في هذا الحوار مع "الشروق"، يدافع نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي سابقا، عبد الحفيظ غوقة، عن اللواء حفتر ويصفه بأنه "مخلص ليبيا من الجماعات الإرهابية"، وينزه غوقة مصر ويقول إن عمليتها العسكرية في ليبيا "كانت مبررة"، ويعود المعني إلى تصريحاته اللاذعة في حق الجزائر بداية الحراك في ليبيا، ويؤكد أنه انتقد الحكومة لا الشعب، لكنه يحيي المواقف الأخيرة للجزائر من الأزمة. كيف تم التواصل معك لحضور اجتماع الجزائر ومن يمثل غوقة؟ تلقيت دعوة من بعثة الأممالمتحدة وأنا مقيم في القاهرة للحضور مع القوى السياسية والشخصيات المستقلة، وأحضر إلى الجزائر الشقيقة لندعم الحوار ولحل المشكلة السياسية وإنهاء حالة الانقسام وتوحيد الجهود لمحاربة الإرهاب، والإعمار، وإنهاء الحرب على أهلنا الذين يعانون النزوح والتهجير والقتل. نريد وقف إطلاق النار وإنهاء النزاع المسلح، وعودة المهجرين، لهذا جئنا لدعم الحوار وتأكيد الأولويات التي بات شعبنا يحتاجها عبر الحوار وتشكيل حكومة وطنية من الكفاءات لقيادة المرحلة وتسخير كل الإمكانيات لإنهاء الخراب والدمار، والبدء في الإعمار.
ما هي ضمانات تطبيق إعلان الجزائر في ظل غلبة السلاح؟ المسلحون وأمراء الكتائب هم جزء من الحوار، سواء أكانوا مشاركين عبر الأحزاب السياسية، أم كانوا مليشيات ليس لها مرجعية سياسية، مع استثناء الجماعات الإرهابية الواجب قتالها.
تقصد "أنصار الشريعة"؟ ينص الاتفاق والمخرجات أن هذا التشكيل منظمة إرهابية يجب مكافحتها بكل السبل، عن طريق الإعلام والخطاب الديني وعن طريق القوات المسلحة، يجب ألا يكون لها مستقبل في التراب الليبي. بدأنا المسار الديمقراطي في جويلية 2012، ولن نتخلى عنه تحت أي ظرف أو تهديد، ولا يمكن للسلاح أن يكون البديل والخيار، لهذا أكدنا على شرعية البرلمان واستمراره كمرجعية للحكومة هو من يمنحها الثقة ويراقب أداءها، مع تمتعها بالاستقلالية، لكن عليها أن تؤدّي الأمانة وفق برنامج محدّد الأولويات وأن يكون لها جدولٌ زمني خلال 6 أشهر تنفذ خلالها مهام معيّنة، وخلال أداء المهام نحاسبها إذا تخلت أو تلكأت في تنفيذ أعمالها، هذه المسائل نضعها ثم يتم تسمية الحكومة وليس العكس، فقد كان يتم تسمية رئيس الحكومة سلفا لكنه يقع تحت سيطرة المسلحين ولا يقوم بشيء في النهاية ويفرّط في الأمانة، لهذا لا نريد أن يتكرر الأمر، هذا ما نتصوره في مخرجات الحل. والمسألة الثانية للحل تعتمد على ضرورة محاربة التنظيمات الإرهابية، فقد عانينا من الإرهاب والتطرف في ظل غض الطرف عنهم من طرف السياسيين.
من يدعم الإرهاب داخليا وخارجيا في ليبيا؟ في فترة المؤتمر لم يكن أحد يجرؤ على تسمية أو توصيف ما كان يحدث في الشرق من قتل واغتيال واعتداء على المؤسسات بأنه عمل إرهابي، وعندما أطلق وزير الدفاع حينها الثني وصف الإرهاب على "أنصار الشريعة" قامت القيامة وتم تخوين الثني سواء من المؤسسات التشريعية وحتى من المفتي الصادق الغرياني.. "أنصار الشريعة" تنظيم إرهابي في الداخل والخارج الليبي، وكل المؤسسات الدولية تنظر إليهم هكذا.
هل أنت مع الطرح أن قطروتركيا داعمتان للإرهاب؟ لقد تحدثت مع المبعوث الأممي وقلت له إن الأزمة ليست أزمة ليبية داخلية، ولكنها صراعٌ إقليمي، وهذه الأطراف تعمل على تأجيج الصراع، وتدعم تنظيمات إرهابية، وهذا الأمر قاله مندوبنا في الأممالمتحدة: إن تركياوقطر تدعمان تنظيمات إرهابية، كما أن هنالك اتهامات إلى الإمارات بدعم طرف على حساب طرف آخر. صراحة لا نريد لأي كان التدخل في شؤوننا، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته في حماية شواطئنا تماشيا مع المقترح الأممي بتشكيل قوة لمنع تدفق السلاح إلى الداخل الليبي ونهب النفط من بعض الأطراف. ولا يخفى عنكم، أن إمكاناتنا لحماية الحدود ومقدراتنا متواضعة للغاية، والتنظيمات الإرهابية تغوّلت، وبسطت سيطرتها على درنة وأنهت حكم الدولة ثلاث سنوات كاملة، وكذلك الحال مع سرت، وبنغازي في أجزاء منها خارج سيطرة الحكومة.
