فتح لاعبون ومدربون النار على نواب البرلمان، على خلفية دعوتهم للسلطات العليا بضرورة محاسبة لاعبي، رؤساء ومدربي كرة القدم، بسبب ما أسموه ب"الأجور الخيالية" التي يتلقاها اللاعبون و"إهدار" رؤساء الأندية الجزائرية، الذين وصفهم بعض النواب ب"الفراعنة"، للمال العام مقابل الحصول على نتائج رياضية "مخزية"، في موقف وصفه متتبعون للشأن السياسي بمحاولة النواب ل"تضليل" الرأي العام وإبعاده عن قضية مطالب هؤلاء برفع أجورهم إلى حدود 40 مليون سنتيم وامتيازات أخرى، والتي أثارت الكثير من الجدل وقوبلت ب"رفض شعبي" بالنظر للصورة النمطية للبرلمانيين المطبوعة في ذهن الجزائريين. رد المتحدثون إلى "الشروق"، الإثنين، بقوة على اتهامات ومطالب البرلمانيين المرتبطة بإخضاعهم ل"عصا" المحاسبة، ووصف بعضهم فتح ملف أجور الرياضيين ب"المحاولة اليائسة" من قبل النواب، بغرض تحويل اهتمام الرأي العام عن قضية رفع أجورهم إلى 40 مليونا شهريا، وشدد المتحدثون إلى "الشروق" على ضرورة الفصل بين القضيتين لاختلاف مجال الاختصاص، مبرزين بالمناسبة الدور الاجتماعي والسياسي لكرة القدم، والذي أكدوا بأنه يتعدى في الغالب قدرة النواب على حشد الاهتمام الشعبي مهما فعلوا. ودعا المجيبون على أسئلة "الشروق" المتعلقة باتهامات البرلمانيين لرؤساء الأندية الجزائرية، بإهدار المال العام وللاعبين بتلقي أجورهم بمنطق "الشكارة" دون دفع الضرائب والاشتراكات بالضمان الاجتماعي، النواب إلى الالتفات إلى مهامهم المرتبطة في الأصل بخدمة الشعب والعمل على الاستجابة لانشغالاته، بدل الاكتفاء برفع الأيدي والتهليل فقط، مشيرين إلى أن لعب كرة القدم ليس كالجلوس على كرسي البرلمان ووسط المكيفات الهوائية، رافضين بالمناسبة استغلال البرلمانيين لهم من أجل تحقيق مآربهم. هذا وكان نواب المجلس الشعبي الوطني خصصوا، جلسة عرض وزير الشباب والرياضة محمد تهمي لمشروع قانون ينظم الأنشطة الرياضة والبدنية الأربعاء الفارط، إلى "محاكمة افتراضية" انتقدوا فيها بشدة أجور لاعبي ومدربي كرة القدم وتسيير رؤساء الأندية ومسؤولي الرياضة الجزائرية، ونادوا بضرورة محاسبة هؤلاء والتضييق عليهم ب"المحاسبة" تجنبا لما أسموه ب"إهدار" المال العام، في رد فعل أدرجه متتبعون ضمن خانة "الهجوم المعاكس" للبرلمانيين على مثيري قضية أجورهم "الحساسة شعبيا"، مستغلين بالمناسبة ملف اللاعبين والمدربين ورؤساء الأندية لتوجيه الرأي العام نحو قضية أخرى. . سمير زاوي: لا نريد برلمانيين يأخذون صورا مع الوزراء فقط دافع سمير زاوي، قائد جمعية الشلف عن موقف اللاعبين بخصوص هجوم البرلمانيين عليهم، ومطالبتهم بمحاسبتهم نتيجة ما وصفوه بالأجور الخيالية التي يتلقونها، وقال اللاعب الدولي السابق: "بإمكان أي شخص أن يصبح نائبا برلمانيا ولو اختلفت الطريقة، لكن من المستحيل أن يصبح نائب لاعب كرة قدم.. كرة القدم تتطلب الموهبة والإرادة، لأن اللاعبين يقدمون خدمة قريبة للاستعراض للجماهير، ومن هنا لا يمكن أن نتحدث عن قضية الأجور بالطريقة المطروحة من قبل النواب.." . وأضاف: "صحيح أن النتائج ليست في المستوى، وهذا في الكثير من الأحيان يتجاوز اللاعبين، لكن لا يمكن أبدا إنكار ما نصنعه من الناحية الاجتماعية، فنحن نستطيع جمع حوالي 50 ألف متفرج في مباراة واحدة كل أسبوع، والجميع يتابع أخبار الأندية واللاعبين في التلفزيون والجرائد.."