تميز صيف 2015 بمحدوديته الزمنية، حتى اختصره الجزائريون في شهر واحد ونصف، وزاد رمضان في تغيير الطقوس الصيفية للسياح الجزائريين، الذين تعوّدوا قضاء عطلتهم في تونس، وأيضا في طقوس مهاجرينا الذين وجد الكثير منهم نفسه مجبرا على أن يؤخر عطلته إلى أواخر جويلية وشهر أوت بالكامل، أو يختصر تواجده في الجزائر إلى ما بعد شهر الصيام المعظم .. ولأن الجزائر تغيّرت في السنوات الأخيرة بسبب الانفتاح التجاري وهبوب رياح السلع الآسيوية كالطوفان، فإن سفريات التجارة إلى تونس وإلى غيرها انتهت للأبد، كما أن المهاجرين ما صاروا يدخلون الجزائر بالحقائب المليئة بالسلع، وإنما يخرجون محملين بالسلع الرخيصة ثمنا والصينية الصنع، مقارنة بما هو موجود في فرنسا وفي بلجيكا وفي كامل أوربا. الشروق اليومي اختارت مطار محمد بوضياف بقسنطينة، ومركز الحدود بأم الطبول بالقالة كنموذجين لرصد حركة الاتجاهين المعاكسين إلى فرنسا بالنسبة لمهاجرينا الذين قضوا أيام عطلة في مختلف المدن الشرقية والجنوبية، وأيضا بالنسبة لسياح جزائريين ارتاحوا في مختلف المدن التونسية وعادوا إلى وسط وغرب البلاد وطبعا شرقه، لمباشرة الاستعداد للدخول الاجتماعي.. ففي مطار محمد بوضياف كانت الحقائب في الرحلة التي تأخرت إلى منتصف الليل إلى باريس يوم الخميس 13 أوت 2015، أكثر من المسافرين، وتعطل عمل المطار مع كثرة الحقائب التي جاوز وزنها المسموح به.. يقول "رشيد.ف" الذي أمضى أسبوعا في سطيف إنه لم يتمكن هذا العام من قضاء أكثر من هذا الزمن في سطيف، ولكنه العام القادم سيقضي كل أوت في الجزائر لأن عيد الفطر سيكون في الأسبوع الأول من جويلية، وأضاف أنه اشترى كل المأكولات التقليدية التي صارت تباع عندنا في الأسواق وخصص لها حقيبة كاملة مليئة بالشخشوخة والكسكسي، كما أخذ حلويات تقليدية، وهنا تدخلت السيدة عليمة وهي من سكيكدة، وقالت إن المهاجرين في باريس يعيشون أجواء صيفية كئيبة بعيدا عن عائلاتهم، لأجل ذلك أخذت معها "الفريك" والحلويات التقليدية القسنطينية مثل "الجوزية والقطايف" التي تباع في المطار بسعر مضاعف..لكن الجديد أيضا أن معظم المهاجرين صاروا يحجون إلى المحلات التجارية المعروفة باسم دبي في مدينة العلمة بولاية سطيف، ولوناما في قسنطينة ويقتنون الكماليات من زرابي وتحف مستقدمة من مختلف الأمصار والكثير من الأواني، ورغم أن مصلحة الخطوط الجوية الجزائريةبقسنطينة حددت عدد الحقائب اليدوية المسموح أخذها داخل الطائرة بحقيبة واحدة، إلا أن مشاهد التمور والحلويات والأواني الخزفية من طناجير وطواجين كانت تملأ مختلف الطائرات العائدة هذه الأيام إلى فرنسا مع اتفاق الجميع على حسن خدمة عمال الجمارك في مطار قسنطينة بشكل خاص.. وفي المقابل شرعت منذ أيام جحافل الجزائريين في العودة إلى البلاد بعد قضاء عطلتها السنوية بمنتجعات تونس السياحية، وقد انعكست حركة المرور بمركز أم الطبول الحدودي، حيث أصبح عدد الداخلين يفوق المتوجهين إلى تونس قليلا، حيث بلغ معدل الداخلين منذ بداية الأسبوع الأخير سقف ال8000 شخص يوميا، وهو ما خلق ضغطا شديدا على أعوان الجمارك العاملين بالمركز، الذين يقضون ساعات اليوم في مراقبة وتقليب أمتعة الجزائريين العائدين من تونس، محملين بأغراض كثيرة لا تتعلق في معظمها بهدايا للأقارب والأصحاب ولا بتذكرات للعطلة في تونس بل بمواد مدرسية بسبب بدء عرضها في المدن التونسية. حملت سيارات الجزائريين العائدين من تونس محافظ ومئازر، ما يعني أن تواجد هؤلاء بالمنتجعات والمناطق السياحية التونسية وقضائهم لأيام في التنزه والتجول ليال في التمتع بالسهرات الفنية لم تنسهم الدخول الاجتماعي، فشرعوا في التحضير له بفنادق تونس وشققها المخصصة للسياح، وبحسب شهادات بعض أعوان الجمارك بمركز أم الطبول فإن أمتعة العائدين من تونس لا تخلو في غالبيتها من المواد الاستهلاكية أيضا من شامية وعسل وتوابل المتعارف عليها على الطاولة الجزائرية، وقد بررت بعض العائلات اقتنائها لهاته الأدوات المدرسية والمئازر لأجل الاختلاف فقط عن الآخرين، مؤكدين بأن سعرها ليس معقولا وجودتها ليست رفيعة، ولكنه إدمان الشراء من أجل الشراء أيضا، وتبقى الحلوى التركية أو ما تعرف محليا ب"الشامية" سيدة المقتنيات من الأسواق التونسية، حيث لا تكاد سيارة تخلو من علبة منها على الأقل، وبعيدا عن التفكير في الدخول الاجتماعي الذي بدأ يشغل الجزائريين حتى في عطلتهم بتونس فإن العائدين خصوصا من الولايات القريبة من الحدود على غرار الطارف وڤالمة وعنابة وحتى قسنطينة، فضلوا اقتناء مواد استهلاكية أخرى كالدلاع والتين والعنب بالرغم من أن السوق الجزائرية توفر في أوت الحالي الأجود والأرخص. كما يقتني العائدون علب الطماطم المصبرة ذات التركيز العالي وحتى الهريسة التي تعد إحدى المنتوجات التي يحرص التوانسة على جودتها.. والحكاية كلها مواد غذائية ومدرسية والهدف العودة بأيدي ليست فارغة أو لا شيء فيها؟.