ألا يحمل كلامك الكثير من التهويل؟ من ينكر ما أقوله ندعوه أن يتوجه إلى درنة، في درنة إمارة إسلامية، هنالك محاكم إسلامية ونظام للحسبة، وإنكار ما يحدث في المدينة أو السكوت عنه سيفاقم الأوضاع.
تحدثت عن تدخلات أجنبية، هل تدخل ضمنها العملية العسكرية لسلاح الجو المصري في ليبيا؟ ما قامت به مصر تمّ بالتنسيق مع السلطات الليبية والقيادة العسكرية التي تخضع لسلطات البرلمان، إذن فالعلمية العسكري المصرية مبررة، إضافة إلى هذا ليبيا عمقٌ استراتيجي لمصر والعكس صحيح، وزعزعة الأوضاع في مصر ستنعكس وتفاقم الوضع في ليبيا، لماذا هذه الأصوات المعارضة لمصر الآن؟ هل نترك التنظيمات الإرهابية تتغوّل أكثر من حجمها الحالي؟ لماذا تم السكوت عن قتل ما يزيد عن 600 عسكري في البلاد؟ ولحسن الحظ بدأت الأوضاع تتحسن خاصة في بنغازي. محاربة الإرهاب ليس مسألة محلية تخضع لاعتبارات السيادة الوطنية، العالم يقاتل الإرهاب في سوريا والعراق في أفغانستان دون اعتبارات لسيادة الدول، لكن محاربة الإرهاب الآن تتم وفق نفاق أمريكي وغربي، لأن أمريكا التي تدعي محاربة الإرهاب و"داعش" تحديدا في سوريا والعراق، تغض الطرف عن الإرهاب في ليبيا، كما يجب أن لا نخفي أن "داعش" وقبلها "القاعدة" هي صناعة أمريكية بحتة.
تشير إلى اللواء حفتر، هل هو المخلّص في نظرك؟ لا يوجد غيره من انبرى إلى مقاتلة الجماعات الإرهابية، أقول ما أقول ليس دفاعا عن الأشخاص، أنا أتحدث عن مؤسسات لا أشخاص، الوحيد الذي انبرى إلى محاربة الإرهابيين هو حفتر لأن القتل كان سيطاله هو ومن تبقى من الجيش الليبي، لقد انبرى الرجل إلى إفساد مخططات الجماعات الإرهابية، لذلك لا أستطيع أن أنتقد هذا الرجل أو أنال مما قام به، لأنه لا يوجد لدينا بديل، نحن نتمنى أن يكون لدينا مؤسسة أكثر انضباطا ونظامية، لكن هذا هو الموجود حاليا، القذافي لم يترك لنا مؤسسات متكاملة، هذا ما فعله القذافي طيلة 42 سنة وهو الأمر الذي أبقاه طيلة تلك السنين في الحكم متوهّما وزاعما أنه "ملك ملوك إفريقيا".
كانت لك آراء حادة في حق الجزائر، ألم تخطئ في حقها والكل يقرّ أن غايتها حل الأزمة الليبية؟ أنا قومي عربي وأقول إن الجزائر بلدي، لما أنتقد الجزائر أنتقد الحكومة الجزائرية لا الشعب الجزائري، وحتى من الجزائر من انتقد بعض مواقف الحكومة، في ثورة 17 فبراير 2011 لم يكن لها موقفٌ واضح، بل بالعكس حتى الحياد أمام شعب يُقتل لم يكن موقفا أخلاقيا، كان يجب أن تدين أعمال القتل التي اقترفها القذافي. علاقاتي مع الجزائر قوية ووالدي كان مناضلا في جبهة التحرير وكان يقيم ببيت الزعيم بن بلة رحمه الله، لا سبيل للجزائر إلا أن تستقرّ ليبيا، وأتمنى لها الاستقرار والأمن، الآن أنا مرتاح لما قاله الوزير مساهل إنه "لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي وإخواننا في ليبيا في هذا الوضع الخطير". وأضيف كذلك أمراً: لقد دعيت إلى لقاء سويسرا ورفضت وجئت لما دعيت إلى الجزائر. تغير الموقف الجزائري أمر مشرّف فهو موقف عروبي..
توصف بأنك من ثوار الناتو.. ألا يزعجك هذا؟ أنا مؤمن بالقومية العربية وأنا ناصري، وأعتبر الوطن العربي دولة واحدة، وأنا ضد الانفصال، أما من وصفوني بأنني من "ثوار الناتو" وهي العبارة التي أطلقها القذافي، فعند بداية الذبح الذي تعرض له شعبنا قلت للجامعة العربية: "إذا عجزتِ عن حمايتنا فاتركينا ندافع عن أنفسنا لوحدنا"، الناتو تدخل بعد 31 يوما من التقتيل، وطلبنا التدخل كان لحماية المدنيين دون التفريط في سيادتنا، وأؤكد لكم أن هذا التوصيف لا يزعجني بتاتا.