أجمع أول أمس قدماء المحاربين الفرنسيين في الجزائر والحركى والذين ارتكبوا جرائم بشعة في حق الجزائريين خلال الفترة الاستعمارية على مطالبة الحكومة الفرنسية بالرفع من شأن الحركى، ومعاملتهم كبقية الجنود الفرنسيين الذين خاضوا حربا ضد الجزائر، وذلك خلال عقدهم للمؤتمر الثالث والثلاثين لفيدرالية قدماء المحاربين الفرنسيين في الجزائر. وأشارت أمس وسائل إعلامية فرنسية إلى أن هؤلاء المجرمين يعتزمون مطالبة السلطات الفرنسية بما فيها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وحكومته بجعل يوم 19 مارس 1962 الذي يعد عيدا للنصر في الجزائر كيوم وطني في فرنسا يطلق عليه لقب ''يوم الموت من أجل فرنسا''. وكذا العمل على إقامة معلم تذكاري في التاسع عشر من مارس المقبل يخلد هذه الذكرى، ومعلوم ان الرئيس الفرنسي كان قد عبر في أكثر من مرة عن تعاطفه وتأييده اللامشروط لفئة الحركى وقدماء المحاربين الذين ارتكبوا خروقات إنسانية كبيرة في الجزائر. واتفق قدماء المحاربين الفرنسيين على مساءلة حكومة فرنسوا فيون ومطالبتها بان تجعل عائلات من ماتوا خلال استعمارهم للجزائر وكذا الحركى والخونة من أصول جزائرية ومغربية وتونسية في درجة مساوية للجنود الفرنسيين الذين لقوا حتفهم على أيدي الثوار الجزائريين، إضافة الى ان هؤلاء المجرمين ينوون مطالبة فرنسا بان تسوي معاشات تقاعدهم وتمنحهم منحا إضافية وعالية على ما قاموا به من أفعال غير إنسانية في الجزائر. وتعتبر مطالبة قدماء المحاربين الفرنسيين حلقة جديدة من حلقات التنكر للحقيقة التاريخية من خلال تلميع صورة ماضي باريس، ومواصلة التشبث بالفكرة المزيفة ان هذا الماضي ايجابي، إضافة الى انه يبدو ان مطالبة هؤلاء المجرمين ليست اعتباطية فهي تأتي بعد فترة قصيرة من إطلاق ساركوزي لمشروعه الخاص بالاتحاد من اجل المتوسط الذي ادعى فيه انه سيكرس مزيدا من التعاون بين شعوب ودول منطقة حوض المتوسط، وكذا أيام قليلة قبل احتفال الجزائريين بذكرى ثورة أول نوفمبر المظفرة وبيوم الهجرة في السابع عشر من أكتوبر الجاري، كما يلاحظ ان بقاء تعالي هذه الأصوات في الوسط الفرنسي يفند كل التصريحات الرسمية التي يطلقها المسؤولون الفرنسيون حول إمكانية توقيع اتفاقية للصداقة بين البلدين.