عبد العالي رزاقي من يتحمل مسؤولية »تشويه صورة الجزائر« على المستوى المعرفي واللغوي والنحوي؟ ولماذا تمتلئ كتب المنظومة التربوية، والمواقع الرسمية على الأنترنت، والمقررات والمحاضر الرسمية، وحتى القوانين بهذه الأخطاء؟ من عناوين المحلات إلى النص »لغة واحدة«! حين أجبرت لجنة عبد القادر حجار عام 1974 أصحاب المحلات التجارية على »تعريب الأسماء والعناوين، تحول »أناطول دى فرنس« إلى أناطول الجزائر، وظهرت »لغة جديدة« في الشارع الجزائر وصلت إلى مطابقة المكتوب بالفرنسية مع المترجم بالحروف العربية، لكن التعددية جاءت بموجة »الفرنسة« لأسماء وعناوين المحلات، دون احترام القانون تعميم استخدام اللغة العربية. وصارت حتى المقررات الرسمية ومحاضر الاجتماعات لأعضاء الحكومة تكتب بالفرنسية، بل إن برنامج الحكومة صار يعد بغير اللغة الوطنية، يكفي أن النص الأخير لهذا البرنامج الذي تمت المصادقة عليه العام الماضي، جاءت ترجمته ركيكة حتى أن عبارة »السياسة الخارجية لوزارة الدفاع« ترجمت ب السياسية الأجنبية لوزارة الدفاع«، والمشكلة ليست في الترجمة بل حتى في النصوص الأصلية، فعندما نأخذ القانون المدني الصادر عام 1968 سنجد لغته العربية، في بعض المواد، غير سليمة، فإحدى المواد جاء نصها كالتالي: »يمكن للأشخاص الطبيعية والمعنوية«، في حين أن الأصح هو »يمكن للأشخاص الطبيعيين والمعنويين«. ومعظم كتب المنظومة التربوية مملوء بالأخطاء المعرفية والنحوية واللغوية وصلت في بعض الكتب إلى أكثر من 1400 خطأ (أنظر كتاب الأدب للسنة الثانية ثانوي). والحجة التي تقدمها الجهات الوصية هي السرعة في تطبيق الإصلاح التربوي، وهي خمس سنوات عوض 12 سنة مثلما هو الحال في كندا. والمفارقة أن الكتب الرسمية مثل موسوعة الطوابع البريدية التي أصدرتها وزارة البريد وتكنولوجيا الاتصال بعدة لغات »تتجاوز المراحل التاريخية بتهميش بعض رموز المقاومة، ربما نعود إليها في مقال آخر، وكذلك (دليل الجمهورية) الذي أصدره أحد الخواص يتجاهل أسماء بعض رؤساء الجزائر. المطلوب »تدخل الرؤساء« لتوقيف التشويه! مواقع رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية تكاد تمثل أردأ صور التسويق السياسي للجزائر، فلا يوجد تحيين (آنية) للمعلومات، إلى جانب شحها، وعدم خلوها من الأخطاء، ناهيك عن الترجمة الركيكة، وحتى لا أُتَّهم ب (التعميم)، سأتوقف عند »تشويه« صور الرؤساء، أو إعطاء معلومات خاطئة، أو إخفاء معلومات متعلقة بالأشخاص، حتى يخيل للمطلع عليها أنها لا تضيف معلومات لأبسط مواطن يجهل بطولة ومواقف رجال الثورة الأحياء والأموات. والمتأمل في موقع رئاسة الجمهورية يخرج بالملاحظات الأولية التالية: أولا: غياب المصطلح أو المفهوم الموحد في لغة الموقع المتعلق بتاريخ ورؤساء الجزائر. ثانيا: لا توجد طريقة موحدة في كتابة مراحل حياة الرؤساء، وعدم الفصل بين منجزات الدولة ومنجزات الأشخاص. ثالثا: ترجمة ركيكة، وأخطاء لغوية كثيرة رابعا: عدد الصفحات المخصصة للرؤساء الثمانية هو 10 صفحات، للرئيس بوتفليقة ثلاث صفحات (81 سطرا)، ولبقية الرؤساء صفحة واحدة لكل رئيس، عدد أسطرها من 13 سطرا (اليامين زروال) مرورا ب 14 سطرا (بومدين