ندد الدكتور يوسف القرضاوي بالتفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا موكب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في باتنة ثم ثكنة بمدينة دلس الساحلية منتقدا ما وصفهم بحاملي الفكر التكفيري. و في رسالة وجهها إلى رئيس الجمهورية وصف الداعية الإسلامي من وراء هذا العمل الإرهابي بأنهم حاملي الفكر المتطرف معتبرا إياهم مصدر خطر على المشروع الحضاري للأمة. وكتب الشيخ القرضاوي في رسالته: "لا يمكن أن تتقدم أمتنا وتحقق مشروعها الحضاري بمنهج التطرف والغلو"، مشيرا إلى أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق الذي تحياه الأمة، لا يمكن أن يتحقق إلا "بمنهج الوسطية والاعتدال الذي يجعل منها أمة وسطا تجسيدا لقوله تعالى "ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان". وقال الدكتور القرضاوي مخاطبا رئيس الجمهورية: " إنني أشد على أيديكم مؤيدا ومساندا إصراركم على موقفكم الثابت من الدعوة إلى السلم والمصالحة العامة وطي صفحة الماضي السوداء وجمع أبناء الجزائر تحت راية واحدة، هي راية العمل للتقدم والبناء. وكم سرني قولكم في عزم وصدق: لا سبيل لأبناء الجزائر إلا أن يتسامحوا ويتصالحوا وإلا أن يتحابوا ويتوحدوا". و في السياق ذاته، أشاد القرضاوي بالتعاطي الواعي للرئيس بوتفليقة مع الظاهرة، التي لم تقتصر على الجانب المتمسح بالإسلام، بل تتعداه إلى الأوساط العلمانية، معلنا تأييده "رفض التطرف بكل صوره وأنواعه سواء كان تطرفا علمانيا أم تطرفا إسلاميا"، مثلما جاء على لسان الرئيس بوتفليقة، مباشرة عقب التفجير الانتحاري، الذي استهدف موكبه في باتنة قبل أزيد من أسبوع. واستغرب القرضاوي، المتزوج من جزائرية، والذي يتخذ من دولة قطر مقرا لإقامته، رفض الخارجين عن القانون استجابتهم لدعوات المصالحة التي أطلقها الرئيس بوتفليقة، وأوضح "إني لأتساءل: كيف يزعم هؤلاء، الذين يسفكون دماء أهليهم، أنهم إسلاميون، وهم يرفضون الدعوة إلى المسالمة والمصالحة، في حين يأمر القرآن الكريم بقبول الدعوة إلى المسالمة من الحربيين المشركين الذين قاتلوا المسلمين، وبدأوهم بالعدوان"، مستدلا بقوله تعالى: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم". وأضاف رئيس العالمي لعلماء المسلمين متسائلا، كيف إذا كانت هذه الدعوة للمسالمة بين أهل القبلة، وكيف يستبيح هؤلاء دماء الأبرياء بتفجيراتهم الهمجية، مع علمهم بأن المسالمة أمر قرره القرآن مع بقية الكتب السماوية على قوله تعالى "أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"، كما جاء في نص الرسالة، التي تضمنت أيضا أحاديث نبوية شريفة كقوله عليه الصلاة والسلام: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم بغير حق". محمد مسلم