يشهد رمضان من كل سنة شجارات كثيرة يؤدي بعضها إلى ارتكاب قتل أو جرح خطيرة بالأسلحة البيضاء، وبهذا الصدد، تشهد مختلف محاكم العاصمة ومجالس القضاء، معالجة غير مسبوقة لمثل هذه القضايا، والتي يبقى المتهم الأول فيها هو القهوة والسجائر، بل حتى فريضة الصيام نفسها، حيث يردد الكثيرُ ممن يتورط في الشجارات عبارة "الله غالب رمضان" ليحمّلوا بذلك الشهر الفضيل مسؤولية انفلات أعصابهم، دون وجه حق. يشج رأس زبون بميزان جرّ شجار بالسوق الشعبي بلكور، شابا في العقد الثاني من عمره إلى أروقة محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة، حيث تم سجنه بتهمة الضرب والجرح العمدي بالسلاح الأبيض خلال بداية شهر رمضان المنصرم، كلفه تمضية شهر رمضان داخل المؤسسة العقابية، بعد أن سلطت ضده عقوبة عامين حبسا نافذا وغرامة مالية بقيمة 20 ألف دينار. وعن القضية فسببها الشجار الذي نشب بينه وبين أحد الزبائن حول رداءة البطاطا المعروضة للبيع، والتي تبيّن حسب استجوابات القاضي أنها لم ترُق للزبون الذي طلب استبدالها الأمر الذي أثار غضب المتهم بعد أن دخل الطرفان في ملاسنات كلامية، كلفت الضحية شج رأسه بميزان كاد أن يكلفه حياته لولا ستر الله، وتم على إثرها نقل الضحية إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي كلفه شهادة طبية عن العجز لمدة 30 يوما، نتيجة الأضرار التي لحقت به، ليقضي أحدهما شهر الصيام بالمستشفى والثاني بسركاجي .
يستولي على محافظ العجائز وبمحكمة حسين داي تم معالجة قضية النشل التي طالت عجوزا في العقد السادس من عمرها، تعرّضت لعملية السرقة بإحدى مراكز البريد، حيث ترصد حسب تصريحاتها للقاضي المتهم لتحركاتها وباغتها بعد سحبها لمعاشها الشهري، مفتعلا شجارا مع أحد الشبان لإلهائها بعدما دخل الطرفان في مشادات كلامية واشتباكات بالأيدي، وفي غفلة منها قام بسلبها محفظة نقودها ولاذ بالفرار غير أنه من حسن حظها قام أحد المواطنين بالركض وراءه وتوقيف رجال الأمن الذين اقتادوه إلى مركز الشرطة ومن ثمة تمت إحالته على العدالة، وتبين من خلال الاستجواب أنه يمتهن افتعال الشجارات الوهمية للاستيلاء على أموال المسنات حسب صحيفة سوابقه العدلية، ليدان بعقوبة 4 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية بقيمة 200 ألف دينار.
السيجارة والقهوة في قفص الاتهام أما الاشتباكات اليومية فهي الديكور اليومي الذي يطبع الأسواق الشعبية، خاصة بسوقي بومعطي وباش جراح، حيث تكثر المشادات والكلام البذيء الذي يتردد على مسامع العام والخاص مابين البائعين والمشترين، وأحيانا يتطور إلى اعتداءات واشتباكات بالأيدي بمختلف الأسلحة البيضاء والسكاكين، تكلف المتخاصمين شهادات طبية عن العجز إلى حد الزج بهما وراء القضبان الحديدية بين سجون الحراش وسركاجي، وبموقف ركن السيارات وخلال الازدحام المروري، فحدث ولا حرج حيث تشهد اكتظاظا لتعم الفوضى وتشتعل نار الفتنة، متناسين احترام حرمة الشهر الكريم، فأغلب الشبان يفقدون السيطرة على أعصابهم لعدم تناولهم طيلة يوم كامل فنجان من القهوة والشاي أو تناول سيجارة، حيث يجدون صعوبة كبيرة في أداء فريضة الصيام مقارنة مع الأشخاص العاديين.