السؤال: هل صحيح أن تحديد الإمساك هو بعشر دقائق، كما هو معمول في الرزنامة الحاصة برمضان؟ الجواب: هذا الكلام غير صحيح، وهو مردود بالسنة النبوية الصحيحة. وما جرى به العمل في هذه البلدان يستند إلى ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلاَةِ فَصَلَّى، قُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاَةِ؟ قَالَ: قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً». وربما اعترض بعضهم على هذا الاستدلال بأن الوقت المقصود هنا هو الفراغ من السحور والقيام إلى صلاة الصبح، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقوم للصبح بعد الأذان مباشرة، بل يصلي سنة الفجر ثم يضطجع قليلا، فيكون هذا هو المقصود من كلام أنس رضي الله عنه. والجواب عنه أن نقول: إن أنسا رضي الله عنه قصد الوقت ما بين السحور ودخول الفجر، بدليل ما جاء في الرواية الأخرى عند البخاري عن أنس رضي الله عنه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً». وفي رواية النسائي عن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ عِنْدَ السُّحُورِ: «يَا أَنَسُ إِنِّي أُرِيدُ الصِّيَامَ، أَطْعِمْنِي شَيْئًا، فَأَتَيْتُهُ بِتَمْرٍ وَإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَذَّنَ بِلَالٌ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، انْظُرْ رَجُلًا يَأْكُلْ مَعِي، فَدَعَوْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَجَاءَ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ شَرِبْتُ شَرْبَةَ سَوِيقٍ وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَتَسَحَّرَ مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ». وفي هذه الروايات تصريح بأن سحورهما كان بعد أذان بلال، وبلال كان يؤذن الأذان الأول، كما دل عليه ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ بِلاَلًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، لاَ يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ». وأن قوله: «كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟»، أي كم كان الوقت بين فراغهما من السحور وأذان ابن مكتوم رضي الله عنه حيث كان يؤذن عند طلوع الفجر، وصرح بهذا ابن حجر في كتابه فتح الباري، بعد أن أورد الروايات فقال: «فعلى هذا فالمراد بقوله: «كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟» أي أذان ابن أم مكتوم، لأن بلالا كان يؤذن قبل الفجر، والآخر يؤذن إذا طلع». وبهذا تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسك عن سحوره إذا قارب الفجر، ولم يكن يستمر في أكله وشربه حتى يسمع أذان الفجر، والله ولي التوفيق، وهو الهادي لأقوم طريق.
السؤال: هل يتأثر الإنسان بالسحر في رمضان مع أن الشياطين والجن صفدت؟ الجواب: يمكن أن يتأثر الإنسان بالسحر في رمضان أو غيره، لأنه لا يوجد دليل ينفي ذلك، ولأن الشياطين التي تصفد هي المردة لا كل الشياطين، بدليل ما رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ مَرَدَةُ الْجِنِّ»، فأفاد الحديث أن غير المردة لا تصفد.
السؤال: غلبتني نفسي الأمارة بالسوء فقمت بالعادة السرية وأنا صائم، ماذا أفعل حتى يغفر الله لي؟ الجواب: العادة السرية من الأفعال المحرمة، ومن فعلها فقد اعتدى على ما أحله الله تعالى، حيث قال سبحانه: «وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ»، وفِعْلُهَا في نهار رمضان أشد تحريما وأعظم إثما، لانتهاكه حرمة الصيام. ويجب عليك أن تتوب منها توبة نصوحا، كما يجب عليك أن تقضي تلك الأيام التي مارست فيها العادة السرية، وأن تكفر عن كل يوم بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا.