دشنت الجماعات الإرهابية سنة 2008 الجديدة بتفجير انتحاري استهدف، فجر أمس الأربعاء، مقر أمن دائرة ناصرية بولاية بومرداس، مخلفا وفق حصيلة رسمية 5 قتلى وعشرات الجرحى، بينما قدرت مصادر طبية ل"الشروق اليومي" عدد الجرحى بما لا يقل عن 27 جريحا في حدود منتصف نهار أمس، حالة أربعة منهم خطيرة جدا تم نقلهم الى مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة. وكان من بين الضحايا طفلة تبلغ من العمر حوالي 10 سنوات، قال شهود عيان ل"الشروق اليومي" إنها "كانت متوجهة لشراء حليب الصباح كعادتها". وهي المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعات الإرهابية وسط مدينة ناصرية المتاخمة لغابة سيد علي بوناب التي يتمركز بها عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال بقيادة درودكال. واتفقت شهادات عدة حصلت عليها "الشروق اليومي" على تأكيد حقيقة أن "الانتحاري كان يقود سيارة تجارية بيضاء اللون من نوع "تويوتا هيلوكس" غير مغطاة مرقمة بولاية البويرة لعام 2006 ". وذكر شهود عيان أن الانتحاري كان قادما من طريق غابة أبو عاصم وعندما وصل إلى مقر أمن دائرة الناصرية الذي يحتوي كذلك على مقر إقامة عناصر الشرطة في طابقه العلوي، زاد في سرعة السيارة. وفي هذه الأثناء تفطن أعوان الأمن المتواجدين في المكان لما كان ينوي الانتحاري القيام به وطلبوا منه التوقف، لكن سرعة السيارة وقوة الانفجار أودت بحياة عناصر الأمن الثلاثة على الفور، ولم تترك لهم فرصة القضاء عليه، فيما روت شهادات أخرى أن الانتحاري حام حول المكان الذي يضم إلى جانب مقر الشرطة الحضرية كلا من مقر كتيبة الدرك الوطني ومقر دار البلدية ومقر البريد وكذا إكمالية، وهو ما يعني برأي مراقبين أن مكان التفجير كان مدروسا وكان يضم أكثر من هدف واحد بالنسبة للانتحاري. وعن هوية الشخص الانتحاري، سجل صاحب محل يقع بالقرب من مقر الأمن الحضري لمدينة ناصرية، متحدثا للشروق اليومي أن "حالة الظلام وقت التفجير وكذلك الضباب لم يسمحا من تحديد ملامح الانتحاري"، لكن المتحدث الذي أصيب بجروح أكد "مشاهدة سيارة الهيلوكس البيضاء وتمكن من رؤية لوحة ترقيمها بولاية البويرة". ونقل شهود عيان أن دوي الانفجار أيقظ سكان ناصرية وما جاورها، وعلى الفور تحولت المدينة إلى منطقة مغلقة صعب على سكانها الخروج من منازلهم، وانتقلت قوات الأمن المشتركة إلى عين المكان لمعاينة الأضرار ولتطويق المكان، وتم ملاحظة عناصر فرقة الشرطة العلمية في حدود الساعة الحادية وخمسة وأربعين دقيقة في عين المكان، قالت مصادر متطابقة ل"الشروق اليومي" أنها كانت "بصدد جمع أشلاء الانتحاري المتناثرة". وكإجراء سريع، تم غلق جميع المنافذ من وإلى وسط مدينة الناصرية، فيما قامت مصالح الأمن بولاية تيزي وزو بدورها ب"تحصين" مداخل المدينة تحسبا لتفجيرات قد تطالها، في الوقت الذي أفادت مصادر أمنية متطابقة إلى عناصر الجيش الوطني الشعبي باشرت عملية تمشيط بجبال غابة سيد علي بونا وذراع الميزان. وبرأي المتتبعين للشأن الأمني، فإن وسط مدينة الناصرية كان بعيدا لسنوات عن التهديدات الإرهابية، حيث كانت أغلب العمليات تتم في القرى والمناطق الجبلية المحيطة بمدينة الناصرية، الأمر الذي يكون قد دفع إلى حالة من "الاسترخاء". ويأتي هذا التفجير الانتحاري، كأول عمل إرهابي ترتكبه الجماعات المسلحة في العام الجديد وبعد أكثر من 20 يوما على التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مقري المجلس الدستوري والأمم المتحدة بالعاصمة، وخلفا أكثر من 37 قتيلا وعشرات الجرحى. وكان المدير العام للأمن الوطني علي تونسي قد أقر خطة أمنية جديدة لم تكشف تفاصيلها، لكنها تميزت بزيادة عدد الحواجز الأمنية وتشديد إجراءات التفتيش في العاصمة لأصحاب الحافلات والشاحنات وكذلك الأشخاص المشبوهين، حيث تم توقيف 72 شخصا من أصل 9 آلاف شخص تمت مساءلتهم. وفي غضون ال72 ساعة الماضية، باشرت مصالح الأمن المشتركة بالعاصمة حملة بحث واسعة للبحث عن ثلاث أو أربع شاحنات يشتبه بأنها تعرضت للسرقة بغرض استعمالها في تفجيرات انتحارية. فضيلة. م/ إدريس /رمضان. ب