البنك الوطني الجزائري : 50 مليار دج ودائع الصيرفة الإسلامية بنهاية مارس    الحكومة الصحراوية تعرب عن "أسفها العميق" لموقف الإدارة الأمريكية    الرابطة الثانية هواة: المنعرج الأخير من أجل الصعود في الشرق, و نجم بن عكنون لتعميق الفارق في الغرب    تيبازة..تقدم أشغال مخبر مراقبة الجودة وقمع الغش بنسبة 15 بالمائة    عين تموشنت : ترقب استلام أربع مؤسسات فندقية جديدة    جامعة التكوين المتواصل تنظم الدورة التكوينية الثانية في المقاولاتية    فرحات شابخ: تحسين أوضاع عمال التربية محور لقاءات مرتقبة بين الوزارة والشركاء الاجتماعيين    الجزائر وجنوب إفريقيا تبحثان سبل تعزيز التعاون الثنائي وقضايا إقليمية ذات اهتمام مشترك    بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية…عطاف يشرع في زيارة رسمية إلى تونس    "زمالة الأمير عبد القادر": أكبر سفينة صيد بحرية جزائرية محلية الصنع تنزل المياه من ميناء المرسى بالشلف    عرض آفاق عصرنة وتطوير بلديات سيدي أمحمد في اجتماع مع والي ولاية الجزائر    الطبعة ال27 للصالون الدولي للصحة "سيمام" تنطلق بوهران بمشاركة 600 شركة من 38 دولة    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا مغلقا بشأن الوضع في الصومال    حوادث المرور: وفاة 6 أشخاص وجرح أكثر من 270 آخرين خلال ال 24 ساعة الأخيرة    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار:غالبية المشاريع الاستثمارية دخلت فعليا في مرحلة الإنجاز    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50846 شهيدا و115729 جريحا    السيد شايب يستقبل وفدا عن المجمع الاعلامي "سي أن أن انترناشيونال"    التأمينات تحقق رقم أعمال يزيد عن 181 مليار دج في 2024    وفاة ضابط وإصابة 3 أعوان للحماية المدنية بجروح    مخطط لتحويل هذه البلدان إلى أداة في يد الأنظمة المعادية للجزائر    الديوان يسخر مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج    تقنية الجيل الخامس لجعل الجزائر محورا إقليميا في تكنولوجيا المعلومات    الإحصاء أساس القرارات الصائبة لضمان الأمن الغذائي    جزائر التحديات لا يمكن أن تقف أمامها أي عقبة    منصة "أدرس في الجزائر" خدمة للطلبة الدوليين    دعم تام لمشروع تطوير إنتاج الليثيوم    دعوة المجتمع المغربي للانخراط في معركة مناهضة التطبيع    كبار مسؤولي الأمم المتحدة يدعون العالم إلى التحرّك العاجل    كيانات ودول معادية تجنّد طغمة باماكو ضد الجزائر    حجز 26 طنّا من الكيف و147 كلغ من الكوكايين    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    توحيد الجهود ووضع استراتيجية لدعم الجبهة الداخلية    ورشة لتقييم نظام الأدوية واللقاحات    ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء    صرخة المغاربة تعلو ضد خيانة المخزن لفلسطين    الجزائر محمية باللّه    "الطبيخ".."المحلبي" و "البالوزة" إرث محفوظ بقسنطينة    إبراز أعمال المؤرخ الجزائري الراحل عمر كارلييه    مواصلة رقمنة المخطوطات والمؤلّفات النادرة ضرورة    مدرب مرسيليا يؤكد عودة غويري في لقاء موناكو    "السياسي" متحمس للعودة بالتأهل من العاصمة    بالإصرار والعزيمة التأهل ليس مستحيلا    مشاكل التسويق ترهن جهود الماكثات في البيوت    إحياء التراث الموسيقيّ وتكريم دحمان الحراشي    اليوم العربي للمخطوط: لقاء علمي بالجزائر العاصمة حول حفظ وصيانة المخطوطات    فنزويلا "ضيف شرف" الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقي السيمفونية    سيدي بلعباس..إبراز أهمية دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي    حج 2025 : تسخير مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج عبر مختلف بلديات ودوائر الوطن    المغرب: تسويف حكومي يهدد القطاع الصحي بالانفجار والعودة الى الاحتجاجات    مختصون وباحثون جامعيون يؤكدون أهمية رقمنة المخطوطات في الحفاظ على الذاكرة الوطنية    تنظيم الطبعة الأولى من 12 إلى 15 أفريل    الشباب يستعيد الوصافة    كأس الكونفدرالية/ربع نهائي إياب: شباب قسنطينة يتنقل هذا المساء إلى الجزائر العاصمة    تصفيات مونديال سيدات 2026 (أقل من 20 عاما): المنتخب الجزائري يجري تربصا تحضيريا بسيدي موسى    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حماس تخسر الحرب وتربح المعركة السياسية
نشر في الشروق اليومي يوم 07 - 01 - 2009

اختارت إسرائيل مرة أخرى منطق القوة في محاولة لتغيير الواقع الميداني لصالحها في منطقة الشرق الأوسط. وتريد إسرائيل أن تحقق كل أهدافها قبل انتخابات فيفري القادم، وقبل استلام الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما زمام السلطة قي بلاده يوم 20 جانفي القادم. ولكن مرة أخرى، اتضح أن الرهان على القوة لن يضمن الأهداف التي سطرت لها إسرائيل، بل أن النتيجة من الممكن أن تكون عكس ما ينتظره القادة الإسرائيليون.
