أقدم وزير الثقافة عز الدين ميهوبي على إنهاء مهام مديرة متحف باردو السيدة فاطمة عزوق، وهذا بعد زيارة مفاجئة قادت ميهوبي إلى المتحف على إثر تقرير أسود رفع إليه. علمت الشروق اليومي من محيط وزارة الثقافة أن الوزير ميهوبي تلقى رسالة مفصلة يوم 14 سبتمبر الماضي تناولت جملة من التجاوزات التي يعرفها المتحف المغلق منذ 2006 لدواعي الترميم، وكان من المنتظر أن يعاد فتحه في 2013 لكنه ما يزال مغلقا إلى يومنا هذا. وحسب مصادر الشروق فإن وزير القطاع الذي تنقل إلى المتحف مرفقا بوزير الري في زيارة غير منتظرة فاجأت عمال الباردو والمديرة عزوق التي عجزت عن إقناع ميهوبي بتقديم تفسيرات للوضعية المزرية التي ما يزال الباردو يتخبط فيها منذ إطلاق أشغال الترميم التي استهلكت إلى اليوم 18 مليار سنتيم حسب الأرقام المقدمة من قبل المؤسسة نفسها في تصريحات سابقة. واستنادا إلى ذات المصادر فإن الوزارة الوصية بصدد البحث عن خليفة لعزوق في أقرب الآجال، وقد تم ترشيح عدة أسماء من إطارات المركز الوطني للبحث في التاريخ وعصور ما قبل التاريخ، وكذا من مسيري الحظائر الجهوية للتراث لكن كل تلك الأسماء رفضت استلام منصب الإدارة بالنظر لثقل الإرث الذي خلفته 13 سنة من سوء التسيير من عهد الوزيرة السابقة خليدة تومي. إذ يواجه المدير الجديد الذي سيخلف عزوق عدة رهانات وفي مقدمتها إعادة متحف الباردو إلى طبيعته الأصلية كمتحف للآثار، وإخراجه من إدارة الرواق الذي وضعته فيه الإدارة الحالية، حيث تحول الباردو إلى مجرد رواق لعرض المجموعات الفنية للأشخاص أغلبها لوحات تشكيلية بعيدة كل البعد عن تخصصه كمتحف. كما ينتظر من خليفة عزوق إخراج المجموعات الموضوعة في المخازن منذ فتح أشغال الترميم وإعادتها إلى أماكنها الطبيعية، وهذه عملية تحتاج إلى عمل صارم ومنهجية متخصصة، وخاصة معالجة إشكالية السينوغرافيا والكاميرات العالقة إلى اليوم، رغم أن هذه المهمة أوكلت منذ أربع سنوات من قبل إدارة عزوق إلى ابنة وزير سابق وقبضت مقابله المالي دون إنجاز المطلوب منها. التحدي الآخر الذي يواجه الإدارة الجديدة هو إعادة بعث مشروع البطاقات الفنية والعلمية الخاصة بالمصنفات وهو عمل قاعدي أهملته الإدارة الحالية في خضم انشغالها ب "الزردات" والمهرجانات التي تم تنظيمها. آخرها تلك التي حوّلت الباردو إلى مسرح للحفلات وبعقود من قبل الوزيرة السابقة قبل أن يتم إلغاؤها مؤخرا من قبل الوزير الحالي. ويأتي القرار الذي اتخذه الوزير ميهوبي على خلفية رسالة تلقاها في 14 سبتمبر الماضي وبعد تقرير أسود عن التدهور الذي يعرفه المتحف. والجدير بالذكر أن قضية الباردو فجرها منذ سنتين تقريبا محافظ التراث والباحث بالمؤسسة الأستاذ بلعيد بيطار والذي ما تزال قضيته عالقة إلى اليوم بعد أن أقدمت عزوق على تهديده إداريا بتنزيل رتبته من محافظ إلى مجرد مكلف بالصور وجمع الأرشيف ومنعه من كل حقوقه الإدارية والمعنوية كباحث متخصص. وبعد معركة قضائية، أقرت المحكمة بحقه في العودة إلى منصبه لكنه ما يزال إلى اليوم يدفع ثمن نزاهته الإدارية. وعليه فإن المدير الجديد المنتظر أن يخلف عزوق أو حتى نية الوزير ميهوبي في الإصلاح تتوقف على مدى استجابة محيط الإدارة المتعفن منذ 13 سنة.