في غزة يوجد من يستحقون الفرح ويبدعون من أجل صناعته.. غزة تقاوم بدمها وأفراحها، لذلك تنتصر إنسانيتها دوما على ضراوة الحروب، هذا ما ترجمه الشاب العريس، عمر أبو النمر والعروس هبة فياض بإتمام زواجهما ليلة الخميس في مدرسة بنات الشاطئ الإعدادية "أ"، التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة. وقالت والدة العريس إن الاحتلال عندما هاجم بيت حانون دمّر منزلها الذي كان يضم أثاث ابنها عمر، حيث كان من المقرر إتمام الزواج خلال شهر سبتمبر، ولكن بعد تدمير البيت وأثاث البيت الجديد، قرر الشابان تحدي الدمار وتبكير الزواج داخل مدرسة إيواء النازحين. وقال والد العروس رياض فياض "أتممنا الفرح رغم جراحنا وصواريخ الاحتلال حتى يفهم العرب والعالم أننا سنفرح". فيما أكدت إحدى النازحات إلى مدرسة الإيواء "رغم الحزن سنفرح، ورغم الحرب معنوياتنا عالية وشعبنا سيعيش وينتصر، وعلى العالم أن يفهم أن الشعب الفلسطيني يريد حقه في الحياة". وتحدث أحد الشبان المنظمين للفرح: "رغم الدمار مستمرون في الحياة وغزة لن تسقط رغم كل المآسي، والفرح لرفع معنويات الناس ونحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا". مشارك في مراسم الزواج جاء مع أطفاله وأحدهم مصاب، قال: "نحن تحت 40 يوما من العدوان والقصف، جئت للمشاركة في أفراح شعبنا فرحة شباب فلسطين" اذن.. زواج عمر وهبة رسالة تحد للموت الإسرائيلي بالإصرار على الحياة، ومقاومة العدوان بالفرح، رغم الحزن الذي يخيم على غزة، من خلال إشعال شمعة أمل في ظلام الحرب، وفتح معركة لا يعرف الاحتلال الإسرائيلي مواجهة أسلحتها الإنسانية. وتزينت مدرسة الناحين في مخيم الشاطئ التابعة للأمم المتحدة، بالأعلام الفلسطينية وسط مشاركة واسعة من المواطنين الذين وجدوا في الحدث مناسبة للخروج من أجواء الحرب وتداعياتها، ووزعت الحلويات من المؤسسات المتبرعة والجمعيات التي ساهمت في تنظيم الفرح. واعتبر المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عدنان أبو حسنة أن الزواج داخل مدرسة إيواء لنازحين فيه تحمل رسالة حياة تخرج من غزة رغم الدمار الهائل، وعمليات القتل للفلسطينيين. هنا شعب يحب الحياة والمستقبل مثل كل شعوب العالم وسيناضل من أجلها عبر ثقافة الحياة والتطلع لها. تجدر الإشارة إلى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى نزوح قرابة ربع مليون فلسطيني، فرّوا من منازلهم الحدودية في حي الشجاعية وبيت لاهيا وبيت حانون وخزاعة وشرق رفح وغيرها. وقال وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني، مفيد الحساينة إن عمليات حصر الأضرار التي لحقت بالوحدات السكنية خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغت هدما كليا ل8800 وحدة سكنية. وأضاف الحساينة في تصريح صحفي وصل "مكتب الشروق بغزة" نسخة عنه أن 41420 وحدة سكنية، تعرضت للهدم الجزئي منها 7935 وحدة سكنية "غير صالحة للسكن". غادر العريسان بعد حفل استثنائي في ظروف استثنائية إلى فندق فاخر على شاطئ بحر غزة، ليقضيا يومين ثم يعودان إلى شقة مستأجرة أو إلى مدرسة النزوح إذا صمت العالم على تجديد العدوان في حال انتهت هدنة خمسة أيام التي تنتهي منتصف ليلة الاثنين القادم.