يستعرض الباحث في الاستراتيجية، الضابط السابق في المخابرات العسكرية، محمد شفيق مصباح، أسباب دفعه بورقة الرئيس السابق، ليامين زروال، لقيادة البلاد في مرحلة انتقالية، رفقة أكبر المرشحين المفترضين لرئاسيات 2014، مؤكدا على دور يقول إنه يتعيّن على المؤسسة العسكرية أن تلعبه، وإمكانية لعبها دور الضامن في عملية الانتقال الديمقراطي، كما حصل سابقا في إسبانيا والبرتغال. كما يتحدث عن البعد الخارجي في اختيار الرئيس القادم للجزائر، ومحاولات الولاياتالمتحدة التمكين للتيار الإسلامي، مقابل تشبث فرنسا بدعم التيار الديمقراطي، الذي يعتبره شفيق مصباح، غير موجود على الأرض. قال أن بوتفليقة نجح في الفصل بين المؤسسة الأمنية وقيادة الأركان الفراغ الفاحش أعاد المؤسسة العسكرية للواجهة قدّر المحلل السياسي والباحث في الاستراتيجيات، محمد شفيق مصباح، أن "الفراغ السياسي" الذي تعيشه البلاد، أعاد المؤسسة العسكرية إلى المعترك السياسي، وقال: "المؤسستان العسكرية والأمنية، ربما أقحمتا في الحقل السياسي حاليا بدون رغبة منهما، وذلك بسبب الفراغ السياسي الفاحش الذي غرقت فيه البلاد". وأوضح الضابط المتقاعد، أن بروز المؤسسة العسكرية بشقيها، قيادة الأركان وجهاز الاستعلام والأمن، كفاعلين في الساحة السياسية يعود إلى العام 2004، في إشارة إلى الصراع الذي رافق انتخاب الرئيس بوتفليقة لعهدة ثانية، وذكر أنه يتفق تماما مع ما جاء على لسان قائد أركان الجيش يومها، محمد العماري، الذي دعا المؤسسة العسكرية إلى الخروج من الحياة السياسية. وأضاف مصباح الذي نزل ضيفا على منتدى "الشروق"، أن "ما وقع فيما بعد من تضييق على الساحة السياسية هو الذي دفع بالمؤسستين إلى الواجهة". وتابع مصباح: "هناك فراغ سياسي فاحش ومخيف، ولم تبق سوى مؤسستين واقفتين هما المؤسستان العسكرية والأمنية، ولذلك فهذا الكلام موجه لهاتين المؤسستين"، لافتا إلى أنه حتى البعد الخارجي يدرك هذا المعطى، بينما كان بصدد الحديث عن تصريح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي تحدث عن "وجود مؤسسات قوية في الجزائر". وعاد شفيق مصباح إلى عشرية التسعينيات، ليشرّح علاقة السلطة السياسية بالمؤسسة العسكرية، موضحا أن هذه الأخيرة كانت أداة بيد السلطة السياسية، غير أن فترة المجلس الأعلى للدولة، شكلت فرصة لتغوّل هذه المؤسسة، وتحولت من مجرد أداة إلى فاعل أساسي في اللعبة السياسية. وإن استبعد أي طموح سياسي لدى القادة العسكريين الجدد، أكد المتحدث أن دور المؤسسة العسكرية تطور بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وبات يؤدي أدوارا أخرى، منها مكافحة الفساد، ومحاربة التجسس أكثر من اهتمامها بالقضايا السياسية الداخلية، وهو المعطى الذي قال إنه استقاه من أصدقاء له في المؤسسة. ولاحظ مصباح أنه "منذ مجيء بوتفليقة إلى الحكم، وقع شيء جديد وهو ما يتعلق بالوضع الداخلي للمؤسسة العسكرية والأمنية، حيث أن بوتفليقة تمكن من الفصل بينهما، وعرف كيف يكسر وحدة المؤسستين، لأن في السابق كانت المؤسسة العسكرية موحدة وقادرة على التوغل في الحقل السياسي، ولها القدرة الكافية من حيث الأفراد والعتاد وامتلاك المعلومة". ولكن يعتقد مصباح في نفس الوقت أيضا، أن المخاطر التي تحوم على الجزائر وعلى المؤسستين في حد ذاتهما، قد تعجّل بلم الشمل مجددا بينهما. واستبعد الضابط السابق في المخابرات، أن تقوم المؤسسة العسكرية بمعية الأمنية بانقلاب عسكري، وقال "هذه الفرضية ابتعدنا عنها تماما بالنظر للتركيبة الجديدة للمؤسسة العسكرية، وكذلك بالنظر لتطور الوضع الداخلي في الجزائر، وكذا الظرف الإقليمي والدولي". وأضاف مصباح أن المؤسستين العسكرية والأمنية، لا يمكن لهما كذلك أن تنصبا رئيسا لا يحظى بتأييد شعبي بالطريقة القديمة، وقال "هل تعتقدون أن المؤسسة العسكرية ستأتي بأحمد أويحيى، فوق دبابة وتفرضه على الشعب الجزائري؟ أبدا. هذا العهد ولّى"، في حين أنها تملك القدرة على التأثير في المجتمع الافتراضي (الأحزاب والجمعيات)، "لأن قيادات الأحزاب والجمعيات إذا تلقت إشارات من المؤسسة الأمنية، فستنجز حرفيا ما أُمرت به، ضاربا بذلك مثال اللجنة المركزية للأفلان التي ستنعقد بمجرد إشارة بسيطة من المؤسسة الأمنية".
المؤسسة العسكرية ضامن لحدوث تحوّل ديمقراطي زروال الوحيد القادر على حفظ كرامة الرئيس بوتفليقة جدّد شفيق مصباح، نداءه للرئيس الأسبق اليامين زروال، من أجل تولي مرحلة انتقالية لا تتعدى سنتين، وأكد أنه على يقين بأن زروال، هو الرجل الوحيد الذي سيحفظ كرامة الرئيس الحالي في حال خروجه من السلطة. وقال مصباح ردا على سؤال بشأن إصراره على طرح زروال، كبديل لمرحلة ما بعد الرئيس بوتفليقة، رغم رفضه العودة للمعترك السياسي: "لا يمكن أن أواجه زروال بالمنطق السياسي من أجل إقناعه، وإنما نأتيه عبر الجانب المعنوي والخلقي، ونؤكد له بأن الشعب هن من يطلبه وليس المؤسسات". وأضاف: "أنا لا أجزم بموافقة الرجل، لكن أنا متأكد بأنه سيعطي الاهتمام الكافي إذا وجهت له طلبات من هذا الباب، وأعتقد أن المجال لا يزال مفتوحا ويجب ألا نغلق الأبواب". وأوضح شفيق مصباح، أن طرحه ورقة زروال نابع من تخوفه على استقرار البلاد، لأن الوضع الحالي كما يقول لا يمكن أن يستمر إلى 2014، ويقول: "أعتقد أن الذهاب إلى انتخابات مسبقة في مصلحة الرئيس الحالي والجزائر، وأن أصحاب المصالح هم من يريدون تمديد عمر الوضع الراهن". وتحدث الضابط المتقاعد عن حفظ كرامة الرئيس بوتفليقة، بعد خروجه من السلطة: "يجب أن نوفّر له الشروط للخروج في عزّة وكرامة، وأن يخلفه من يوليه الاحترام والتقدير. أخاطب من جديد من بيدهم الحل والعقد، أنظروا إلى ما يجري في تركيا والبرازيل، رغم نجاحهما الاقتصادي، فهناك نفسيات في المجتمع لا يمكن إسكاتها بتوزيع الريع النفطي عليها. نحن بحاجة إلى الاستجابة لانشغالات قد لا تمر بالضرورة عبر توزيع الريع". وانتقد شفيق مصباح، التحليلات التي ذهبت إلى تفسير طروحاته على أنها دعوة للانقلاب على الشرعية، وقال: "لا بد أن نوضح أني طرحت زروال بشرط أن يمر على الانتخابات كما هو محدد في الدستور، وألا يوضع بأمر فوقي. هناك من قال إنني طالبت بانقلاب، أنا أطالب بانتخابات يكون فيها الرئيس زروال، مرشح أجماع ويكون هناك مرشحون آخرون بمن فيهم حمروش وبن فليس وبن بيتور وعبد الرزاق مقري إلى جانبه، ويشكلون المجموعة التي تسيّر المرحلة الانتقالية في ظرف سنتين، في انتظار إجراء انتخابات جديدة، وبعدها كل واحد منهم يقرر مصيره، ومن أعطاه الشعب فمبروك عليه". وتابع: "في المرحلة الانتقالية يتم الاتفاق على ميثاق سياسي وطني يجمع بين جميع الأطراف، وإنشاء مجلس تأسيسي توكل له مهمة النظر في قضايا الفساد التي تورط فيها محيط الرئيس، لأنه يستحيل أن يطوى ملف شكيب هكذا بسهولة. فمن هو الرئيس الذي يمكن أن يواجه شعبه وهو يطوي ورقة شكيب خليل، هذا غير مقبول. كما أنه على