كدنا أن ننسى أننا أبناء أمة صنعت أعظم تاريخ بشري ونقلت الناس من جاهليتهم وعبادة النار والخرافة والفرعنة ومن جور القوانين وقهر الأوضاع إلى حياة العلم والرفاه وكرامة الإنسان .. * كدنا نعتقد أن الذل والقهر رفيقان ملازمان لنا .. كدنا أن نستكين بأن فلسطين أصبحت إسرائيل .. هكذا على الأقل عملت أجهزة الإعلام الغربي الموجه وأطروحات الغربيين والأمريكان الثقافية في الترويج عن أمتنا، وهكذا كررت أبواق المستلبين من أبناء أمتنا. * الصفقة الأخيرة لتبادل الأسرى ورفات الشهداء العرب التي نفذتها المقاومة اللبنانية أحيت في نفوسنا مشاعرا كادت سنوات الهزائم العجاف أن تطمرها .. في لحظة واحدة انتعشت أرواحنا ونطقت حناجرنا المغصوصة ونحن نشاهد مواكب الشهداء العرب في كل عواصمنا: أمجاد يا عرب أمجاد.. أجل هاهو الجرح مفتوح ودمه حار !! وراياتنا لم تنكسر ولايزال حادي الركب ينشد للقافلة المباركة معزوفة النصر القادم. * ليبيون وجزائريون وتوانسة ومغاربة ولبنانيون ويمنيون ومصريون وسودانيون وعراقيون وعرب من كل البلدان شهداء على أرض فلسطين يعودون هذه الأيام إلى عواصمهم يحيون فيها روح المقاومة ويجددون العهد مع شعوبهم عشقا لفلسطين وعهدا على مواصلة الجهاد والمقاومة.. * وفي لحظة يبرق أمام أعيننا صكيك سيوف الفاتحين وتدك الأرض أقدام خيولهم بعزف جميل ذهب كأروع أهزوجة عرفها تاريخ الناس.. وتشرق في الأفق شمس العرب التي أضاءت على العالمين.. أجل من تعرض كأمتنا لكل هذا الشر الغربي منذ عدة قرون؟ من تعرضت كل مقومات حياته لمثل هذا الدمار في الجزائروفلسطين والعراق والصومال والسودان وأفغانستان ولبنان وغيرها وغيرها؟ ورغم ذلك كله لم نستسلم ولم نعط الدنية في ديننا أو عروبتنا ..ولازالت فلسطين بكامل إشراقها والعراق يتدفق نهر من لهب يمنعنا من الركون لأكاذيب الغرب. * إنهم الشهداء الذين يعودون إلى أهلهم مكللين بتاج أشرف قضية ..ذهبوا إلى فلسطين أفرادا مجاهدين وقد لا يكون أحد أحس بذهابهم سوى أهلهم الأقربون .. إلا أنهم عادوا منها رسلا يحملون رسالة الجهاد والمقاومة كأفضل ما تكون الدعوة وأروع ما يكون الدعاة ترفعهم أكف أبناء شعوبهم إلى المجد. * انه خيار الكرامة وخيار الحرية وخيار السلام ذلك ما خطه شهداء العرب على أرض فلسطين.. وان ما يخطه المرتهنون لسياسات أمريكا ووعودها المخادعة فهو خيار المذلة والعبودية واستمرار النزف والصراع .. ولن تستطيع الهمم الهابطة والنفوس المرذولة والجبلات المنحطة أن تقف أمام سيل المقاومة الذي يفيض بدماء الأحرار من أمة العرب والإسلام، انه سائر إلى غاياته بنصر عزيز مؤزر ويومئذ يفرح المؤمنون.