وجه خبراء استراتيجيون في واشنطن خارطة طريق جديدة للإدارة الامريكية لتحسين الأداء الدبلوماسي في السفارات الأمريكية ونزع الطابع العسكري عنها، من أجل تحسن صورة الولاياتالمتحدة بالخارج تتضمن بصفة خاصة اقتراح توظيف ألف دبلوماسي جديد. وتأسيس "سفارات افتراضية" في المناطق ذات الحضور الأمريكي الضعيف، وتزامن هذا مع نشر تقرير أعده الكونغرس مؤخرا أكد فيه أن سفارات الولاياتالمتحدةالأمريكية في عدد من الدول الأفريقية، من بينها الجزائر، تحولت إلى مراكز لقيادات عسكرية حيث دعا التقرير إلى ضرورة عودة السفارات إلى دورها الدبلوماسي والابتعاد عن التوجه العسكري الذي طغى على عملها منذ وصول الجمهوريين إلى الحكم. وجاءت هذه التوصيات التي أعدها عدد من كبار الدبلوماسيين الأمريكيين المتقاعدين، إضافة إلى مجموعة من المسؤولين السابقين السياسيين والعسكريين، والخبراء والأكاديميين، لتؤكد ما ورد في تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي الذي كان وراءه نواب الحزب الديمقراطي وتم الكشف عن مضمونه بمناسبة مناقشة ميزانية الولاياتالمتحدةالأمريكية لسنة 2008 حول انحراف مهمة البعثات الدبلوماسية الأمريكية بهذه الدول خلال فترة حكم إدارة الرئيس بوش عن مهامها، وشددوا على أهمية التعامل مع المخاطر التي تهدد الدبلوماسيين في الخارج وقالوا انه يجب أن تبدأ وزيرة الخارجية حواراً بين الوزارة والكونغرس، وغيرهما من الأطراف المهتمة، حول هذا التهديد الخطير، لتأمين الحماية لموظفيها، وخاصة في أماكن التوتر الحساسة. كما يجب مراجعة التعليمات المعطاة للسفراء من الرئيس الأمريكي، بحيث تعكس الخطر الملازم لهذه المسألة، وتزويدهم مع عائلاتهم بالمهارات الأمنية منذ انخراطهم في السلك الدبلوماسي. ووضع الخبراء الأمريكيون أمام الإدارة الأمريكية خطة من عشر توصيات تصب كلها في خانة إعادة الاعتبار لصورة الولاياتالمتحدة في الخارج والتي تشوهت خلال السنوات الأخيرة بفعل ما سمي بالحملة الدولية ضد الإرهاب، ومن بين أهم التوصيات الواردة في هذا التقرير الدعوة إلى الاستثمار في العامل البشري عن طريق اقتراح توظيف أكثر من ألف دبلوماسي إضافي بزيادة نسبتها 3,9 في المئة، لملء الفراغ في الوظائف الدبلوماسية في الداخل والخارج، كما دعا الخبراء إلى تمويل برامج تطوير التكنولوجيا، في مختلف المناصب الدبلوماسية، وتوظيف رئيس مكتب ابتكار، وتأسيس مركز تكنولوجيا يلحق بمركز التدريب القومي للشؤون الخارجية وخلق شراكة بين هذا المركز والسفارات الأمريكية في الخارج، كما جاء في إحدى التوصيات انه يجب على وزارة الخارجية الأمريكية أن تقيم نظاما موسعا لإدارة العلاقات، وتحسن قدرات البحث والاسترداد للمواد الرقمية، وتوسع استخدامها للمؤتمرات المنقولة عبر الأقمار الصناعية. وتبني أدوات اتصال جديدة مثل منتديات النقاش الحي الالكترونية، وخدمات الفيديو عبر الانترنت، والتي تغير طريقة التفاعل بين الناس في أرجاء العالم، كما طالبوا وزارة الخارجية، بتحسين المواقع الالكترونية لسفاراتها، وتدريب موظفيها على الاستعمال الاستراتيجي لأشكال التواصل هذه، وتوزيع ونشر المزيد من المواد عبرها، إلى جانب خلق مناطق استقبال في القنصليات للترويج للولايات المتحدة من جهة وترك أثر إيجابي