زروال أن يقبل بأن لا يترأس البلاد أكثر من سنتين، هذا هو التصور الشامل الذي أردته. أما شخص الرئيس فأنا أقترح أن يكون هناك قانون خاص وصريح لحمايته. فمرحلة التحوّل الديمقراطي يمكن أن تكون هناك أمور استثنائية. أين المشكل إذا استثنينا رئيسا من قضايا فساد". وقلّل الضابط المتقاعد، مما قد يعطي تقلد جنرال سدة الرئاسة، من قراءات قد لا تلقى الترحيب داخليا وخارجيا، قائلا: "هناك اختصاص يسمى في العلوم السياسية، علم مراحل التحول الديمقراطي، وهو علم قائم بذاته، يتناول بالدراسة والتحليل مثل هذه القضايا، هذا من جهة، كما أن المؤسسة العسكرية يمكن أن تلعب دور الضامن في الانتقال الديمقراطي، ولعل الأمثلة على ذلك كثير، نذكر منها البرتغال وإسبانيا، اللتان لعبت فيهما المؤسسة العسكرية دورا كبيرا في التحول الديمقراطي، وهو الذي نتمنى أن يحدث في الجزائر". ولاحظ المتحدث أن وجود شخصية بمواصفات زروال، الذي يكن له أبناء المؤسسة العسكرية الاحترام والتقدير، في قيادة المرحلة الانتقالية من شأنه أن يساهم في إقناع الفاعلين في "المؤسسة العسكرية والأمنية بالمساعدة على التحوّل الديمقراطي لكي نقفز إلى فترة جديدة تماما، تجعل مهام هذه المؤسسة تقليدية بامتياز، لأن في هذه الفترة القصيرة لا يزال هناك إن صح التعبير بقايا النظام السابق وبلطجية الاقتصاد. هؤلاء الذين يحلقون في الدائرة الرئاسية، سيكون لهم تأثير سلبي وقد يلجؤون إلى سياسة الأرض المحروقة، لذلك يجب على الجميع أن يتخوف منهم كثيرا في الفترة القصيرة، وأن نعطي لهم العناية الكافية". مضيفا: "أنا على يقين من باب معرفتي بزملائي السابقين في المؤسستين العسكرية والأمنية، أن لديهم رغبة في التنحي عن العمل السياسي". ولاحظ المتحدث أن دولا مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، لا تجد مانعا في التعامل مع المؤسسة العسكرية، وفي ذلك مؤشر على أنها مستعدة لأن تقبل دورا قد تلعبه المؤسسة العسكرية، وذكر بهذا الخصوص: "إذا نظرنا مثلا للولايات المتحدةالأمريكية، فنجد أن المؤسسة الوحيدة التي تتعامل معها بجد في الجزائر هي المؤسسة الأمنية، وقد تعطي لها أهمية أكبر من تعاملها مع الجهات الحزبية التي ليس لها أي تأثير في المجتمع". وأضاف موضحا: "الدول الأجنبية والغربية على وجه الخصوص، لا ترى إلا مصالحها. هي ليست بحاجة إلى جزائر غير مستقرة، وليست بحاجة لجزائر قد تكون خطرا عليها من ناحية القوة، فبين هاتين الوجهتين ترى ما هو موجود في الساحة، وتنظر بعين الاهتمام إلى جهود توحيد التيار الإسلامي، المؤسسة العسكرية هي القوة الوحيدة القادرة على الوصول إلى حل سياسي يرضي الجميع".
