رغم أن الهدنة التي أعلنها مدني مرزاق، الأمير الوطني لما كان يسمى بالجيش الإسلامي للإنقاذ في الفاتح أكتوبر 1997 من جبال بني خطاب بولاية جيجل، والتي تبعتها مفاوضات بين ممثلي هذا الجيش غير النظامي وممثلين عن المؤسسة العسكرية أفضت في نهايتها إلى تخلي 1166 مسلح عن النشاط الإرهابي والعودة إلى ديارهم في إطار قانون الوئام المدني تحت بند التوبة، إلا أن ولاية جيجل التي كانت على مدار الأزمة الأمنية إمارة وطنية مافتئت بعد هذا تسجل من حين إلى آخر عودة عناصر تائبة إلى العمل المسلح وصعود عناصر أخرى جديدة لم تحتمل الضغوطات التي عاشتها جراء عدم تأقلمها مع الأوضاع الجديدة، وصعوبة الإندماج من جديد في أوساط المجتمع. ولعل أشهر هؤلاء التائب (ب. عز الدين) الذي عاد إلى النشاط المسلح بعد توبته الأولى وإستفادته من إجراءات العفو المنصوص عليها في قانون الوئام المدني، حيث عاد إلى الجبل بعد أن استولى على سلاح كلاشنكوف يعود لوالده المهيكل في قوات الدفاع الذاتي، لينخرط في صفوف الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وظل ينشط فيها ضمن كتيبة "الطالبان" إلى أن عاد مرة أخرى إلى أجواء التوبة وسلم نفسه للقوات الأمنية بعد تجربتين متناقضتين، واحدة مع جيش الإنقاذ والأخرى مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال. إضافة الى التائب (ف) الذي كان من بين العناصر الأولى التي قررت التخلي عن النشاط الإرهابي عندما كان ينشط في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا"، غير أنه تخلى عن توبته وعاد للإلتحاق بالجماعة السلفية للدعوة والقتال قبل أن تقضي عليه قوات الجيش في إحدى العمليات العسكرية. وكانت قوات الأمن بالولاية قد نجحت أكثر من مرة في توقيف شبان جدد كانوا بصدد الإلتحاق بصفوف الجماعات الإرهابية، مثلما حدث بدائرة الطاهير التي تمكن فيها أمن هذه الأخيرة من توقيف 03 شبان كانوا بصدد الإلتحاق بصفوف احد التنظيمات المسلحة، حيث ألقي عليهم القبض على مستوى الطريق الرابط بين بلديتي الطاهير ووجانة، بعد معلومات تلقتها المصالح الأمنية بخصوص نجاح عملية تجنيد هؤلاء الشبان للإلتحاق بكتيبة "عباد الرحمان" التي كانت تنشط بجبال سدات. وقد مكنت عملية توقيفهم من تفكيك خلية دعم وإسناد متكونة من 05 أشخاص، وقبل هذه العملية بأسبوعين تمكنت مصالح أمن الولاية من إلقاء القبض على 03 شبان آخرين بالمحطة الشرقية للمسافرين كانوا يتأهبون لركوب إحدى سيارات النقل الجماعي المتوجهة نحو بلدية تاكسانة للإلتحاق بكتيبة "الإعتصام" التي تنشط بمنطقة "ڤريولة" بجبال ذات البلدية، ورغم أن الولاية شهدت أيضا اختفاء عناصر شبابية أخرى فيما مضى ببلديتي سلمى والعنصر، إلا أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي حاولت في البداية إستقطاب الوئاميين من جيش الإنقاذ وحين فشلت اغتالت 05 تائبين منهم. اتجهت في الآونة الأخيرة إلى البحث عن "مجندين" جدد في أوساط الشباب تارة بتقديم إمتيازات وإغراءات مادية، وتارة أخرى بحجة الجهاد في العراق تحت لواء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، غير أن هذا التوجه فشل ما جعل تنظيم القاعدة يقوم مؤخرا بتحويل العناصر المجندة الجديدة على مستوى ولايتي قسنطينة وسكيكدة إلى جبال جيجل قصد إعادة إحياء النشاط الإرهابي بها، ومن ثم محاولة التأثير من جديد على العناصر المحلية التائبة الذين يعيشون أوضاعا مزرية، ويلاقون صعوبات جمة في تحصيل لقمة العيش مثلما هو الحال مع عناصر كتيبة "الهدى والنور" والذين حرموا من بيع الخضر والفواكه داخل السوق بوسط المدينة. ياسر عبد الحي