كشفت عائشة بركاتي رئيسة الجمعية الجزائرية لمحو الأمية "اقرأ" أ أكثر من 700 الف طفل جزائري لم يلتحقوا مقاعد الدراسة هذه السنة بسبب ظروفهم الاجتماعية المزرية . هذا الرقم أكدته منظمة العمل الدولية من خلال تقريرها السنوي حول واقع الطفولة في العالم العربي. وبينت رئيسة جمعية اقرأ أن 200 ألف طفل غير مسجلين على مستوى المدارس سنويا، و500 ألف طفل آخرين يتركون مقاعد الدراسة بسبب الظروف الاجتماعية المزرية. فيما أفادت وزارة التربية الوطنية أن الدخول المدرسي هذا العام سجل نقص129000 تلميذ في الطور الأول مقارنة بالسنة الماضية. حيث تقلص العدد من 4079000 سنة 2006 ألى 3950000 سنة 2007 . وتشير آخر الإحصائيات المتعلقة بظاهرة التسرب المدرسي بالنسبة لتلاميذ السنة السادسة ابتدائي سنويا إلى نحو 7,73 % من مجموع التلاميذ الجزائريين المتمدرسين، وتصل النسبة حدود ال8 % بالنسبة لتلاميذ مختلف أقسام الطور المتوسط، فيما تبلغ حدود ال23 % في نهاية هذا الطور. وعلى الرغم من مجانية التعليم في الجزائر فللفقر دوره؛ إذ يقترن التعليم بمصروفات مباشرة أو غير مباشرة إضافة إلى محدودية العائد الاقتصادي، فضلاً عما يقتضيه استكمال التعليم الأساسي من كفاح الأطفال لإعالة أسرهم والوفاء بحاجياتها في مقابل نيل شهادات يصعب ترجمتها إلى قيمة اقتصادية واجتماعية، وبين هذا وذاك فإن ما يقرب من90% من التلاميذ يبلغون الصف الخامس من المرحلة الأولى، لكن عدد الذين يستكملون إلى المرحلة الثانية يتقلص إذ لا يزيد عن طالبين من بين كل ثلاثة طلاب في الجزائر. فبينما يلتحق 60 بالمائة من التلاميذ بالإكماليات يجد 40 بالمائة منهم أنفسهم في الشارع، وإذا كانت معدلات الرسوب في المستوى الثاني مرتفعة بالجملة فهي تظل أقل لدى الإناث 24% مقابل الذكور 32 %. مدارس بعيدة عن المداشر رغم اعلان وزارة التربية الوطنية عن وجود 7،6 مليون تلميذ في المدارس الجزائرية سنة 2007 تبقى هذه الأرقام غير متكافئة عبر التراب الوطني، حيث يقل عدد المتمدرسين في المناطق النائية التي تبعد فيها المدارس عن المداشر والمناطق السكنية.هذه الوضعية تقلل من حظوظ التعليم بها نتيجة عجز الأولياء عن توفير وسائل النقل لأبنائهم باتجاه المدارس البعيدة . وعادة ما تكون الضحية الأولى لهذه الظروف هي الفتاة جراء خشية الأولياء على بناتهم ولانعدام ثقافة تدريس البنات بهذه المناطق، نتيجة العادات السائدة بها والتي تضطر الفتاة فيها مغادرة مقاعد الدراسة في سن مبكر رغم تفوقها الدراسي لمساعدة الأم في أشغال البيت وفي تربية اخوتها أو لتكوين أسرة. هذه الظروف ساعدت على ظهور نسب الأمية وسط الأطفال والتي أشارت الإحصائيات الرسمية إلى أنها بلغت 6 % ، رغم تأكيد بعض الجهات والمصادر غير الرسمية أن نسبة الأمية لدى الأطفال تفوق النسبة المعلن عليها بكثير. ومن أسباب تقلص المتمدرسين حسب وزارة التربية الوطنية تراجع نسب الولادات، حيث بلغت 669 ألف مولود جديد خلال السنة يقابلها وفاة 30 ألف مولود جديد سنويا ما يمثل 45 حالة من بين ألف مولود، كما بقيت نسب الوفيات مرتفعة لدى الأمهات. أطفال من البيت إلى العمل يفضل العديد من الأولياء عدم تسجيل أطفالهم في المدارس قصد توجيههم مباشرة لعالم الشغل، حيث كشف تحقيق ميداني حول تشغيل الأطفال بالجزائر، أنجزه مرصد حقوق الطفل الذي ينشط تحت لواء الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، شمل 08 ولايات من الوسط عن وجود 2979 طفل عامل تتراوح أعمارهم بين 04 و17 سنة، ينشطون في مجالات بيع السجائر والرعي وأخطرها المتاجرة بالمخدرات والدعارة.. كما قدرت الهيئة الجزائرية لتطوير الصحة والبحث عدد الأطفال الذين يتم استغلالهم للعمل في مهن لا تتناسب واعتبارات أعمارهم بحوالي 300 ألف طفل. وتطالب جمعيات مدنية جزائرية مختصة، على غرار الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ، بضرورة البحث في أسباب توجه الأطفال للعمل والنظر في الأوضاع الاجتماعية المحيطة بهم، وحاجة الأولياء الذين يدفعون أولادهم إلى العمل. بلقاسم حوام المقال في صفحة الجريدة pdf