أشرف صباح أمس كاتب الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالاتصال السيد عز الدين ميهوبي بفندق الأروية الذهبية على افتتاح اليوم الدراسي حول اللغة العربية في الصحافة المكتوبة الذي نظمه المجلس الأعلى للغة العربية في إطار منبر حوار الأفكار، وقد حضر أشغال الافتتاح شخصيات فكرية ومدراء وسائل الإعلام ورجالات الصحافة حيث تم تكريم البعض منهم في هذا اليوم الدراسي. وفي كلمة الافتتاح أكد وزير الدولة المكلف بالاتصال على أهمية المحاور المسطرة في هذا اليوم الدراسي والتي تتطرق إلى مكانة اللغة العربية ما قبل الاستقلال وما بعده، وأشار السيد الوزير إلى أن اللغة التي كانت تكتب بها صحافة ما قبل الاستقلال كانت لغة راقية وجذابة في البصائر والشهاب والمقاومة والمجاهد لأنها كانت تكتب بأقلام مسؤولة تقدم هذه اللغة باعتبارها حصانة لهويتنا الوطنية. أما عن اللغة المتداولة اليوم وخصوصا من الناحية التكوينية فقد تأسف السيد الوزير على الوضع المزري الذي آلت إليه حيث أصبحت تتساوى اللغة الرسمية مع اللغة الشائعة في الشارع وذلك من خلال توظيف كلمات تجرح شعور الغير، وأرجع السيد ميهوبي سبب ذلك إلى التكوين الإعلامي ولكون رصيد الطلبة من اللغة يتوقف سقفه عند الثانوي والمتوسط. ولم يغفل السيد الوزير المصطلح المستعمل والدلالات حيث لا تختار بدقة وأعطى عدة أمثلة على ذلك مؤكدا أن حالة إهمال اللغة كحامل للخطاب أصبح هشا غير قادر على حمل هذا الخطاب، وأن النص أصبح نصا هجينا من حيث البناء. وانتقد السيد الوزير بعض الصحف التي لا تمنح العربية حقها في أن تكون سليمة إذ هناك أخطاء رهيبة حتى في (المونشات) حيث نلاحظ حالة تسيب كبير في استخدام لغة هابطة ووضيعة مما يجعل الارتقاء بهذه اللغة حالة مثيرة. كما تطرق كاتب الدولة إلى مستويات اللغة ولاحظ أنها تشهد حالة انحدار بعدم احترام اللغة السليمة وذلك يعود لكون أغلب الصحف تتسوق من الانترنت.. هذا الجلب غير القانوني أثر بشكل كبير على التوازن المكتوب في الصحيفة. وأكد السيد الوزير أن هناك عدم وعي للحاجة للأمن اللغوي في هذا البلد، وهناك في الدول المتقدمة استراتيجيات لحماية اللغة ضد ما يسمى بالهجوم اللغوي، فأمننا اللغوي يضيف الوزير يبدأ بإنتاج لغة للوصول إلى لغة منتجة تراعي خصائص المجتمع في لغته وفي تنوعه المفترض أن يظهر في وسائل إعلامنا. وتساءل السيد ميهوبي لماذا لا ننتج اللغة والمصطلح لنصل إلى اللغة المنتجة. وأكد الوزير أن المؤسسات الإعلامية إن كانت ترغب حقا في تحسين اللغة فعليها أن تستثمر بعض المال في جلب المثقفين ونشر الكتيبات وفي التكوين لتجنيب الصحافة أخطاء تقع كل يوم. كما أكد السيد الوزير في معرض حديثه عن الصحافة المكتوبة أننا بحاجة إلى اصلاح لغوي على أصعدة شتى وذلك من خلال إنشاء ورشات مستمرة ودائمة ليعلن في الأخير عن افتتاح أشغال هذا اليوم الدراسي. ومن جهته أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور محمد العربي ولد خليفة في تدخله أن الهدف من هذا اليوم الدراسي هو الاستفادة من خبرة الأساتذة الجامعيين ومن التجربة الميدانية لهيئات التحرير في مختلف المستويات والاختصاصات للارتقاء بالأداء اللغوي في صحافتنا الوطنية والتعرف على جوانب الضعف والهفوات التي لا يقتصر الخلل فيها على اللغة وحدها، بل ينعكس على المضمون الذي ترغب في تبليغة. كما تطرق رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الى التخلف الذي هو تخلف الناطقين باللغة وليس تخلف اللغة لأن اللغة هي الأنا والنحن وهي ليست شيئا خارجا عنا. وأشار الدكتور محمد العربي ولد خليفة إلى أن العربية هي أساسا ثقافة وحضارة ولغة واحدة. وأن اللغة العربية ليست خصما للأمازيغية فهي لسان وتراث وطني تمت دسترته من فخامة رئيس الجمهورية، وأن افتعال الصراع بينهما لن يكون إلا لصالح لغة أخرى تسعى إلى المزيد من التغلغل في الألسنة والقلوب. وأكد رئيس المجلس في ختام مداخلته أن الصحافة المكتوبة فهي الى جانب دورها في تعميم استعمال العربية وتنقيتها من التهجين ونشر الفصحى والوسطى وتهذيب العامية، فإنها مؤسسات تساهم في الرقابة إذا نأت بنفسها عن الإشهار الغرائبي والتشهير المغرض وهي بذلك تكمل مهمات المؤسسات الأخرى.. إنها سلطة ليست فوق ولاتحت السلطات الأخرى إنها فيها جميعها. وقد استهلت الجلسة الصباحية بمحاضرات من أساتذة جامعيين حيث ترأس الجلسة الصباحية الدكتور بوزيد بومدين واستهلت الأشغال بمحاضرة "مكانة اللغة العربية في الصحافة العربية خلال الاحتلال الفرنسي (1830-1962) للأستاذ عبد العالي رزاقي، والأستاذ محمد سعيدي في محاضرة "تطور اللغة الصحفية في الجزائر بعد الاستقلال" والدكتور صالح بلعيد "دور الصحافة في ترقية اللغة العربية" لتليها الجلسة العلمية الثالثة وقد تناولت الأدب والصحافة، اللغة ومقررات التكوين الإعلامي، الفصحى واشكالية التأثير في الرسالة الاعلانية، مستقبل الصحافة المكتوبة في ظل الصحافة الرقمية لينتهي اليوم الدراسي بورشة شارك فيها نخبة من الأساتذة والباحثين ومسؤولي هيئات التحرير.