احتشد مئات آلاف من معارضي اجراء مراجعة دستورية تسمح لرئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري بالبقاء في السلطة الثلاثاء، في تظاهرة اعتبرت تاريخية من حيث الحشد في القارة. ونظمت التظاهرة في العاصمة واغادوغو حيث تحدثت المعارضة عن مشاركة "مليون" شخص فيها. واشادت الحكومة من خلال الناطق باسمها الان ادوار تراوري في بيان ب "حيوية" الديمقراطية في بوركينا فاسو مع الاعراب عن اسفها لحصول "تجاوزات". وفي نهاية التظاهرة التي طالبت برحيل الرئيس والتراجع عن التعديل، جرت مواجهات استمرت ساعات بين مئات المتظاهرين المسلحين بالحجارة والقضبان الحديدية وقوات الامن التي كانت ترد بالغاز المسيل للدموع. وبعد الظهر ازالت الشرطة حواجز اقامها المتظاهرون ما اتاح عودة تدريجية لحركة المرور. وتم اخلاء متظاهرين كانوا قرروا الاعتصام بساحة الامة الرمز في العاصمة دون صدامات عند المساء. وقال زيفيرين ديابري زعيم المعارضة ان "مسيرتنا حققت نجاحا ضخما. انها هائلة" في حين قدر رئيسا اثنين من احزاب المعارضة المحامي بينيوندي سنكارا وابلاسي ودراوغو عدد المحتجين ب"المليون". وقبيل التظاهرة، هاجم الدرك الوطني بضع عشرات من الشباب اقاموا حواجز لمدة ساعات على اكبر طريق في البلاد تربط بين العاصمة واغادوغو وبوبو ديولاسو، ثاني مدن البلاد، على ما لاحظ مراسل وكالة فرانس برس. ولم تتدخل وحدت النخبة للجيش التي تضمن امن الرئيس وكانت منتشرة في المكان على ما لاحظ مراسل فرانس برس في حين اعلن الدرك انه لم يوقف اي احد ولم يصب احد. من جانبها دعت المعارضة الى هذه التظاهرة الثلاثاء احتجاجا على ما قالت انه "انقلاب دستوري" يعد له الرئيس بليز كومباوري. وستقوم الجمعية الوطنية الخميس بالنظر في مشروع قانون مثير للجدل عرضته الحكومة ويهدف الى تعديل البند 37 من الدستور لتغيير عدد الولايات الرئاسية المسموح بها ورفعها من اثنتين الى ثلاث مدة كل منها خمس سنوات. ويهدف هذا التعديل الى افساح المجال امام كومباوري الذي يحكم البلاد منذ 27 سنة ويفترض ان تنتهي اخر ولاياته في 2015، الى الترشح مجددا للانتخابات الرئاسية. وسينهي بليز كومباوري الذي تولى السلطة في 1987 اثر انقلاب عسكري، السنة المقبلة ثاني ولاياته من خمس سنوات (2005-2015) بعد ان حكم ولايتين من سبع سنوات (1992-2005). غير ان المعارضة تخشى ان يسمح هذا التعديل الدستوري الذي يفترض الا يكون بمفعول رجعي، للرئيس الذي انتخب اربع مرات بنسب مبالغ فيها بان يبقى ليس لولاية واحدة فحسب بل لثلاث ولايات متتالية ما يضمن له الحكم 15 سنة ليرتفع حكمه اجمالا الى 43 سنة. وبعد موافقة ثالث حزب سياسي في الجمعية السبت، يتوقع ان تتمكن الاغلبية التي تشغل ثلاثة ارباع المقاعد في المجلس اي 96 نائبا من اصل 127، من المصادقة على مشروع القانون دون اللجوء الى استفتاء كما اعلن مبدئيا. لكن هذا المشروع يثير استياء المعارضة وقسم كبير من المجتمع المدني والعديد من الشبان في هذا البلد الذي يشكل فيه الشباب الذين تقل اعمارهم عن 25 سنة، اكثر من ستين في المئة من مجمل السكان وعددهم 17 مليون، ولم يعرفوا حاكما اخر غيره. وفي حين كان الجميع يتحدث على تعديل البند 37 منذ اشهر، دفع اعلان مشروع القانون في 21 تشرين الاول/أكتوبر بالمحتجين الى تكثيف نشاطهم. وبعد تظاهرات سلمية نسبيا جرت الاسبوع الماضي في واغادوغو، قال آسيمي كواندا زعيم الاغلبية البرلمانية محتجا ان مجموعات من "50 الى 300" شخص بدأت "تعتدي" منذ الاحد على نواب الاغلبية امام منازلهم وتتهمهم بانهم "فاسدون" و"خونة" و"جهلة"، وتطلب منهم عدم التصويت على التعديل الدستوري. واكثر من ذلك هدد هؤلاء المحتجون كما قال كواندا "باحراق منازلهم (النواب) ونسائهم واطفالهم اذا (لم يمتثلوا) الى مطالبهم". وطلب من الرئيس الذي يتولى حقيبة الدفاع ايضا اتخاذ "كل الاجراءات" من اجل الحفاظ على "أمن" النواب. وتفاقم التشدد لدى الجانبين تفاقمه تصريحات عدائية من رجال السياسة. وقال كواندا السبت امام كوادر من الاقاليم تابعين للحكم "اذا احرقوا منزلا واحدا لاحد مناضلي الاغلبية فيجب ان لا يبقى اي منزل من منازل المعارضين سالما". وبعد ما كانت المعارضة والمجتمع المدني يدعوان الى "العصيان المدني" اصبحوا يحددون "اخر مهلة" و"تحذيرات" للسلطات ويدعون الى "استقالة" الرئيس المتهم بمحاولة تولي "الحكم مدى الحياة". ودليلا على ان السلطات تاخذ هذه التهديدات على محمل الجد، اغلقت المدارس والجامعات كل الاسبوع تحسبا لتجاوزات. ودعت النقابات الى يوم اضراب وطني الاربعاء كما طلبت شخصيات من المعارضة من الشعب تعطيل البرلمان الخميس لمنع التصويت على التعديل الدستوري.