بالرغم من تركها مُهملة وعُرضة للقطط والكلاب والذباب، وبقائها متسخة وقذرة داخل الموانئ والأسواق لأشهر طويلة تحت أشعة الشمس، لا تزال الصناديق الخشبية تستعمل بكثرة لدى مُسوّقي الأسماك، غير أبهين بخطورتها على الصحة العمومية، وضاربين عرض الحائط بقرار وزاري صادر في 2010 يمنع نقل وبيع السمك في صناديق الخشب وتعويضها بصناديق البلاستيك. أضحى تسويق الأسماك في الجزائر يطرح أكثر من علامات استفهام، فزيادة على أسعاره الخيالية، والتي رفعته إلى مرتبة الوجبات الفاخرة، نجد المسوّقين يتعاملون مع هذا البضاعة سريعة التلف بسلوكات فيها خطورة على صحة المواطن، وإلا كيف نفسر إصرار الباعة على وضع السردين في صناديق خشبية، تعتبر بيئة حاضنة لمختلف أنواع الجراثيم والميكروبات، ضاربين عرض الحائط بالقرار الوزاري المشترك المؤرخ بتاريخ 28 أفريل 2010 والقاضي بمنع نقل وبيع السمك في صناديق خشبية وتعويضها بالبلاستيكية.
صناديق البلاستيك لا أثر لها والصيادون يبرّرون واختلفت تبريرات المعنيين بالموضوع، فبائعو السمك الذين اقتربنا منهم بسوق جسر قسنطينة بالعاصمة، أكدوا أن الصناديق البلاستيكية غير متوفرة، وإن توفرت فأثمانها غالية مقارنة بالخشبية، فسعر صندوق بلاستيكي يفوق 300 دج فيما لا يتعدى الخشبي 140 دج، وعن خطورة الخشب على سلامة "السردين" أكدوا أنهم يتجنبون وضع السمك مباشرة داخل الصندوق الخشبي، بل يفصلون بينه وبين السمك بكيس بلاستيكي، كما أن الصناديق -حسبهم- تُغسل لاحقا بماء الجافيل. لكن ما رأيناه على أرض الواقع يُثبت عدم صحة أقوالهم، فبمجرد نفاد كمية السردين، يجمع الباعة الصناديق الخشبية في مكان معين وحتى قرب المزابل دون غسلها من دماء السمك، فيتجمع حولها الذباب، وتقترب منها القطط والكلاب، والخطير أن البائع يعاود استعمالها في اليوم الموالي وهي على الوضعية نفسها. بولنوار: الصناديق الخشبية خطر على الصحة العمومية وفي هذا الإطار أكد بولنوار الطاهر الناطق باسم التجار والحرفيين للشروق، أن الصناديق الخشبية المستعملة في تسويق السمك وحتى الخضر والفواكه صارت خطرا داهما يهدد صحة الجزائريين، فالخشب من أكثر المواد صعبة التنظيف والمحتفظة بالجراثيم والممتصة للحرارة، لوجود مسامات بها وشقوق تسمح بتغلغل دم السمك، وتساءل محدثنا "جميع الدول العربية وغالبية الدول الإفريقية تتفادى استعمال صناديق الخشب لتسويق السمك إلا الجزائر، لذا نطالب السلطات بفرض وتعميم استعمال صناديق البلاستيك على 30 ميناء الموجودة عبر 13 ولاية ساحلية، خاصة بعدما أصبحنا نرى صناديق الخشب تستعمل حتى في سفن الصيد". حسين بلوط: عصابات الخشب هي من تسيطر على الموانئ
ومن جهته استنكر حسين بلوط رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري الظاهرة، معتبرا في تصريح للشروق أن مسمكة العاصمة هي الوحيدة التي تستعمل صناديق البلاستيك في نشاطها. موجها الاتهام الرئيسي في انتشار الصناديق الخشبية إلى عصابات الخشب، التي لم تجد رادعا لتصرفاتها، "فهي تقطع الأشجار بطريقة غير قانونية خاصة أيام العطل والمناسبات، وتُصنّع الصناديق ثم تُسوقها للفلاحين والصيادين....وساهم غياب الرقابة على تنقل شاحنات نقل الخشب عبر الطرقات في انتشارهم، وهذه العصابات قضت على الثروة الغابية بالجزائر، وساهمت في انتشار الصناديق الخشبيّة بدل ترك المجال لتجارة البلاستيك والذي تعتبر الجزائر رائدة في إنتاجه وتصديره، ورغم تنديدنا المتواصل باستعمال الخشب من طرف باعة السردين، لم نلق تجاوبا من السلطات"، وأكد بلوط أنهم سينظمون قريبا أياما تحسيسية للتوعية بخطورة مادة الخشب على السمك.