أكد رئيس الجمعية الجزائرية لأطفال التوحد، الدكتور حموش بلاح، أنه يستقبل يوميا رفقة الأطباء العاملين في مجال الطفولة، عشرات الأطفال الذين تأزمت حالتهم بسبب الإدمان على مشاهدة التلفزيون، وعلى وجه الخصوص القنوات الغنائية "دائما نحذر العائلات من ترك أطفالهم أمام التلفاز أو أجهزة الكمبيوتر لساعات طويلة"، ويقول: "مدة نصف ساعة يوميا جد كافية"، مضيفا: "الطفل بداية من سن 8 أشهر لا بد أن يحتك مع أقرانه من الأطفال، سواء كان طفلا عاديا أم مولودا بمرض التوحد، لأن عدم الاكتشاف المُبكّر لأعراض التوحد على الطفل سيؤزم حالته مستقبلا". والخطر الكبير على الأطفال بحسب المختصين يكون أيام العطل بعد إغلاق المدارس ودور الحضانة، فتجد الأمهات في جهاز التلفزيون منفذا لإشغال أبنائهن غير واعيات بالخطر الذي يتربص بأطفالهم. ويتعرّض مؤخرا، وفي ظاهرة خطيرة، الكثير من أطفال الجزائر البالغين بين سنة وثلاثة أعوام، إلى الخرس، بسبب إدمانهم مشاهدة قنوات الأطفال الغنائية. ففي ولاية عين الدفلى، التقينا أكثر من عشر عائلات بعيادة مختصة أرطفونية، والجميع يشكو فقدان أبنائهم المفاجئ لحاسة النطق... اقتربنا من بعض الأمهات، حيث روت لنا والدة (أيمن) ما حدث لابنها ذي الثلاث سنوات ونصف، تقول: "كان طفلا عاديا يتكلم بطريقة طبيعية. كنت أتركه لساعات أمام التلفاز لأتفرغ لأعمال المنزل، لأتفاجأ بفقدانه الكلام... حاولت التحدث معه لاستدراجه إلى الكلام لكنه بقي صامتا لأكثر من يومين، وبمجرد معاينته من طرف مختصة أرطفونية أول سؤال وجهته إلي: هل يشاهد قنوات الأطفال الغنائية؟" وعلمت الوالدة أن هذه القنوات هي سبب مرض ابنها، فحاولت جاهدة إعادته إلى حياته الطبيعة، بإبعاده عن جهاز التلفزيون، وإدماجه مع الأطفال. والطفل الآن في تحسن تدريجي. أما (محمد الأمين) في العامين والنصف من عمره، فبدا لنا انطوائيا خائفا، رغم أن سلوكه كان مختلفا تماما قبل فقدانه النطق بحسب والدته. فالصبي كان كثير النشاط والحركة نطق في سن 9 أشهر، لكنه في سن الثالثة توقف عن الكلام وأصبح انطوائيا عدوانيا كثير الصراخ، يجد راحته فقط أمام التلفاز... وفسرت المختصة حالته بأنها بداية لمرض التوحد، الذي سيتطور أكثر في حالة لم يبتعد عن شاشة التلفاز.