تطرق الأستاذ فوزي أوصديق في حديثه للشروق أونلاين إلى الجرائم المرتكبة من طرف الآلة العدوانية الصهيونية وكيفية مواجهتها في المحاكم الدولية لمعاقبة مسؤولي الإحتلال الصهيوني على جرائمهم، وقال:" لا يمكن لمحكمة الجنايات الدولية - من الناحية القانونية - أن تدين المجازر الصهيونية لعدم عضوية السلطة الفلسطينية في اتفاقية روما ، كما أن السلطة الفلسطينية هي الوحيدة القادرة على تدويل القضية من دون أي سند". الشروق أولاين: في ظل عدم توقيع السلطة الفلسطينية على اتفاقية روما القاضية بإحالة المسؤولين عن جرائم الحرب على محكمة الجنايات الدولية، هل يمكن لدول عربية أخرى أن ترفع الدعوى باسمها وهل يمكن أن تحول الضغوطات على حكومة السلطة دون ذلك؟ فوزي أوصديق: إن العدوان الإسرائيلي على غزة كان من الناحية الإنسانية أشد وطأة عن ما سبقه نظرا للوحشية الدموية التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء من بينهم الأطفال مع تدمير البنية التحتية للقطاع ونسف كل مناحي الحياة بما فيه الجانب الاقتصادي. وبالتالي لن تتراجع هذه المرة حكومة السلطة في قرار اللجوء إلى المحكمة الدولية الجنائية كون إسرائيل لم تترك لها الخيار نظرا لبشاعة ما ارتكبته من مجازر في ظل نقضها في كل مرة للهدنة. ولكن من الناحية القانونية لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تدين المجازر الإسرائيلية نظرا لأن السلطة الفلسطينية ليست دولة عضوا في اتفاقية روما كما لم تظهر السلطة الفلسطينية موافقتها على صلاحية المحكمة الجنائية الدولية أو تطلب أن يفتح المدعي تحقيقا، أو تطلب فتح تحقيق بشأن ذلك فمجرد إطلاق تصريحات و عبارات عبر وسائل الإعلام لن يدفع المحكمة الجنائية إلى إدانة إسرائيل ما لم تكن هناك صفة رسمية. ومن هنا يمكن القول أن السلطة الفلسطينية هي صاحبة القرار في تدويل القضية إلا إذا قرر الشعب الفلسطيني سحب ثقته منها.ومن ثم يمكن تحريك مجلس الأمن ، أو المدعي العام بطريقة آلية و إن كانت هذه الفرضيات بعيدة. عزاؤنا الوحيد أن هذه الدعوى لا تسقط بالتقادم، و بعض التشريعات الوطنية أعطت لنفسها حق المتابعة القضائية. الشروق اونلاين: أثار تقرير غولدستن للحرب الماضية سنة 2009 على غزة جدلا واسعا بعد أن استبشر الفلسطينيون بنتائجه المدينة للصهاينة، إلا أنه أدخلت عليه تغييرات جذرية عليه أفرغته من محتواه...فما الضمانات الدولية للحيلولة دون تكرار هذا السيناريو؟ أوصديق: قد يتكرر السيناريو مرات و مرات عدة إن غابت النية الصادقة لدى السلطة الفلسطينية كما أن الضغوطات الدولية أمر معروف لا يمكن تحاشي التحدث عنه، فالحكومة في رام الله هي الآن لها صفة مراقب دائم في الأممالمتحدة وبالتالي كان لها الحق في إشهار هذه الورقة في وجه الدول الضاغطة، وللإنظمام إلى منظمات واتفاقيات دولية كمحكمة الجنائية الدولية إلا أن العمل من وراء الستار هو من فتح الباب أمام إسرائيل لمعاودة قصف عزة من جديد.. فاتفاقية غولدستن 2009 لو احترمت لكانت فلسطين الآن تبحث عن سبل أخرى للعيش لا انتظار غارات جوية في أي وقت.. وبالتالي لا اتفاقية غولدستن ولا أية اتفاقية دولية أخرى يمكنها أن تفك الخناق عن الشعب الفلسطيني في غياب الحوار الجاد والنية الصادقة، ولا ننسي أن القضية الفلسطينية هي قضية تصفية استعمار، وأن الاحتلال حالة واقعية وليست قانونية، ومن حق الشعوب تقرير المصير، وحق المقاومة معترف به في الشرعية الدولية. الشروق اونلاين: ليست هذه المرة الأولى التي يثار فيه موضوع محكمة الجنايات الدولية هل تعتقد أن ما فشلت الدبلوماسية العربية يمكن تحقيقة في أروقة مجلس الأمن يمكن للقضاء وملفات الجرائم تحقيقه في لاهاي ؟ أوصديق : سؤالك يحيلنا إلى فكرة أخرى وهي هل ستحقق المحكمة الدولية الجنائية العدالة؟ هل ستطبق ما يمليه عليها ضميرها القانوني والإنساني في حالة اللجوء إليها؟ فحسب القضايا الشائكة التي تناولتها المحكمة كقضية السودان والعدوان الإسرائيلي على لبنان في 2006 و المجازر المرتكبة في روندا لم تخرج بأي قرار يجرم الدول المعتدية وهذا ما يدخل الريب في بعض قرارات الشرعية الدولية ، و عليه نريد عدالة عادلة وليست عدالة الدول القوية، و ذلك ما يدفعنا إلى طرح سؤال ملح و هو ضرورة إعادة تحديث الأممالمتحدة بما يحقق تطلعات الشعوب من عدل وإنصاف.. الشروق أونلاين : كيف يمكن الاستئناس بالتقارير الحقوقية للمنظمات الدولية في تجريم الكيان الصهيوني خاصة وأن هيومن رايس ووتش أدانت جرائم الكيان الصهيوني ومثلها منظمة العفو الدولية التي اتهمت الكيان بتعمد انتهاك القانون الدولي فضلا عن الإدانات المتكررة من الأممالمتحدة لقصف – مدارس الأنروا - دون مبرر كما أن اليونسيف أكدت أن ثلث ضحايا الحرب هم أطفال...فكيف يمكن الاستعانة بمثل هذه التقارير لتأكيد الجريمة ؟ أوصديق: أنت الآن أجبت عن السؤال فتصريحات منظمات حقوق الإنسان التي لها الصفة الرسمية لإدانة الكيان الصهيوني أتت أكلها و لو جزئيا، كيف؟ فالتنديد حرك الرأي العام ودفع بدول العالم بما فيها العربية لإيجاد منفذ حفظا لماء الوجه في ظل استنكار شعوبها سكوت حكامها، نحن نعلم أن بعض الدول العربية والتي تعد على الأصابع كانت منذ بداية العدوان على غزة تحاول إنقاذ المدنيين من مخالب الموت، وبعد التصعيد وجدنا أن كل العالم ندد بتلك الانتهاكات. و بالتالي التقارير التي خرجت بها معظم المنظمات الحقوقية بما فيها اليونسيف والتي أقرت على أن 30 في المائة من الأطفال قتلوا دون رحمة من قبل الآلة الصهيونية وهذا تقرير كفيل بإيقاف إسرائيل لهمجيتها، ويمكن أيضا أن تكون حجة تلزمها على الاعتراف بجرائمها ضد الأطفال وهذا كما قلت إن وجدت النية الصادقة لدى السلطة الفلسطينية لنقل غضبها إلى أروقة المحاكم الدولية ولن تكفي التقارير إن رفضت الدولة المتضررة رفع شكوى ضد آلة التدمير الصهيونية.