كشفت الإعلامية ليلى العقاد للشروق، أن شقيقها المخرج العالمي مصطفى العقاد، كان يحلم بالتقاعد في سوريا ولم يحب أمريكا يوما. * مؤكدة أن منع فيلمه «الرسالة» من العرض في سوريا ومهاجمته من قبل يهود أمريكا، جعله يحوّل منزله بسوريا، متحديا، إلى قاعة سينما تقاطر عليها مئات السوريين لمشاهدة الفيلم الرائعة عبر الفيديو. * * لن نسألك عن شخصية العقاد أو عن تفاصيل من تاريخه الحافل بالنجاحات السينمائية، والموقع بأفلام خالدة، لكن نودّ أن نتعرف منك بوصفك شقيقته القريبة إلى قلبه، عن آخر ما كان يشغله قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى؟ * ما كان يشغله قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى هو نفسه ما ظل يُؤرّقه طيلة حياته. شقيقي لم يتقبل فكرة الغربة والعيش بعيدا عن سوريا موطنه الأم، بعد أن استقرّ به المقام بأمريكا محافظا على جذوره العربية، وآخر ما كان يردده على مسامعنا: «أريد أن أتقاعد بسوريا، لا أتمنّى الموت بأمريكا، ومن يريد أن يعيش بها فليفعل، لكن أنا لا استطيع...». * * ولماذا اختار الغربة وأمريكا على وجه الخصوص ليتخذ بها مقاما إذاً؟ * أمريكا لم يخترها مصطفى« عن ميل أو حبّ، ولم تعدُ كونها وجهة أكاديمية لتلقي فنون الإخراج، باعتبار أنها دولة متقدمة في هذا المجال، أراد أن ينهل من علمهم ليصقله ضمن أفلام عربية، حاول من خلالها إصلاح صورة العرب والمسلمين والتي كان يراها في أسوأ حال في كل مكان يذهب إليه، وعلى الرغم من هذا فقد عمد شقيقي إلى تأسيس مكتب خاص بلندن ليكون قريبا من البلدان العربية. * * فيلم الرسالة، العمل السينمائي الرائع الذي رسخ بصمة العقاد في الذاكرة العربية، تلقى كثيرا من الصد والمنع من العرض من بلدان غربية وعربية أيضا، كيف واجه مصطفى العقاد تلك المواقف ليفرض عمله بعد ذلك؟ * انتابته نوبات حزن شديدة ومتكررة، عندما اعترضت بعض الدول العربية على عرض الفيلم من منطلقات عديدة، فقد تعرض لضغوطات قوية، وصدم في البداية من المغرب وهو يعترض على استكمال تصوير »الرسالة« على أرضه، ما دعاه إلى اللجوء إلى ليبيا، أين استكمل التصوير بصحرائها. وتوالت رياح الاحتجاج على العقاد من خلال منعه من عرض العمل ببلدان عربية كثيرة منها سوريا بلده، كما أن يهود أمريكا اعترضوا هم أيضا على العمل بشدة، ولما تزامن خروج الفيلم إلى الوجود مع توسع انتشار الفيديو المنزلي، فكر العقاد في ركوب التحدي وأخبرني بصريح العبارة »سأعرض الفيلم رغما عنهم«، ففاجأنا بتحويل منزل العائلة الكائن بحلب إلى قاعة عرض سينمائي بعد أن أفرغناه من الأثاث، وبدأ بموجب ذلك السوريون يتقاطرون على البيت لمشاهدة »فيلم الرسالة« الذي خطف قلوبهم وأبصارهم. * * طيب، هل تظنّين أن العقاد نال نصيبه من الاهتمام والتكريم قبل وفاته، أم أن وفاته هي ما دفع بالحكومة السورية إلى إطلاق اسمه على مدرجات كليات ونحت وجهه من البرونز للذكرى وتشييد نصب تذكاري له في مدخل مدينة حلب السورية؟ * هذه العناصر كلها التي ذكرتها لا تخلد اسم »مصطفى العقاد« بقدر ما هو راسخ في قلوب وعقول الجماهير العريضة التي عشقت أفلامه السينمائية المنفذة بحرفية كبيرة، فشقيقي هو ملكية لكل من أحبّوه بصدق، وأظن أن حب الناس له تضاعف بعد موته. * * أخيرا، هل يمكن لموهبة فذة كالعقاد أن تتكرر؟ * لا أظن مصطفى العقاد لن يتكرر أبدا.