وكافي)، و17 سطرا (بيطاط وبوضياف)، وانتهاء ب 19 سطرا (الشاذلي بن جديد). صور من التشويه المتعمد! ركز تعريف الرئيس أحمد بن بلة على أدائه الخدمة العسكرية سنة 1937 وانتخابه مستشارا لبلدية مغنية عام 1947، ومهاجمته مكتب بريد وهران عام 1949. ووصف ما حدث في 19 جوان 1965 ب (عزل من طرف مجلس الثورة) بالرغم من أن هذا المجلس بعد الانقلاب حمل في الوثائق الرسمية للجزائر صفة »التصحيح الثوري«. واسم حزبه هو »الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر«، وليس كما ورد في بطاقة الرئاسة. أما بالنسبة للرئيس الراحل هواري بومدين فقد وضع اسمه الثلاثي محمد إبراهيم بوخروبة، وتحول اسم معهد الكتانية إلى مدرسة، وزعم الموقع بأن بومدين انخرط في حزب الشعب بقسنطينة وهي معلومة خاطئة، كما زعم أنه زاول دراسته في جامع الزيتونة بتونس، وجميع المواقف التي اتخذت في عهده نسبت إلى الرئيس الحالي. وهناك شبه تجاهل للأعمال التي قام بها خلال الثورة مثل ترأسه محاكمة »جماعة لعموري«. وحين ذكر موقع الرئاسة اسم رابح بيطاط لم يذكر اسم المدينة التي ولد فيها، وتجاهل ماضيه الثوري بالرغم من أنه كان أول رئيس للولاية الرابعة للثورة. وتقول بطاقة بومدين أنه مات في 28 ديسمبر 1978 بينما تذكر بطاقة بيطاط أن بومدين مات يوم 27 من السنة نفسها. أما بطاقة الرئيس الشاذلي بن جديد، فهي تتحدث عن تنظيم جديد اسمه (التنظيم السياسي العسكري لجبهة التحرير الوطني) ظهر عام 1954، وكان الشاذلي بن جديد عضوا فيه. وعندما نقارن ما ورد في حوار صادر مؤخرا في إحدى الصحف الوطنية حول حياته، وبين المعلومات الموجودة في الموقع نجد مجموعة تناقضات. ويبدو أن الرئيس محمد بوضياف غير مرغوب فيه، فمثلما اغتيل في ظروف غامضة، هناك شبه تقييم على حياته النضالية قبل 1956، وخلال 62 - 1992. أما علي كافي الذي أصدر مذكراته وفيها معلومات عنه، فإن ما هو منشور يتناقض معها. وتزعم بطاقته بأنه كان في معهد الكتانية مع هواري بومدين، في حين أنه التحق بالمعهد قبل بومدين. ولفتت نظري عبارة تحمل الكثير من الإساءة إلى العقداء العشرة. وتقول بالحرف الواحد إن علي كافي (دخل في عداد الشخصيات العشر التي قامت بتنظيم الهيئتين المسيّرتين للثورة). وعند الحديث عن السفارات التي كان على رأسها تنسب إليه معلومات خاطئة مثل أنه كان سفيرا في إيطاليا والعراق، دون احترام حتى لتواريخ توليه السفارات الأخرى وهي القاهرة، بيروت، دمشق، طرابلس وتونس، مع عدم الذكر بأنه كان مندوبا للجزائر بالقاهرة وتونس لدى الجامعة العربية. أما اليمين زروال فلا توجد إشارة إلى الأنشطة أو المسؤوليات التي تقلدها ما بين 62 - 1974. في حين أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حظي بنسبة منجزات البلاد، خلال فترة بومدين، إليه، وكذلك بعد مجيئه عام 1999، ولكن هنا تقييما حول مسقط رأسه، والمفارقة أن مصطلح »التصحيح الثوري« ل 19 جوان 1965 ورد فقط في بطاقة تعريف الرئيس بوتفليقة، وإذا أردنا تقييم موقع رئاسة الجمهورية على الأنترنت نخرج بخلاصة في شكل سؤال: هل هذا الموقع تسويق سياسي للوجه الآخر للرؤساء أم تشويه لصورة الجزائر في رؤسائها وموظفيها السامين؟