*
وقد كانت إسرائيل تريد ضرب حماس للقضاء عليها أو، على الأقل، الحد من قوتها ونفوذها في الساحة الفلسطينية. ومن المعروف أن قوة حماس ونفوذها يحرجان كذلك الولايات المتحدة وعددا من الدول العربية التي يقال عنها إنها "معتدلة"، والتي كانت تبحث عن وسائل لتجنب الحديث مع الحكومة التي يترأسها إسماعيل هنية. وكانت كل هذه المجموعة من الدول تعتبر أن حماس ضرر يجب القضاء عليه، وبقيت حماس تلعب الدور الذي كان يقوم به ياسر عرفات في آخر أيامه: كان يمنع القوم من الذهاب إلى حل استسلامي.
*
وكانت كل دولة من الدول المعادية لمنظمة حماس تلعب ورقتها الخاصة. كانت إسرائيل تريد القضاء على حماس لفرض شروطها على سلطة فلسطينية تكاد تكون مستسلمة. أما الدول العربية المجاورة، فإنها تبحث لنفسها عن دور لم تستطع أن تلعبه زمان الحرب، كما تبحث عن مساعدات وامتيازات مالية مقابل الخدمة التي تقدمها. إضافة إلى ذلك، فإن تلك البلدان العربية تعتبر أن القضاء على حماس سيؤدي إلى زوال خطر واضح. فقد استثمرت هذه البلدان الكثير من أجل منع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة، وهي لا تقبل استيلاء حماس على السلطة حتى ولو كان ذلك في دولة فلسطينية وهمية. ويعتبر هؤلاء أن حماس تشكل خطرا وعاملا يهدد استقرارهم مثلما كانت المنظمات الفلسطينية اليسارية تظهر كتهديد بالنسبة للأردن ومصر وسوريا في السبعينيات. مع الإشارة إلى أن المنظمات الفلسطينية اليسارية كانت ترتكز على نخبة من المناضلين والمثقفين، بينما تمكنت حركة حماس من أن تحصل على وجود شعبي قوي.
*
ومن هذا المنطلق، تكفلت إسرائيل بالعملية العسكرية التي كان يراد منها أن تقضي على حماس. لكن انقلبت الأمور، وأدت العملية في نهاية المطاف إلى نتيجة لم يكن ينتظرها الكثير، حيث تمسك الفلسطينيون بحماس لأنها في رأيهم ترمز إلى المقاومة، عكس منظمة "فتح" التي تبدو متذبذبة، فاشلة، غير قادرة على اتخاذ مبادرات ولا على المواجهة، إن لم تكن متواطئة مع المحتل.
*
وجاءت هذه النتيجة معاكسة لما كانت تهدف إليه إسرائيل لأن العدوان على غزة كان مبنيا على فكرة خاطئة. كان مدبرو العدوان يعتقدون أن الفلسطينيين في غزة مستاؤون من حماس، لأن ظروفهم المعيشية أصبحت لا تطاق، بعد أشهر من الحصار التام. واعتبر أصحاب العدوان أن الفلسطينيين مستعدون لانتفاضة ضد حماس، خاصة إذا تضاعفت المآسي مع حرب جديدة وارتفاع عدد الضحايا. وإذا لم يكن ذلك كافيا، فإنه من الممكن ضرب حماس ليستطيع الفلسطينيون أن يثوروا ضدها إذا أحسوا أنها تحت الضغط وأنها أصبحت ضعيفة. وتم بناء هذه النظرية على فكرة وهمية، وهي أن أهالي غزة كانوا رهائن حماس، وأنهم ينتظرون الفرصة السانحة للتخلص منه.
*
وفشلت الفكرة لأنها تجاهلت الجانب الأساسي للقضية. إن الفلسطينيين لا يثورون لتحسين ظروفهم المعيشية، ولا يتظاهرون لأنهم ضحية أزمة اقتصادية أو مالية، ولا يموتون لأنهم يحتجون ضد فشل حكومة ما. إنهم لا يطالبون بمساعدات اقتصادية أو إنسانية، وانشغالاتهم ليست متعلقة بالخبز أو الدخول الشهري. إنهم يناضلون من أجل استعادة حقوقهم الوطنية، ومن أجل استرجاع أراضيهم المغتصبة، ومن أجل إقامة دولتهم الوطنية.
*
ومن هنا، فإن حماس تظهر بصورة التنظيم الذي يواصل النضال من أجل استعادة الحقوق الوطنية، عكس منظمة "فتح" التي تظهر وكأنها مستعدة لقبول تسوية غير عادلة وبثمن بخص. ومثلما وقع مع "حزب الله" في لبنان، فإن الجانب الديني أصبح ثانويا. ومثلما انضم إلى "حزب الله" مناضلون مسلمون، سواء كانوا شيعة أو سنة، ومسيحيون ولائيكيون وليبراليون، انضموا إليه تحت لواء المقاومة، فإن حماس تلعب اليوم نفس الدور، وسينضم إليها مناضلون من مختلف القناعات السياسية والدينية والعقائدية، لأنها حافظت على صورة التنظيم النظيف النزيه، الذي لا يتلاعب بالقضية الوطنية. وإذا تضاعفت قوة حماس فسيتم ذلك على حساب "فتح"، مما يخلق اختلالا في التوازن في الصفوف الفلسطينية. فهل سيعرف القادة الحاليون من فتح وحماس كيف يحافظون على الوحدة الوطنية التي تبقى أول سلاح بين أيديهم؟
*
ويبقى سؤال آخر: ألم يكن في حساب القادة الإسرائيليين أن حربهم الأخيرة على غزة ستعطي قوة لحركة حماس، مما سيضاعف عوامل الحرب الأهلية الفلسطينية؟ أليس هذا الهدف الرئيسي الذي يعملون من أجله، في حين يبقى محمود عباس ومحمد دحلان وغيرهما ينتظرون هدية أمريكية -إسرائيلية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.