يسابق الأولياء الريح هذه الأيام لتسجيل صغارهم في الروضات ودور الحضانة عشية الدخول الاجتماعي، إلا أن الكثيرين منهم صدموا بارتفاع التكاليف وزيادة قيمة التأمين عما كانت عليه الموسم الماضي، وعلى ما يبدو فإن سياسة التقشف طالت دور الحضانة أيضا، لتدفع ببعض الأولياء لتغيير وجهتهم نحو مربيات البيوت اللواتي عرضن خدماتهن بأسعار تنافسية. في جولة قادت الشروق لعدد من دور الحضانة والروضات على مستوى العاصمة، وقفنا على الارتفاع المفاجئ في تكاليفها، فيما تخلت بعضها عن عديد الخدمات التي كانت تقدمها للأطفال وأوليائهم في وقت مضى، ما أثار استياء الكثيرين منهم، وجعل البعض الآخر يفكر في الاستنجاد بالمربيات في البيوت، نظرا لأسعارهن التنافسية. وجهتنا الأولى كانت روضة خاصة بحي مايا في حسين داي، طرقنا جرس الباب وانتظرنا قليلا لتفتح لنا إحدى المربيات، قدمنا أنفسنا على أننا نريد تسجيل ابنتنا ذات الثلاث سنوات بالروضة، واستفسرنا عن تكلفتها فطلبت منا الانتظار لتسأل المديرة، خلال الفترة التي غابت فيها تفحصنا الفناء وإحدى الغرف التي يجلس فيها الأطفال، حيث انتشرت الأوساخ والغبار في أرجاء الفناء . أما الغرفة فكانت ضيقة جدا تحتوي نافذة صغيرة، ورائحة الرطوبة تعم المكان، وما هي إلا لحظات قليلة حتى اقتربت المديرة منا وأخبرتنا أن التكلفة قدرت ب 6000 دج، إضافة إلى قيمة التأمين التي بلغت هي الأخرى 6000دج تقدم عند التسجيل، مواصلة أنهم يقدمون وجبة الغذاء التي يعلق محتواها يوميا على جدار الفناء وكذا لمجة المساء التي تكون عادة كأس حليب وقطعة خبز مطلية بالزبدة ومعجون المشمش، أما عن لمجة الصباح فيأتي بها الطفل من البيت، تركناها تواصل حديثها قبل أن نقاطعها متسائلين عن سبب زيادة التكلفة، إذ أنها لم تكن تتجاوز 5000 دج السنة الماضية وعن تخليهم عن تقديم لمجة الصباح، أجابت قائلة "الله غالب المعيشة غلات". وغير بعيد عنها تنقلنا إلى روضة خاصة بحي طرابلس، دخلنا الروضة وانتظرنا قليلا أمام مكتب المديرة التي كانت تتحدث إلى إحدى الأمهات، حيث استاءت هذه الأخيرة من زيادة تكلفة الروضة ب500 دج، إذ كانت الموسم الماضي 6000 دج لترتفع إلى 6500 دج في الموسم الحالي. وحسب ما فهمناه من حديثهما فإن السيدة زبونة قديمة تَعاقب أطفالها الثلاث على هذه الروضة إلى أن التحقوا بالابتدائية، طالبة من المديرة مراعاة وضعيتها، حيث أن زوجها توقف عن العمل، إلا أن المديرة أجابتها بأن الزبائن كلهم سواء عندها، ولا يمكن أن تفضل أحدا على الآخر، فما كان من السيدة إلا الرضوخ للأمر الواقع ودفع المبلغ إضافة إلى تكلفة التأمين المقدرة ب 5000 دج، وهي القيمة التي لم نستوعب كيف يتم تحديدها بما أن كل روضة تطالب بمبلغ مختلف عن الأخرى، خرجت السيدة من مكتب المديرة ودخلنا للاستعلام عن الخدمات، فأخبرتنا مديرة الروضة أنهم يستقبلون الطفل بداية من السابعة صباحا إلى غاية الخامسة مساء مع مراعاة تأخر الأولياء في بعض المرات. أما عن وجبة الغذاء فقالت إنها تختلف حسب الأيام، وعن احتوائها على اللحم أجابت أن وجبة واحدة في الأسبوع يكون محتواها اللحم بمختلف أنواعه إما دجاج أو لحم بقر أو حوت وأسماك، وأن لمجة المساء تكون كأس حليب مرفوقا ببعض الحلويات التي تحضر في الروضة من قبل المشرفة على المطبخ، مضيفة أن الأطفال في سن الثلاث سنوات فما فوق يخضعون لبرنامج دراسي كامل، مقسمين أوقات الدراسة واللعب في حديقة الروضة.
ختمنا جولتنا بروضة خاصة ببن عمر في القبة، حيث استقبلتنا إحدى المربيات التي كانت تحرس مجموعة من الأطفال الصغار، استثناء للأمهات اللواتي لم يستفدن من العطلة السنوية طيلة فترة الصيف، وعلمنا من إحدى السيدات التي قدمت لاصطحاب ابنتها للبيت أن التكلفة ظلت على حالها، فيما تم التخلي عن بعض الخدمات مثل تقديم علب العصير للأطفال بعد تناول وجبة الغذاء وكذا الاستغناء عن لمجة الصباح التي كانت تقدمها الروضة للأطفال بمجرد دخولهم صباحا، والتي كانت تتمثل في علبة ڤوفريت صغيرة أو بسكويت.