أعلنت السعودية، الجمعة، عن تصنيفها أربع كيانات وثلاثة رجال لبنانيين كإرهابيين لهم صلات بأنشطة تابعة لجماعة حزب الله اللبنانية، كما حذرت كافة المواطنين السعوديين والمقيمين في المملكة من أي تعاملات مع حزب الله، مضيفة أن من يثبت تورطه ستطبق بحقه قوانين مكافحة الإرهاب. جاءت هذه الخطوة، في سلسلة قرارات وإجراءات بدأتها السعودية قبل أسبوع اعتراضاً على مواقف لبنانية مناهضة لسياساتها في المنطقة. وقالت وزارة الداخلية السعودية في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، إن "المملكة ستواصل مكافحتها للأنشطة الإرهابية لما يسمى حزب الله بكافة الأدوات المتاحة". وإنها "ستستمر في العمل مع الشركاء في أنحاء العالم بشكل صريح، حيث أنه لا ينبغي التغاضي من أي دولة أو منظمة دولية على ميليشيات حزب الله وأنشطته المتطرفة".
وقف التمويل وعلقت المملكة الأسبوع الماضي مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني وقوة الأمن الداخلي بما قيمته أربع مليارات دولار، نظراً لما سمّته الرياض ب"المواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات بين البلدين"، منتقدة عدم وقوف بيروت معها في المحافل الدولية، ورفضها إدانة الاعتداء على سفارة السعودية بإيران، مشيراً إلى ما دعاه بالمواقف السياسية والإعلامية التي يقودها "حزب الله في لبنان" ضد السعودية. وقالت الداخلية السعودية، الجمعة، إن "حزب الله طالما يقوم بنشر الفوضى وعدم الاستقرار، وشن هجمات إرهابية وممارسة أنشطة إجرامية وغير مشروعة في أنحاء العالم، فإن المملكة ستواصل تصنيف نشطاء وقيادات وكيانات تابعة لحزب الله وفرض عقوبات عليها نتيجة التصنيف".
تحذير شديد اللهجة وحذرت الرياض جميع المواطنين السعوديين والمقيمين الأجانب من أي تعاملات مع حزب الله أو الأشخاص والكيانات المشار إليها، وأكدت أن من يثبت تورطه في هذه التعاملات سيطبق بحقه الأنظمة والتعليمات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمويله. وأوضحت الداخلية السعودية: "أن تصنيف تلك الأسماء اليوم وفرض عقوبات عليها استناداً لنظام جرائم الإرهاب وتمويله، والمرسوم الملكي رقم أ/44 الذي يستهدف الإرهابيين وداعميهم ومن يعمل معهم أو نيابة عنهم، حيث يتم تجميد أي أصول تابعة لتلك الأسماء المصنفة وفقاً للأنظمة في المملكة، ويحظر على المواطنين السعوديين أو المقيمين بالمملكة القيام بأي تعاملات معهم". وكانت السعودية قد طالبت، الثلاثاء، رعاياها بمغادرة لبنان وحذرتهم من السفر إليها وذلك "حرصاً على سلامتهم". وهو القرار الذي اتخذته أيضاً كلا من الإمارات والبحرين والكويت وقطر. وفي خطوة ثالثة قامت السلطات السعودية، الأربعاء، بترحيل 90 لبنانياً من المقيمين على أراضي المملكة، فيما لم يستبعد محللون أي إجراءات يمكن أن تتخذها المملكة، ومنها إمكانية وقف رحلات الخطوط الجوية السعودية من وإلى بيروت".
إجراءات سعودية مرتقبة من جهتها، تحدثت وسائل إعلام لبنانية، عن عزم السعودية تطبيق إجراءات تصعيدية أخرى، وأعلنت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله، من توجه الرياض إلى الجامعة العربية لإصدار قرار ضد لبنان، وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية قد تقوم بتصعيد أكثر ضد الحزب وتصنيفه "منظمة إرهابية". ونقلت الصحيفة عن مصادر "سياسية رفيعة المستوى"، لم تفصح عن هويتها، قولها "إن السعودية بدأت اتصالاتها الدبلوماسية بعدد من الدول العربية، بهدف إصدار قرار يدين حزب الله بسبب دوره في الحرب السورية واليمنية، واعتباره تنظيماً إرهابياً". وقالت مصادر الصحيفة، إن السعودية تريد قراراً بالإجماع، وتسعى إلى موافقة دول الخليج، وسلطنة عمان، أولاَ، ومصر ثانياَ، والجزائر والعراق ثالثاً. وقالت الصحيفة، إن السعودية "تتسلح بملفها التقليدي عن الحزب، بالإضافة إلى التسجيلات التي عرضتها وسائل إعلامها، التي تُظهر مقاتلين من حزب الله يدرّبون عناصر من حركة أنصار الله اليمنية (الحوثيون). وهذه التسجيلات هي ذاتها التي أعلنت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إرسالها إلى مجلس الأمن الدولي". صحيفة النهار اللبنانية المقربة من حزب الله، قالت أيضاً، إن القوى السياسية تترقب الإجراءات الجديدة التي يمكن أن تتخذها الرياض، خصوصاً من الذين يعملون في الخليج. وروجت الصحيفة إلى أن السلطات السعودية ودولاً خليجية تنوي رفض تجديد إقامات لبنانيين، تحت عنوان عدم تجديد الإقامة.
الودائع السعودية في لبنان من جانب آخر، قال حاكم مصرف لبنان المركزي، يوم أمس (الجمعة)، إنه لا يتوقع مخاطر على الليرة اللبنانية وإن سياسة البنك مازالت المحافظة على استقرار العملة، مضيفاً أنه لا يعلم بأي إجراءات أخذتها السعودية ضد المصالح الاقتصادية اللبنانية. وأبلغ رياض سلامة وكالة رويترز للأنباء، أن الأرقام التي نشرتها تقارير إعلامية عن الودائع السعودية في البنك المركزي مبالغ فيه وإنه لا المملكة ولا الدول الخليجية الأخرى أجرت اتصالات بشأن الودائع. وقال سلامة: "أعتقد أن السوق تلقت معلومات مضللة وأرقاماً مبالغاً فيها بدرجة كبيرة.. القانون يمنعني من الكشف عن الأرقام لأنه لا يحق لي ذلك لكن أستطيع أن أقول إن الأرقام المتداولة مبالغ فيها".
مساعدات السعودية للبنان وتمتد العلاقة السعودية/اللبنانية منذ عام 1953، وحتى صدور القرار السعودي الأخير بوقف المساعدات ومراجعة العلاقات مع بيروت، فإن الدعم المالي السعودي كان مستمراً في مجالات متعددة، ووفقاً للإحصائيات والتقارير الصحافية الاقتصادية التي لم يكن ممكناً التأكّد من صحتها، فقد وصلت مبالغ الدعم السعودية إلى لبنان نحو 70 مليار دولار خلال الفترة من عام 1990 إلى 2015، وكانت تقدم على هيئة استثمارات ومساعدات ومنح وهبات وقروض ميسرة. ونشر معهد واشنطن للدراسات في جويلية 2015، دراسة حول التدخلات الإيرانية في كامل المنطقة العربية، وقالت الدراسة إن تدخل إيران في لبنان مالياً مرتبط فقط بحزب الله، ووفقاً للدراسة فإن إيران تمول حزب الله نحو 200 مليون دولار سنوياً، بالإضافة إلى الأسلحة والتدريب والدعم الاستخباراتي.