ظاهرة اختطاف الأطفال الوجه الأبشع للجريمة انتهت قضية اختطاف الصبي ياسين بوشلوح بداية السنة وقضية اختطاف الصغير أنيس نهاية السنة بنفس المأساة بالعثور على الصغيرين جثة دون روح في قاع بئر، أحدهما ببرج الكيفان بالعاصمة والثاني بالعلمة، لتسجل سنة 2007 اختطاف 148 طفلا كان مصير معظم القتل في ظروف غامضة. ياسين بوشلوح كان يبلغ من العمر 4 سنوات بداية السنة عندما اقتيد من أمام منزل والديه بداية السنة إلى مكان غير بعيد ببرج الكيفان، وقد بدأت رحلة البحث عنه ابتداء من عشية اختطافه ودامت 50 يوما كاملة، عاشت خلالها عائلته على نار فقدانه، وتجاوب معها الرأي العام الوطني بكامل شرائحه، خاصة وأن العائلة لم تدخر سبيلا للبحث عنه إلا سلكته على أمل العثور عليه حيا، رغم حالتها المادية المزرية، الشيء الذي أبعد عن الأذهان فرضية اختطافه من أجل طلب فدية. ياسين وبعد طول ترقب لأخباره اكتشف، من قبل كلب حراسة، جثة هامدة مستقرة في حالة تفكك متقدمة في قاع جب ببرج الكيفان غير بعيد عن بيت عائلته، لتنتهي معه قصة الطفل الضائع الذي شد اهتمام الرأي العام وجلب تعاطف كل الجزائريين مع عائلته، خاصة وأنها عرضت مأساتها مرتين في التلفزيون ضمن حصة "وكل شيء ممكن"، وبينما كان الجميع يطمع في العثور على الصغير ياسين حيا، أذيع خبر مقتل ياسين من قبل خاطفيه رغم صغر سنواته الأربع ليثار مع مقتله جدل الاعتداء عليه جنسيا، لكن مصالح الأمن تكتمت جدا على التفاصيل في قضية جديدة من سلسلة اغتيال البراءة، التي تحولت إلى ظاهرة سجلت فيها سنة 2007 سقوط مزيد من الضحايا لسبب معلن أو غير معلن. فقد جلبت سنة 2007 معها البؤس والشقاء لعشرات العائلات الجزائرية التي اختطف أبناؤها من أجل طلب فدية مرة أو دونما سبب في مرات أخرى، حيث تؤكد الأرقام اتجاه منحى الظاهرة نحو التصاعد باختطاف 148 طفل هذه السنة مقابل 86 طفل سنة 2006 عثر على معظمهم مقتولين. ولم تبرد مأساة ياسين التي تجاوب معها رئيس الجمهورية نفسه بتقديم التعازي لعائلته، حتى انتهت سنة 2007 بقضية مماثلة لا تقل درجة في الترويع، باختطاف الطفل أنيس صاحب الربيعين بمدينة العلمة بسطيف ولم يرحمه خاطفوه ولم تأخذهم به رأفة رغم صغر سنه، فكان مشوار أخذه من أمام المنزل آخر عهده بالدنيا على مقربة من العيد، وبدل أن يكون صبيا في سن الرضاعة مثله في حضن أمه كانت جثته تغرق في قاع بئر، دون أن تتشجع الجهات الرسمية للحديث رسميا عن شبكة تختطف الأطفال. فإذا أخذنا بعين الاعتبار الإحصائيات الرسمية التي تشير لتعرض قرابة 841 طفلا، تتراوح أعمارهم بين 4 و 16 عاما، للاختطاف بين عامي 2001 و 2007، دون حساب المواطنين الذين لا يبلغون على اختطاف أبنائهم ويمثلون نحو 30% من حوادث اختطاف الأطفال، يتضح أن الظاهرة فعلا في تصاعد. ويزيد من صعوبة فهم تعقد ظاهرة اختطاف الأطفال وسببها نفي أجهزة الأمن وجود شبكات متخصصة في المتاجرة بالأعضاء البشرية، مع أن الشارع الجزائري يعرف من حكايات استعمال أعضاء البشر والأطفال خاصة في الشعودة، ما يفتح المجال لاحتمال لجوء هذه العصابات إلى اختطاف الأطفال لاستغلالهم جنسيا قبل قتلهم، وهو ما ثبت في عدة حوادث لكنه لم يثبت أيضا في أخرى. وكان دحو ولد قابلية، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية مكلف بالجماعات المحلية، قال بمناسبة اختطاف الطفل ياسين بداية السنة إن الجماعات الإرهابية هي التي لجأت إلى الاختطافات بحثا عن مصدر تمويل من خلال طلب الفدية، في محاولة لشرح هذه الحوادث. وبينما تتعالى الأصوات بمناسبة كل حادث بتشديد العقوبة على الخاطفين، أصبح اختطاف الأطفال ظاهرة تفرض نفسها في المجتمع الجزائري، وأصبح تداول مثل هذه القضايا يضاهي قضايا الإجرام الأخرى، دون أن يقابلها عقاب يكون في مستوى خطورة الجريمة، ليبقى الأطفال الطرف الضعيف في المعادلة والورقة التي تلعب كلما تحركت غرائز البعض أو مصالح بعض آخرين أمام . غنية قمراوي