دعا إلى احترام بوتفليقة ومراعاة مرضه النظام أظهر صور الرئيس بوتفليقة ك"غنيمة" عاب المحلل السياسي والباحث في الاستراتيجيات، محمد شفيق مصباح، إظهار الرئيس بوتفليقة في تلك الصورة على شاشة التلفزيون، حيث أطل الرئيس في صورة توحي وكأنه استعمل كدمية وقُدم كغنيمة للرأي العام. رفض شفيق مصباح الخوض في ملف مرض رئيس الجمهورية، باعتبار أن الأمر يخص الرئيس بوتفليقة وعائلته فقط، إلا أنه أكد بأنه يتميز عن غيره من المحللين، كونه لا يرى مانعا في تناول القضية من الناحية السياسية وعلاقة غياب الرئيس بالدولة، وقال: "الوضع خطير ولا بد من حل". وعاد مصباح للحديث عن شريط الفيديو الصامت الذي أظهر فيه التلفزيون الرسمي مؤخرا رئيس الجمهورية ببهو مركز "ليزانفليد" بالعاصمة الفرنسية رفقة الوزير الأول عبد المالك سلال وقائد الأركان قايد صالح، قائلا: "صور الرئيس كما بدت في التلفزيون، لا تريحني بتاتا، وأنا أتأسف لأن الرئيس استعمل كدمية وغنيمة، وكأنهم يريدون أن يقولوا ها هو الرئيس حي يرزق". ودعا من وصفهم بالذين بيدهم زمام الأمور إلى احترام الرئيس ومراعاة مرضه، وعدم تكليفه ما لا طاقة له به". ودعا مصباح المؤسستين العسكرية والأمنية إلى عدم المشاركة في هذه المسرحية: "احترموا الرئيس ولا تبثوا صوره وهو في هذه الحالة، لأنني أعتقد في النهاية أن سمعة الجزائر هي التي تمس". ويرى مصباح أنه عوض إظهار الرئيس في تلك الصور، بهدف الحفاظ على الوضع القائم إلى غاية نهاية العهدة الحالية للرئيس في أفريل 2014، كان على أولي الأمر التفكير الجدي في المرحلة السياسية الجديدة، باعتبار أن الحديث عن العهدة الرابعة طوي تماما ولا يمكن لشخص عاقل أن يطرح احتمالا من هذا القبيل". ويرى الضابط السابق في المخابرات، أن يكون للرئيس بوتفيلقة نصيب في اختيار خليفته، وذلك في حالة واحدة فقط، وهي في حالة ما إذا تم المصادقة على تعديلات الدستور الجديد، التي كان ينوي بوتفيلقة إدخالها. ويعتقد مصباح أن يتم استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، في الدستور الجديد، حيث سيتكفل هذا الأخير بإتمام ما تبقى من عهدة بوتفليقة الرئاسية. ودون ذلك، يجزم مصباح بأن بوتفليقة لن يكون له أي دور في المشهد السياسي المقبل للبلاد، إلا في حال ما إذا لجأت الحلقة السياسية إلى العنف. وهنا لا يمكن الحديث بأن يتمكن شقيق الرئيس من أن يلعب دور الرئيس ودور رئيس الحكومة ودور قائد الأركان، وقال: "دون ذلك، أقولها بصراحة إن القطار قد فات". وطعن مصباح في المقابل في مصداقية المؤسسات المنتخبة، فلا مجلس النواب ولا مجلس الأمة لهما الشرعية الكافية للتعاطي مع القضايا المصيرية للبلاد". وأضاف بالقول: "بصراحة، مع كل احتراماتي لبن صالح وولد خليفة، وهما صديقان، لا أعتقد أنهما باستطاعتهما أن يتجرآ ليقولا إنهما يمثلان الرأي العام الوطني باعتبار أنهما انتخبا بنسبة 20 بالمائة فقط". واستدل المتحدث بحديث الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، عن وجود مؤسسات قوية في الجزائر، حيث "لم يقصد غرفتي البرلمان، بل كان يقصد المؤسسة العسكرية والأمنية".
