يكاد أصدقاء أمريكا في الوطن العربي يضربون رؤوسهم في الحائط أو يفتحون أفواههم لشرب مياه البحر المتوسط ولعلهم يموتون غيظا، فلقد أظهرتهم أمريكا أراجوزات في مسرحية هشة.. فلكم تمنوا ان تشن أمريكا حربها بأساطيلها ووافر قوتها على سوريا ولبنان وإيرانوغزة كما وعدتهم وكما قاموا هم مصدقين لها بالترويج وإلقاء الذعر في أوساط الأمة.. وقد وطأوا لها وهيأوا لها حملة واسعة بعد ان شنوا حرب عزلة على سوريا ولبنان وايران وغزة تجسدت في مقاطعة مؤتمر القمة بدمشق وإحكام الحصار على غزة وكشف الغطاء عن حركة المقاومة الفلسطينية وعدم التعامل معها إلا بصيغة أمنية ورفض الاعتراف الواقعي بها في حين يتم التعامل مع الحكومة العميلة في العراق ويستمر تدفق الاتصالات بالعدو الذي يقتل ويحرق الأخضر واليابس. ها هي أمريكا تفتح حوارا مع حماس وتلتقي بوفد عال المستوى وفي رابعة النهار بقيادات معلنة إنها تلتقي بقادة حركة تحرر وطني.. وها هي إسرائيل ترسل رسالة واضحة لسوريا تفيد بأنها مستعدة للانسحاب من هضبة الجولان بالكامل مقابل ان توقع سوريا معها معاهدة صلح.. وها هي أمريكا تجلس إلى طاولة المفاوضات مع إيران للتباحث معها على حجم دورها الإقليمي في المنطقة. وفي المقابل فلننظر إلى الأزمات التي ترعى تفجيرها وتوجيهها في دول محور الاعتدال في محاولة لتفكيكها وابتزازها لبذل مزيد من الجهد في خدمة التوجه الأمريكي.. والأزمات في دول محور الاعتدال تتفاقم من غلاء المعيشة الى تحريك بعض الأدوات الأمنية لإثارة البلبلة والقلاقل.. وتفتح لهم الإدارة الأمريكية ملفات حقوق الإنسان كما يحصل لدول الخليج بخصوص حرية المرأة في سياقة السيارة ودخول البرلمان وضرورة وجود نظام برلماني وهكذا.. ويصل الحد أحيانا بالتلويح بفضائح أخلاقية ومالية كبيرة تهز عروشا وتقض مضاجع الأمراء والملوك. الدور لم يعط لأي دولة من دول محور الاعتدال العربي إنما أنيط بالأتراك لكي يكونوا عرابي العلاقات بين العرب وإسرائيل وذلك لأن تركيا تمتلك من أوراق القوة الشيء الكثير وعلى رأس أوراق القوة العزة القومية والجيش المتين والاقتصاد القوي.. وهذا يكفي لكي تكون تركيا رائدة مشاريع التسوية في المرحلة القادمة والأمر سيجعلها تتحرك بأكثر لياقة في الانخراط حقيقة في التحالف مع أمريكا.. ذلك لأن محور الاعتدال العربي لا يمتلك ما يؤهله الى المشاركة الاستراتيجية أو التحالف المصلحي.. ان محور الاعتدال العربي ليس بإمكانه إلا المباركة للعدوان الأمريكي على المنطقة.. وهكذا تكون أمريكا قد صفعت أصدقاءها من محور الاعتدال، لأنه لا يهمها مشاعر أحد.. المسألة لها علاقة بمصالحها الإستراتيجية.. متى يفيق النظام العربي أن مصدر قوته فقط يتمثل بشعوبه.