، مستطردا: "هل بإمكان نواب البرلمان جمع نفس العدد..؟". هذا وعرج زاوي للحديث عن مطالب البرلمانيين بالقول: "من حقهم الحديث عن رفع رواتبهم، لكن بشرط أن يقوموا بمهامهم على أحسن وجه ويخدموا الشعب الذي يمثلونه بإخلاص.."، مضيفا: "بالنسبة لي 40 مليونا غير كافية بالنظر للمهام المنوطة بالبرلمانيين، ولو كان الأمر بيدي لمنحت صكا على بياض لكل نائب برلماني، لكن بشرط أن يضرب هؤلاء بيد من حديد في قبة البرلمان.. لا نريد برلمانيين يتهافتون على أخذ الصور التذكارية مع الوزراء أو يبحثون عن أرقامهم بعد نهاية عهدتهم، بل نريد أن يتذكرهم الوزراء". . مصطفى جاليت: أجور اللاعبين تفوق أجور البرلمانيين في جميع أنحاء العالم أوضح مهاجم مولودية الجزائر مصطفى جاليت، هداف البطولة في الموسم المنقضي، أنه لا مجال للمقارنة بين أجور لاعبي كرة القدم والنواب البرلمانيين، لأن هذا لا يستند لأي منطق، فلكل واحد دوره في المجتمع وعمله، وقال جاليت "علينا أن نطور قليلا من تفكيرنا ونتعلم ممن هم أحسن منا، فأجور اللاعبين تفوق أجور البرلمانيين على مستوى جميع بلدان العالم". وأضاف هداف البطولة: "هل يمكن أن نقارن بين الزيت والماء؟ إنه أمر غير معقول تماما، وهكذا الأمر بين أجور اللاعبين والبرلمانيين، علينا أن نطور قليلا من تفكيرنا، ففي جميع البلدان تعتبر أجور اللاعبين أعلى من أجور النواب.. هذا شيء عادي جدا، ولم أفهم سبب الضجة الكبيرة التي تحدث في كل مرة حول قضية أجور اللاعبين والمطالبة بضرورة تسقيفها ليس فقط من جانب النواب، فحتى من أطراف أخرى"، مضيفا: "رغم الإمكانات الكبيرة التي تزخر بها بلادنا، لكننا لحد الآن لم نبلغ بعد درجة الاحتراف الحقيقية، على النواب مساندة لاعبي كرة القدم والرياضيين بصفة عامة، وتقديم الدعم المعنوي لهم وليس العكس". . عبد الكريم مدوار: 80 بالمائة من اللاعبين أميون وأجورهم خيالية والبرلمانيون الأقل دخلا يرى عبد الكريم مدوار، الناطق الرسمي لفريق جمعية الشلف والنائب في المجلس الشعبي الوطني بأن الضجة الأخيرة التي أثيرت بخصوص رفع أجور البرلمانيين غير صحيحة، واصفا إياها بالكذب والبهتان في حق البرلمانيين، مؤكدا بأن أجور البرلمانيين لا تتجاوز في الوقت الحالي مبلغ 25 مليون سنتيم "بإمكاني منحكم كشف أجرتي الذي لا يتعدى 25 مليونا" قال مدوار، الذي أضاف بأن أجر النائب هو الأدنى في الجزائر مقارنة بسلم أجور الإطارات السامية للدولة، على غرار الجنرالات، الوزراء والولاة. وقبل الخوض في مسألة الأجور المرتفعة للاعبي كرة القدم، انتقد عبد الكريم مدوار سياسة الكيل بمكيالين فيما يخص مقاييس تمويل الأندية المحترفة من طرف بعض الشركات الوطنية الكبرى، على غرار مؤسسة سوناطراك، معتبرا بأنه لا توجد عدالة في تمويل بعض الأندية على حساب أخرى من طرف الدولة. في نفس السياق، تساءل عضو المجلس الشعبي الوطني: "كيف يمكن لموظف بسيط في مؤسسة عمومية يتقاضى أجرا من هذه الأخيرة أن يقود المفاوضات مع لاعبين يتحصلون على أجور تتجاوز 20 مليونا في الشهر؟". من جهة أخرى، وبخصوص مطالبة بعض الأطراف بضرورة تسقيف أجور اللاعبين، قال عبد الكريم مدوار أن عملية تحديد الأجور ينبغي أن تكون عقلانية، متسائلا: "كيف يمكن منح لاعب إحتياطي أجرة شهرية تتجاوز 200 مليون؟". إلى ذلك أكد مدوار بأن 80 بالمائة من اللاعبين الجزائريين أميون ولكنهم في المقابل يتقاضون أجورا خيالية. . عبد الكريم يحلى: أنا مع تسقيف أجور اللاعبين والفاف مسؤولة عما يحدث طالب الرئيس السابق لمنتدى الأندية المحترفة، عبد الكريم يحلى بضرورة تسقيف أجور اللاعبين ووضع حد للفوضى السائدة في هذا المجال، معتبرا بأنه من غير المعقول المواصلة في نفس السياسة، في وقت أن جميع الأندية المحترفة تشتكي من الأزمة المالية. وأوضح الرئيس السابق لوداد تلمسان بأن الأجور الكبيرة التي يتقاضاها اللاعبون، والتي تتجاوز أحيانا 300 مليون سنتيم، تتناقض وواقع الأندية، معتبرا بأنه بالرغم من تحديده سقف 60 مليونا كأعلى أجر بالنسبة للاعبي وداد تلمسان على سبيل المثال، إلا أن ذلك لم يشفع لفريقه الذي كان مصيره في نهاية الموسم النزول إلى القسم الثاني. في نفس السياق، قال يحلى بأن المردود الذي يقدمه اللاعبون فوق الميدان لا يعكس المقابل المادي الذي يتحصل عليه هؤلاء اللاعبين، مؤكدا على مسؤولية الفاف فيما يحدث، والتي يطالبها بضرورة التدخل لوضع حد للفوضى السائدة في هذا المجال. من جهة أخرى، أكد يحلى بأن عملية تسقيف الأجور ستكون مفيدة للأندية وهذا من خلال التكوين والاستثمار في الفئات الصغرى. . حسان حمّار: لسنا "فراعنة"، سقّفت أجور اللاعبين ونتائجي رد على اتهامات ب"الفشل" رفض حسان حمّار، رئيس وفاق سطيف، الاتهامات الموجهة لرؤساء الأندية من قبل نواب البرلمان، الذين وصفوا بعض المسيرين ب"الفراعنة"، قيادتهم للنوادي إلى تسجيل نتائج هزيلة رغم الأموال الطائلة التي توضع تحت تصرفهم، وقال ردا عن سؤال الشروق: "لسنا فراعنة.. بالنسبة لي أنا أعمل كمتطوع في وفاق سطيف والجميع يعرف ذلك، وإذا تحدثنا عن النتائج فإن ما حققته في وفاق سطيف خلال موسمين، هو رد صريح على الاتهامات المتعلقة بالفشل وتسجيل النتائج الهزيلة"، مضيفا: "الوفاق نال الثنائية الموسم الفارط بميزانية لا تتعدى 36 مليار سنتيم، وهو مبلغ شمل حتى خرجات الوفاق إلى الخارج في المنافسة القارية.. في موسمين نلنا بطولتين، وكأسين للجزائر في صنف الأكابر وأقل من 17 سنة". وقال حمّار إنه يرفض الخوض في جدل مباشر مع نواب البرلمان بسبب قضية الأجور، قائلا: "لست رجلا سياسيا ولا أملك ميولا في هذا المجال، وأفضّل أن يبقى الجدل رياضيا فحسب"، مضيفا بخصوص قضية أجور اللاعبين المثيرة للجدل والمولدة لحفيظة البرلمانيين، "كنت أول من سقّف أجور اللاعبين في وفاق سطيف، حتى قبل أن يتحدث عنها أي طرف، من هذه الناحية نحن في وفاق سطيف نعتمد على سياسة عقلانية نحرص على أن لا تتجاوز حدود المعقول"، قال صانع ألقاب الوفاق في الموسمين الأخيرين، مشيرا إلى أن خطط النادي المستقبلية ترتكز أساسا على تسجيل نتائج كبيرة على المستوى القاري وفي رابطة الأبطال الإفريقية