فرنسا لديها عقدة من الإسلاميين وتراهن على تيار لا وجود له أمريكا تسعى منذ 20 عاما لإقامة جسر بين الاسلاميين والعسكر أكد الخبير في الشؤون السياسية أن هناك دوائر خارجية لها تأثير في اختيار رؤساء الجزائر، خاصة فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي. وأوضح مصباح انه بخصوص الولاياتالمتحدة فهي دولة براغماتية، ولكن في نفس الوقت لها قدرة كبيرة في التنظير، فقد لعبت مخابرها حسبه دورا هاما في التحولات التي شهدتها المنطقة العربية مؤخرا، حتى وإن لم تتحكم ميدانيا في الأوضاع. وتابع ضيف "الشروق" "أن من هذا الجانب فالولاياتالمتحدة ومن خلالها المجتمع الغربي، تيقنت بأن عهد التيار الوطني ولّى، والبديل يكمن في التيارات الاسلامية، وهذا خط رئيسي في الاستراتيجية الأمريكية، لكن بالموازاة الولاياتالمتحدة تدرك بأن هناك فراغا سياسيا كبيرا في الجزائر، والمؤسستين الأمنية والعسكرية تلعبان دورا هاما في تغطية ذاك الفراغ". وأضاف أن العلاقات الثنائية بين المؤسستين والولاياتالمتحدة وطيدة جدا "إن لم أقل استراتيجية، وما يجب أن نتفق عليه هو أن الولاياتالمتحدة ترى أن المؤسسة العسكرية حاضرة في أي مشروع سياسي مستقبلي للبلاد". ولكن في نفس الوقت تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية - يقول مصباح - منذ عشرين سنة، إلى إقامة جسر بين المؤسسة العسكرية والأمنية من جهة، والتيار الاسلامي من جهة أخرى، مبرزا بأن أمريكا تفكر جديا في هذا الأمر، وهي تعلم جيدا أنه لا بد وأن يكون هناك توافق بين الطرفين في إطار متفق عليه. وأوضح أن ذلك يكون باحترام التيار الإسلامي قواعد اللعبة الديمقراطية، مقابل قبول المؤسسة بوجود هذا التيار، وقال "فعاجلا أم آجلا، سنرى هذه الفرضية تتجسد على الأرض، وأنا متيقن أن المجموعة الغربية تسعى إلى هذا الحل، من خلال تمدين التيار الإسلامي، وقد وقفنا على هذا من خلال ما حدث في تونس ومصر وتركيا قبلهما". في المقابل، يرى مصباح ان فرنسا لها مركب نقص تجاه التيار الاسلامي، وتعمل بدورها على أن يكون هناك تيار ديمقراطي قوي تراهن عليه، "لكن للأسف التيار الديمقراطي غير موجود في الجزائر، لا بالنسبة للشخصيات ولا الأحزاب أو الجمعيات"، مبرزا أن فرنسا لاتزال رهينة سياسة "افريقيا الفرنسية" ولاتهمها سوى مصالحها وفقط. ويعتقد المتحدث أنه "إذا كانت هناك قيادة وطنية جريئة في الجزائر، فالنفوذ الفرنسي سينقص، كما كان في عهد بومدين، حتى وإن كان متوسطا، إلا أنه لم يكن بدرجة نفوذ فرنسا في الوقت الراهن".
لهذه الأسباب عينه بوتفليقة وزيرا أول على سلال أن يدفع الثمن إذا قرر الترشح للرئاسيات يرى ضابط المخابرات السابق، أن تعيين عبد المالك سلال في منصب الوزير الأول، حركه اعتقاد لدى رئيس الجمهورية بأن سلال ليس له أي طموح سياسي، وحذر من أن ينتهي مصيره إلى المجهول في حال خرج عن هذا الاعتقاد. وقال مصباح: "بصراحة، ربما لا أتفق سياسيا معه، ولكن هو صديق حميم. فلا تنتظروا مني أن أطعن فيه. وبالمقابل قلت عشية تنصيبه وزيرا أول، بأن تعيينه جاء نتيحة لثلاثة أمور، أولها الثقة التي يحظى بها لدى رئيس الجمهورية، ثانيا قدرته على الاستماع إلى جميع الشركاء، وثالثا ليس لديه أي طموح سياسي، وقد قلت لسلال ذلك". وأعرب المتحدث عن أمله في أن "يبقى سلال بعيدا عن أي طموح سياسي، لكن إن تغلب عليه الطموح فلا بد أن يتأقلم مع الأوضاع وعليه أن