطات اخرى في تركية.. تركية تقع في خيبة أمل وتتردى سمعتها في الوطن العربي والعالم الاسلامي وهاهي ترسل رسلها لإيران لاستدراك ما فات.. والسعودية تكون بدأت بالنأي بنفسها عن إقحام أنفها فيما لا يعنيها.. والاردن التقط إشارة التهديد على محمل الجد فحول مهماته إلى إيواء لاجئين وما يدره ذلك من أموال على الدولة.. أصبحت القوات السورية الآن في مشروعية دولية وهي تتحرك لإنجاز مهمتها بطرد الغزاة من المرتزقة والمقاتلين الاجانب... وهكذا يتحرر الشعب السوري من كابوس استمر لأشهر قاتلة.