أحصت مصالح الهجرة وحرس السواحل الإيطاليين خلال الفترة الممتدة بين شهر ماي وأوت المنصرمين، أكثر من 50 ألف مهاجر سري، قدموا من عدّة بلدان إفريقية وعربية منها: مصر، الجزائر وتونس، على عدّة دفعات، تمّ تحويل أغلبهم إلى مركز الحجز المؤقت لجزيرة لميلدوزا. فيما أحصت المصالح الصحية الإيطالية، انتشال أكثر من 2000 جثة من عرض السواحل الإيطالية، خاصة بالقرب من جزيرة سردينيا ولميلدوزا، فيما قدرت نفس المصالح عدد المفقودين المبلغ عنهم من طرف ذويهم ب 1200 مفقود، من بينهم جزائريون. وفيما يجهل عدد المهاجرين السريين الجزائريين الذين هلكوا في البحر والذين فقدوا خلال السنة الفارطة، في غياب إحصائيات رسمية لهذه الظاهرة المنتشرة بعدّة ولايات ساحلية، لم تتمكن الشروق سوى من الاطلاع على 29 حالة لحراڤة مفقودين من ولاية عنابة، كون عائلاتهم الوحيدة التي ظلت طوال الأشهر الماضية، تبحث عنهم لدى السلطات الجزائرية علها تملك معلومات حول مصيرهم. ومن بين العائلات التي تجنّدت للبحث عن أبنائها، منذ أكثر من ثمانية أشهر، عائلة بن عابد وعائلة العياشي بن جديد، ابن عم الرئيس السابق الشاذلي بن جديد، التي فقدت ابنها مراد البالغ من العمر 29 سنة، وعائلة بلعابد، فقدت "مروان" البالغ من العمر 25 سنة. هذه العائلات تشكلت في إطار جمعية مؤقتة، تجتمع بالمكتب الشخصي للسيد بلعابد والد الحراڤ "مروان"، وكلها مجنّدة لمتابعة كل معلومة تصل حول حراڤة تم توقيفهم وآخرون اتصلوا من إيطاليا، علها تظفر بخبر يشير إلى العثور على أبنائها سواء أحياء أو أموات، خاصة بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر عن المغامرة المشؤومة التي قاموا بها ليلة الثامن من فيفري 2007، عندما استقلوا قاربا خشبيا، من أحد شواطئ عنابة، واختفوا في ظلمة الليل وسط الأمواج، باتجاه جزيرة سردينيا الإيطالية، ومنذ ذلك التاريخ لم يعثر لهم على أي أثر. وبعد مغامرة مروان ومراد مع خمسة شبان آخرين على متن نفس القارب، توالت دفعات أخرى من الحراڤة العنابيين طوال الأشهر الممتدة بين جانفي 2007 إلى أوت 2007، منهم من ألقي القبض عليه ومنهم من هلك في البحر بالمياه الإقليمية الجزائرية وعثرت السلطات البحرية على جثثهم. أما الآخرون الذين وصلوا إلى الأراضي الإيطالية، فبعضهم يتصل والآخرون يعودون بعد انسداد آفاق العمل والاستقرار بإيطاليا، أما فئة المفقودين، فهي الهاجس الأكبر، سواء للسلطات الجزائرية أو الأجنبية، التي تتلقى دوريا مراسلات من العائلات الجزائرية التي تبحث عن أبنائها. وأوضح السيد بلعابد، الذي كرّس كل وقته ووضع كل إمكانياته تحت تصرّف العائلات الأخرى، التي فقدت أبناءها في البحر، وعددهم لحد الآن 29 شابا، من سكان ولاية عنابة، أنه طرق كل الأبواب، بداية بالسلطات الجزائرية إلى السلطات التونسية والإيطالية، من خلال مراسلات رسمية تلقى الإجابات على أغلبها، خاصة من طرف السلطات الإيطالية على لسان سفير إيطاليا بالجزائر الذي وعد العائلات المذكورة ببذل قصارى جهده مع السلطات المدنية والعسكرية الإيطالية علها تفيد بأية معلومات حول مصير الحراڤة المفقودين (29). أما السلطات الجزائرية، فباستثناء رسالة تعاطف وتضامن من رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم، الذي وعد بمتابعة القضية مع المصالح الدبلوماسية الجزائرية بتونس وإيطاليا، لا جديد يذكر حسب العائلات التي زارت مكتب الشروق بعنابة للتنديد بصمت السلطات الجزائرية حول مصير أبنائها، حيث أوضحت عائلة بلعابد، أنه باستثناء محضر سماع لدى مصالح أمن عنابة، التي قامت باستجوابهم والحصول على البيانات المتعلقة بهوية أبنائهم، لم يصلهم أي جديد حول ما أصاب أبناءهم، إن كانوا في السجون التونسية أو الإيطالية، أو هلكوا في البحر وعُثر على جثثهم. واعتبرت العائلات أن مسألة البحث عن أبنائها هي من مهام الدولة التي فقدت مواطنين لها، وعليها تجنيد مصالحها في الخارج والداخل للحصول على الأقل على معلومة صحيحة بخصوص مصيرهم، خاصة عندما تصل معلومات تفيد بوجود مئات الجزائريين بمركز الحجز المؤقت بجزيرة لميلدوزا، عرضة لكل أشكال الإهمال والإساءة يقيمون في ظروف لا إنسانية بهذا المركز. وستعود الشروق في عددها المقبل للتطرق إلى وضعية المهاجرين السريين بمراكز الإيواء الإيطالية. نور الدين بوكراع