لدى الناس الذين يمرون بقنصلياتها كل عام من جهة أخرى، ورأوا إن ذلك يتم بالتوازي مع مواصلة قيادة واختيار وتوجيه برامج المقابلات لمنح تأشيرات الدخول وسط التركيز على هدفين: رفع العبء عن السفارات وتوظيف أشخاص لتخفيف الضغط في هذا الشأن، وتسهيل الأمور على طالبي التأشيرات. وفي هذا السياق، دعا الباحثون إلى تأسيس "سفارات افتراضية" في المناطق الخالية من الحضور الأمريكي مثل إيران، أو الضعيفة به مثل قطاع غزة وروسيا. وتقوم هذه السفارات الافتراضية على خلق مواقع الكترونية تؤسسها وزارة الخارجية الأمريكية خاصة بالدولة المعنية، ذات خدمات موسعة وحية ومتطورة. وشدد أصحاب هذه الخطة على أهمية التعامل مع المخاطر التي تهدد الدبلوماسيين في الخارج وقالوا انه يجب أن تبدأ وزيرة الخارجية حواراً بين الوزارة والكونغرس، وغيرهما من الأطراف المهتمة، حول هذا التهديد الخطير، لتأمين الحماية لموظفيها، وخاصة في أماكن التوتر الحساسة. ويشار إلى أن تقرير الكونغرس الأخير جاء فيه أن "بعض السفارات الأمريكية في إفريقيا، قد تحولت فعلا إلى مراكز لقيادات عسكرية يسيطر عليها موظفون عسكريون في مكان دبلوماسيين"، محذرا من مخاطر انحراف وظيفة هذه المؤسسات، التي قال إنها "تخلت عن دورها الأساسي في التكفل بالسياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية"، بحلول شخصيات عسكرية محل إطارات دبلوماسية في إدارة شؤون السياسة الخارجية لواشنطن. وكشف التقرير أن الدول المعنية بعسكرة سفارات الولاياتالمتحدة بها، هي كل من الجزائر والمملكة المغربية وتونس وموريتانيا والنيجر ومالي وتشاد وجيبوتي، وأرجع ذلك لاستعداد وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" لإقامة مركز للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، وهو المشروع الذي رفضته الدول المعنية وفي مقدمتها الجزائر كما كشف التقرير الذي أعدته لجنة الدفاع بالكونغرس، الداعية إلى تقليص الميزانية الموجهة لشؤون الدفاع للسنة المقبلة، إلا أن ما وصفه ب "عسكرة الدبلوماسية الأمريكية"، سيمتد إلى دول إفريقية أخرى، تقع في منطقة ما وراء الصحراء الكبرى في المستقبل القريب، ليشمل كل من نيجيريا، وغينيا الاستوائية، وجمهورية الغابون وأنغولا، والكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو، وهي دول لم تكن معنية من منظور السياسة الخارجية الأمريكية بالتهديدات الإرهابية، المنسوبة لتنظيم القاعدة، والجماعات المرتبطة بها في المنطقة، وخاصة تلك الناشطة في منطقة المغرب العربي والمناطق القريبة من دول الساحل الإفريقي. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاغون، قد خصصت ما يعادل 500 مليون دولار كغلاف مالي، لما تصفه بمحاربة الإرهاب في دول شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء الكبرى. كما عينت في شهر سبتمبر المنصرم، الجنرال شارل والد، على رأس القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، التي تقرر بصفة مؤقتة اختيار مدينة شتوتغارت الواقعة بالجنوب الغربي لألمانيا الاتحادية، لاحتضان مقرها، إلى جانب القيادة العسكرية الأوربية، وذلك في انتظار إقناع واحدة من دول شمال إفريقيا بالعدول عن مواقفها الرافضة لاحتضان "أفريكوم".