سالم زواوي salemooz@yahoo.fr العالم في حالة احتفال هذه الأيام ببلوغ سعر برميل البترول مائة دولار لأول مرة في تاريخ هذه المادة، التي هي ذهب أسود على البعض وبؤس أسود على البعض الآخر، وهناك بطبيعة الحال من يحتفل بالفرح ويحتفي بالنصر ومن يحتفل بالحداد. وعلى عكس الاعتقاد السائد، فإن مَن مِن واجبه أن يحزن ويندب حظه هو مجموعة الدول المنتجة أو المصدرة للنفط التي لا تحصل في مجموعها على أكثر من 2000 مليار دولار من الإنتاج والتصدير، فيما تحقق مجموعة قليلة من الدول المستوردة أو المستهلكة (أمريكا، ألمانيا، اليابان، المملكة المتحدة وفرنسا) ثلاثة أضعاف هذا المبلغ من مجرد الضرائب والرسوم على سعر الإستهلاك، زيادة على ما تحققه شركاتها الاحتكارية من الأرباح الخيالية. وأكثر من ذلك، فإن وفرة النفط لدى بعض البلدان المنتجة من العالم الثالث تحولت إلى نكبة حقيقية تزداد حدتها ووطأتها كلما ارتفع الإنتاج وارتفعت الأسعار في الأسواق الدولية، وهذه هي حال الجزائر على سبيل المثال والحصر، حيث كلما ازداد إنتاج النفط وزادت مداخيله وتكدست احتياطات الصرف منه، كلما زاد البؤس الاقتصادي والاجتماعي وتفاقمت البطالة وتفشى الفقر المدقع وانتشرت الجرائم وترسخ الإرهاب نتيجة لذلك. لعل الكثير من الجزائريين لازالوا يتذكرون تصريح السيد سيد أحمد غزالي عندما كان رئيسا للحكومة في بداية تسعينيات القرن الماضي، حيث قال: "أعطوني برميل النفط بأربعين دولارا وسأحل لكم الأزمة من جذورها وبصفة نهائية". والآن بلغ سعر هذا البرميل مائة دولار، والإحتياطي النقدي من بيع النفط قد بلغ أكثر من مائة مليار دولار، لكن الأزمة مستمرة وتزداد حدة كل يوم في كل مجالات الحياة التي يمكن تصورها من الاقتصاد إلى الأمن والسياسة والمجتمع، والتفسير الأكثر منطقية لهذا الوضع هو أن المسؤولين الجزائريين الذين يتعاقبون على السلطة منذ الإستقلال إلى اليوم، وربما إلى الغد وما بعده، ليسوا فقط عاجزين عن إيجاد الحلول للمشاكل والأزمات التي تعترض الأمة، لكنهم عاجزون حتى عن التصرف في الريوع والأموال الطائلة التي بين أيديهم وعن كيفية صرفها وتوزيعها. وهل هناك عجز أكثر من أن يكون سعر برميل البترول 100 دولار ولا يحسب إلا ب 19 دولارا في إعداد الميزانية وقوانين المالية وأين 81 دولارا الباقية عن كل برميل؟!