يدفع الثمن"، ويرى المحلل السياسي أن الزيارات التفقدية التي يقوم بها الوزير الأول للولايات سابقا قبل (مرض الرئيس) كان بهدف التحضير لعهدة رابعة للرئيس بوتفليقة، باعتبار أن القضية كانت محسومة وقتها". وتساءل شفيق مصباح "إن كان سلال سيواصل هذه الحملة، في حين أن العهدة الرابعة غير واردة تماما، ولكن إن كان هو الآن يرى انه مستعد لخلافة بوتفليقة، فهذا الأمر أعتقد أنه صعب، لكن هناك حديثا كما تعلمون عن إمكانية تعديل الدستور واستحداث حتى في الوضعية الحالية منصب نائب الرئيس، وربما هنا تفكير أن يتولى سلال هذا المنصب"، أو لكون سلال يحضر نفسه كمرشح لرئاسيات 2014، كما أنها قد تكون فقط لتهدئة الوضع الاجتماعي.. وبرأي ضابط المخابرات السابق، فإن الثمن الذي سيدفعه سلال في نظره، هو أن "يواجه مترشحين وأن يدخل في المعترك السياسي"، مضيفا "أن المجريات الميدانية ستوضح لنا إن كان قادرا على ذلك". وتابع: "بالطبع له الحق في الترشح وأن يطمح في هذا المنصب، ولكن لا بد أن يمر عبر المعترك السياسي وبالتالي عبر الانتخابات، لأنه من يعتقد أن هناك احتمال أن تنصب المؤسسة العسكرية والأمنية سلال أو أي شخص آخر، رئيسا، فإن هذا العهد قد ولّى، ولن يقبله الرأي العام الوطني ولا الدولي".
بلخادم سيجد المؤسسة العسكرية جدارا متينا له أويحيي تلميذ نجيب، لكنه انتهى سياسيا... ومقري تفطن بنقل حمس للمعارضة وصف محمد شفيق مصباح، الوزير الأول الأسبق، أحمد اويحيي بأالتلميذ النجيب"، إلا أنه جزم بنهايته سياسيا كرجل ظل ثابتا في كافة الحكومات التي تعاقبت على البلاد منذ منتصف التسعينيات. وقال مصباح: "إن استمرار أويحيى في هرم السلطة لمدة ليست بالقصيرة راجع لكون الرجل يقبل بالعمل تحت كل الشروط، وبالمقابل عرف كيف يسير النظام من الداخل بعد أن قبل بكل شروطه". ولاحظ المتحدث أن بروز أويحيى جاء في ظرف خاص، ميزه سيطرة ما يعرفون من يسمون ب"الاستئصاليين الجانفيين" على مقاليد السلطة، وهم الذين أوقفوا المسار الانتخابي في عام 1992، وذكر شفيق أن أويحيى كان يحظى بثقة هؤلاء. واستبعد ضيف "الشروق" أية عودة محتملة للأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي، إلى المناصب السامية في الدولة، وأرجع ذلك لكون من كان يدافع عنه، ليسوا داخل المؤسسة العسكرية، وليس لهم أي نفوذ عليها، مضيفا أنه في حال ما اذا كان أويحيي يعتقد أن له حظا في أنه سيحوز على تاييد شعبي لدخول معترك رئاسيات 2014، فأنا اشك في ذلك... وأقول "إن اويحيي انتهى سياسيا". وبخصوص غريم أويحيي الذي كان يتداول معه رئاسة الجهاز التنفيذي، الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، قال مصباح: "حتى إذا ترشح بلخادم للرئاسيات، لا أرى انه سيفوز، لأن هناك جدارا متينا من المؤسسة العسكرية والأمنية يقفان ضده. واعتبر المتحدث حصيلة بلخادم في الأفلان "كارثة حقيقية، وأنا لا أعنيه شخصيا ومادام الأفلان على هذه الوضعية فهو سيزول عاجلا أم آجلا، والذين هم مسؤولون على الجبهة حاليا سيدفعون الثمن أمام التاريخ وأمام الله". وبشان وجحود الحزبين بدون قيادة منذ ما يزيد عن نصف عام، رد: "قيادات هذه الأحزاب مرتبطة بالنظام، ومادام الإيعاز لم يأت بعد، فالأزمة ستبقى مستمرة"، وأضاف: "لقد تفطن مقري وعرف أن التصاق حمس بالنظام خطير جدا. المكان الطبيعي لأي حزب هو أن يكون مستقلا عن أي جهة، وهو الذي يسير النظام وليس العكس".