تناقل الأربعاء الإعلام العربي على المباشر مراسيم تشييع جنازة الشاعر الكبير محمود درويش في رام الله، حيث تدفق آلاف الفلسطينيين على اختلافاتهم الاديولوجية والفكرية لتوديع فارس القصيدة العربية الذي ترجل أخيرا عن فرسه. * وكانت رام الله قد شهدت منذ الساعات الأولى لصباح الأربعاء أجواء حزينة اضاءتها الشموع وتزينت بصور درويش التي حملت إحدى أجمل قصائده "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، وقد كان في استقبال الجثمان الذي نقل على متن مروحية من الأردن إلى رام الله من طرف ثمانية من الحرس الفلسطيني بزيهم الرسمي ولفوا التابوت بالعلم الفلسطيني في أجواء مهيبة شهدت حضور عائلة وأصدقاء الشاعر مثل مارسيل خليفة الذي بكى مطولا على ضريح الشاعر الذي غنى له عديدا ووالدته التي ودعته على كرسي متحرك، وألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة تأبينية في الجنازة الرسمية الأولى التي تقيمها السلطة الفلسطينية منذ 2004، حيث ذكر بخصال الراحل الكبير واعتبر رحيله "علامة فارقة في تاريخ الثقافة الفلسطينية". * وفي نفس الإطار ألقى الشاعر سميح القاسم كلمة تأبينية مطولة تعكس مدى العلاقة بين الرجلين، وهو يصفه ب"أخي الذي لم تلده أمي"، وقد دفن درويش على تلة تشرف على القدس أمام قصر الثقافة الذي شهد آخر أمسية شعرية له في فلسطين وهو القصر والمكان الذي سيحمل اسمه بعد اليوم. وكانت والدة درويش الحاجة حورية قد طلبت بدفنه إلى جوار والده، لكن تعذر الأمر ليدفن كما قالت السلطة الفلسطينية في مكان، حيث سيتمكن آلاف من محبيه من زيارة قبره. * * وكان الشاعر قد فارق الحياة الأحد الماضي بإحدى المستشفيات الأمريكية بعد عملية في توقف مسيرة الذي نذر حياته لقضية شعبية حتى ارتبط اسمه بفلسطين والوطن الذي أعلن الحداد لمدة 3 أيام حزنا على "الفارس الذي ترك أخيرا الشعر وحيدا". وعرف عن درويش الذي ترجمت قصائده لأكثر من عشرين لغة عالمية وفاءه لمبادئه والذي سار عليه طيلة حياته، حيث استقال من كل هيئات منظمة التحرير الفلسطينية بعد التوقيع على اتفاق أوسلو بالأحرف الأولى، وهو الذي حرر وثيقة إعلان الاستقلال في الجزائر في 1988 وتحدى شارون "بمديح الظل العالي" وجولدا مائير "بسجل أنا عربي"، وسيسجل التاريخ فعلا أن درويش كان عربيا، بل كان نصف العرب عفوا كل العرب.