على وجه التحديد. . كريم معمري: أيها النواب اهتموا بمشاكل الشباب فاللاعبون يجتهدون لنيل رواتبهم قال كريم معمري، لاعب وفاق سطيف، إن على نواب البرلمان الجزائري، أن يهتموا بمشاكل المواطنين ويحاولوا إيجاد حلول لها، عوض أن يتحدثوا عن رواتب لاعبي كرة القدم. وصرح معمري "للشروق"، أن مشوار اللاعب المحترف جد قصير، وهو يساهم في الحد من الآفات الاجتماعية: "يجمع لاعبو كرة القدم، في كل أسبوع عددا كبيرا من الشباب في كل ولايات الوطن، بحيث تعد الملاعب هي المتنفس الوحيد للجماهير الجزائرية، في ظل المشاكل و ضغوطات الحياة اليومية التي يعانون منها"، وأضاف معمري، بأنه لا يمكن للنواب أن يحققوا و لو جزء بسيط مما تفعله كرة القدم في الجزائر: "ما دام هؤلاء النواب يتحدثون عن رواتب اللاعبين المحترفين، فعليهم أن يوقفوا النشاطات الرياضية في الجزائر، ويجتمعوا في كل أسبوع مع ملايين الجزائريين، ويستمعوا لمشاكلهم" ثم أعقب: "الجميع يقر بأن كرة القدم هي المتنفس الأول للشباب الجزائري، ولا يمكن للنواب أن يقوموا بنفس الدور الايجابي الذي تقوم به الرياضة الجزائرية بصفة عامة، وكرة القدم على وجه الخصوص، وأنصح النواب أن يهتموا بمشاكل المجتمع لا برواتب اللاعبين". وتابع يقول: "اللاعب المحترف يقتات من الرياضة، وهو يتدرب كل يوم، ويحاول أن يشرّف ألوان الفريق الذي يلعب له في كل ولاية من ولايات الوطن، وعلى النواب أن يقوموا بنفس الدور ويكونوا عند حسن ظن الأشخاص الذي صوتوا عليهم، و يساهموا في التنمية الاجتماعية"، وختم معمري يقول: "آمل أن يهتم النواب أكثر بأمور الشبيبة، ويساهموا في تحسين ظروف معيشة المواطن". . ياسين بزاز: على النواب التزام الصمت لأن أجور لاعبي كرة القدم عادية طالب اللاعب الدولي ياسين بزاز، مهاجم شباب قسنطينة، البرلمانيين بالصمت وعدم الحديث مجددا عن أجور لاعبي كرة القدم، مشيرا إلى أن رياضة كرة القدم هي رياضة شعبية عالمية، وما يتقاضاه اللاعبون في الدول المتطورة والمجاورة على وجه الخصوص يفوق ما يناله اللاعب الجزائري عشرات الأضعاف. وقال بزاز في تصريح "؛للشروق" أمس: "أولا أنا لست ضد فكرة الزيادة في رواتب نواب البرلمان، لكن على هؤلاء أن يقوموا بواجباتهم على أكمل وجه، ولا أظن أن الحديث عن أجور اللاعبين من واجباتهم، عليهم بالتزام الصمت واحترام بقية المهن والشخصيات الأخرى، كرة القدم هي رياضة عالمية والكثير من حكومات الدول توليها اهتماما كبيرا وتسعى لتطويرها، كما تستغلها لتهدئة شعوبها بالنظر لشعبيتها، وهنا يتضح جليا أن لكرة القدم دور فعال أيضا في العمل السياسي"، مضيفا: "كرة القدم هي مهنة المخاطر واللاعب معرض للإصابات في أي مقابلة، كما أن مشواره المهني قصير، وبالتالي يجب النظر في مثل هذه الأمور قبل الحديث عن ارتفاع أجرته الشهرية، أؤكد لهؤلاء الذين يقارنون بين أجرة البرلماني ولاعب كرة القدم في الجزائر، أن أجرة اللاعبين على مستوى الدول المتطورة تفوق ما يتقاضاه اللاعب الجزائري عدة أضعاف، لا نذهب بعيدا أنظروا إلى جيراننا في تونس، المغرب ومصر، أجور اللاعبين هناك تفوق أجورنا، علينا أن نكون واقعيين ولا نتحدث من فراغ فقط".
