بقيت ربع ساعة أحضر الحانوت للعرض بعد أن ذهب عزوز ليعزي وبقيت أنا هو "عزيز" الحانوت وسيده! الآمر الناهي! البائع الأوحد. الأسعار كانت معروضة ولا داعي للنقاش، والخيار قائم (والبصل أيضا).. اشتري واختار ما تشتري! خير على روحك.. وبصل على الناس! هكذا رحت أبرح: الرخا يخلع! كول آآالمسكين، خيًر يا القليل.. بقيت أنبح لمدة لا تقل عن ساعة! ولا أحد قال لي السلام عليكم! كانوا يمرون، ينظرون من طرف خفي، لا يسلمون ويقفون عند الخضار الأول، رغم أن "لخضر" هو آخر خضار يقبل عليه زبائن "المخضرات"! شممت أن هناك شيء غير عادي! فالكل يعرفونني، وقد كنت أبيع أكثر من أي خضار آخر في الجوار! ما بهم اليوم بدلوا وجهتهم! ربما أنهم يشترون بالكردي منذ دخول رمضان وعزوز لا يببع بالكريدي؟ لا لا.. ليس هذا هو السبب، فقد رأيت المشترين يدفعون عدا ونقدا وفورا. وما هي إلا دقائق حتى جاءني "الزبول" الأول! بدا عليه أنه نائم! عيونه غائرة ولا يقدر على النطق ويتأوه كمن ينقصه قنطار نوم! قلت له: صباح الخير.. شفت النعاس شحال واعر؟ أنا بذاتي راه في النعاس نتاع نهار! رقدت على الخمسة ونضت على التسعة... أوزن.. أون لروحك واش بغيت خويا..! قال لي: لا لا غير بغيت نسولك: القصاصبي نتاع الشيخ العقرب كي يجيك؟ قلت له: يجي لأمك...! هذا ما جبرتش لمن تشبهني لقصاصبي نتاع الشيخ العرب.. لله يسلطه عليك يسمم لك الدم! ثم مسكته من الحلق وأردت أن أدخل فيه برأسي، لولا أن صرخ وانحرف وتملص وانخطف وفر وانصرف! هذا الحدث، فيما يبدو زاد من مقاطعة الناس للشراء من عند حانوت عزوز ! فرحت أرفع من عقيرتي لعل صوتي لا يصل إلى أبعد مدى!: البطاطا باطل، السلعة باطل.. أدي يالمسكين..كووول يالڤليل..كول وكلشي باطل..! وما إن أنهيت من تبريحة "الباطل"، حتى كانت النسوة هجمن على الحانوت رفقة الأطفال، الذين سمعوا كلمة "باطل"، ففعلوا في الباطل! أفرغوا الحانوت في "طروا مينوت"! ثم هموا بالخروج! ماذا أفعل أنا؟ أغلقت باب الحانوت بالمفتاح من الداخل وقلت لمن أراد أن يخرج من دون أن يدفع وأنا أمتشق مطرق قد هااااك في الطول، ومشنڤر في الأطراف! وين ما تضرب يطير الدم!. وراحت النساء والأطفال من أصحاب "باطل" يصرخون: خلينا نخرجوا، ما نشريوش..ما نشريوش! قلت لهم: آآآه... ما تشريوش؟ علاه أنتم جيتوا أصلا باش تشريوا؟ أنتم سمعتوا كلمة باطل، جيتوا تجريوا.. باطل! أمالا.. الدخلة باطل والخرجة بالدراهم! اللي بغا يخرج يخلص ويخرج! وراحت النسوة وبعض من دخل، وكانوا نحو 10 منهن (الحانوت ليس بالكبير وإلا لكنت احتجزت السوق بكامله! لم يقدر أحد أن يقول آآه.. أمامي وفي يد مطرق الزبوج.. اللي يبوجي نضربه بزوج!) النساء كن يرتعدن مني وطزاديمهن مفتوحة على مصراعيها وأنا اختار السعر الذي آخذه مباشرة من طزدام للمدام! أخذت منهن عشرة أضعاف السعر المعروض، ثم تركتهن يخرجن وأنا أنادي وقد اجتمع الناس في الخارج!: اللي بغى يشري باطل يدخل! الدخلة باطل.. تبرع يا المسكين..قلش روحك يالفقير!.. بت تلك الليلة في "سيدي الشحمي" بطابلي مقلوب! قلت لهم بعدما اكتشف أني كنت مقلوبا من الأول إلى الأخير: وعلاش تلبسوه لي بالمقلوب، راكم تشوفوا في داير انقلاب في روحي..ما نيش مريض..غير الظلمة والرقاد..سيتو..!
بعد 24 ساعة تركوني أعود بضمانة أني لا أعود لممارسة البيع بالتهديد وأخذ الرهائن.