تنتخب البرازيل المنقسمة اليوم الاحد رئيسا جديدا - أو رئيسة - لها في اقتراع تتنافس فيه الرئيسة اليسارية المنتهية ولايتها ديلما روسيف والاجتماعي الديموقراطي آيسيو نيفيس بعد حملة كانت الاكثر سخونة في تاريخها الحديث. وتعد هذه الانتخابات استفتاء على 12 سنة من حكم حزب العمال الذي شهدت هذه الدولة الناشئة العملاقة في اميركا اللاتينية في عهده تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة. وكانت روسيف التي انتخبت في 2010 في اوج العصر الذهبي لراعيها الرئيس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010)، ورثت نموا اقتصاديا تبلغ نسبته 7,5 بالمئة. ووسعت اول سيدة تتولى منصب الرئاسة في اكبر بلد في اميركا اللاتينية البرامج الاجتماعية التي يستفيد منها ربع سكان البرازيل البالغ عددهم 202 مليون نسمة مما سمح لها بالحصول على تأييد الطبقات الشعبية والمناطق الفقيرة في شمال شرق البلاد. وفي عهد حزب العمال، اخرج اربعون مليون برازيلي من الفقر لينضموا الى الطبقة الوسطى التي باتت تشكل اغلبية وتم القضاء على آفة الجوع. لكن ديلما روسيف واجهت عقبات كثيرة من تباطؤ الاقتصاد الى مطالب للطبقة الوسطى التي توقف نموها الاجتماعي وفضائح فساد اضرت بسمعة حزب العمال. وتبدو حصيلة ادائها الاقتصادي ضئيلة على الرغم من نسبة بطالة منخفضة نسبيا (5 بالمئة)، اذ شهدت اربع سنوات من نمو متباطئ حتى دخول سابع اقتصاد في العالم في حالة انكماش، وتضخما (6,75 بالمئة) وتراجع المالية العامة وتدخلا للدولة واجه انتقادات حادة. اما مرشح الحزب الاجتماعي الديموقراطي آيسيو نيفيس (54 عاما) فيلقى دعم اوساط رجال الاعمال واليمين التقليدي وجزء من الطبقة الوسطى. وهو يعد باعادة تنظيم البيت البرازيلي. واستفاد نيفيس من استياء البرازيليين ليجعل من مكافحة الفساد احد محاور حملته الانتخابية وان كان حزبه الذي قاد البرازيل من 1995 الى 2002 تضرر بعدد من القضايا في هذا المجال. وقال مساء الجمعة في آخر مناظرة في الحملة الانتخابية بثها تلفزيون غلوبو وتابعها عشرات الملايين من المشاهدين "هناك طريقة للقضاء على الفساد وهي ابعاد حزب العمال عن السلطة". ومن ساو باولو الى ريو دي جانيرو وغيرها، سيحسم النصر النهائي من قبل الطبقات الوسطى المنقسمة في الولايات الاكثر اكتظاظا بالسكان في الجنوب الشرقي الصناعي حيث صوت عدد كبير من الذين خاب املهم في اليسار لمارينا سيلفا الشخصية الاستثنائية المدافعة عن البيئة. وكانت المدن الكبرى ريو دي جانيرو وساو باولو وبيلو اوريزونتي شهد حركة احتجاج اجتماعية تاريخية في حزيران/يونيو 2013 ضد التقصير في الخدمات العامة والمليارات التي انفقت على مباريات كأس العالم لكرة القدم في 2014 والفساد السياسي. وكانت استطلاعات الرأي تشير الى تقدم نيفيس في هذه المناطق من الدورة الاولى. لكن ديلما روسيف استعادت الكثير من شعبيتها في المناطق نفسها في حملتها الهجومية ضد خصمها. وقد اتهمته الرئيسة وحزبها "بالمحسوبية" واشارا الى عنفه مع النساء وحتى رفضه الخضوع لفحص للكحول في 2010 عندما ضبط وهو يقود سيارته "ثملا او بعد تعاطيه مخدرات". ورد نيفيس باتهامات مضادة. وادى تبادل الاهانات والشتائم بين الجانبين على شبكات التواصل الاجتماعي الى تفاقم الانقسام بين اليمين واليسار. وكشف استطلاع للرأي نشر معهد داتافولا نتائجه السبت ان روسيف ستفوز في الدورة الثانية من الاقتراع الرئاسي ب52 بالمئة من الاصوات مقابل 48 بالمئة لنيفيس حتى اذا بلغ هامش الخطأ 2 بالمئة. اما معهد ايبوبي فقد اشار الى ان روسيف ستفوز ب53 بالمئة من الاصوات مقابل 47 بالمئة لنيفيس، اي بفارق ست نقاط، بهامش خطأ يبلغ 2 بالمئة. لكن تجربة الدورة الاولى تدعو الى التزام الحذر. فقد بالغت استطلاعات الرأي حينذاك بتوقع فوز روسيف (41,59 بالمئة) وقللت من اهمية التأييد لنيفيس (33,55 بالمئة). وستدلي روسيف بصوتها صباح الاحد في بورتو اليغري جنوب شرق البلاد حيث امضت الجزء الاكبر من حياتها المهنية، قبل ان تعود الى العاصمة برازيليا. اما نيفيس فيصوت في بيلو اوريزونتي عاصمة ولاية ميناس التي كان حاكمها لولايتين. وسيمضي هناك الليلة الانتخابية. والتصويت الزامي في البرازيل.