هي سيدة حيوية جدا، رياضية في فكرها وفي هندامها، استقبلتني في مكتبها وسط العاصمة طهران بترحاب كبير. إنها السيدة فائزة، ابنة الرئيس الإيراني السابق الهاشمي رفسنجاني والتي تعتبر نموذجا حيا للمرأة الإيرانية النشطة والمثقفة، التي فرضت نفسها ونقلت الصورة الحقيقية للمرأة في بلادها إلى الخارج.. * * **الغرب يعمل على تشويه صورة المرأة الإيرانية * * * كيف تعرف السيدة فائزة نفسها للقارئ الجزائري؟ * - أنا مديرة النادي الرياضي النسائي والأمينة العامة لمجالس غير حكومية للمرأة، كنت نائبة في مجلس النواب وكانت لدي جريدة اسمها "المرأة". ولثلاث فترات اشتغلت في منصب نائبة رئيسة مؤسسة ورئيسة الرياضات النسوية في إيران، بالإضافة إلى عضوة اللجنة المركزية للبناء والتعمير. * أم لولدين، بنت "24 عاما" وصبي "21 عاما"، وزوجي اختصاصي نفسي. * * * هل لوالدك، الرئيس السابق، دور في بلورة شخصيتك؟ * - طبعا كان له دور وتأثير علي وعلى إخوتي، وقد ساعدنا في تولي عدة مراكز ومواجهة المشاكل التي تعترض طريقنا، وقد دخلت مجال الرياضة وحققت نجاحات فيها بحمد الله. * * * اذا تركت السياسة وذهبت إلى الرياضة؟ * - بعد نجاح الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني عام 1979 كانت هناك أفكار راديكالية بالنسبة للقضايا الإسلامية، وكانوا يظنون أن الرياضة لا تتوافق مع المعايير الإسلامية، وطلبوا مني إزالة الموانع، وتلك النظرة الضيقة وذلك بالتخصص في الدفاع عن حقوق النساء الرياضيات، وتوسعت في جميع المجالات الرياضية وأسسنا الرياضة النسوية. * * * ألم يكن لديك الطموح في تولي رئاسة الجمهورية؟ * - أظن أن المجتمع الإيراني لحد الآن لا يزال لا يتقبل أن تكون المرأة في منصب رئيس الجمهورية، ومثلا لدينا 300 نائب في مجلس الشورى بينما عدد النساء لا يتجاوز ثمانية نائبات، وهذا يدل على أن المجتمع الإيراني لا يعتمد بعد على المرأة. صحيح هناك مقترحات كثيرة لتوسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية وهناك فعاليات ونشاطات لتحقيق هذا الهدف ولكن الثقافة الإيرانية ما تزال تقف عائقا.. * * * ما الذي يميز المرأة الإيرانية عن نظيرتها العربية؟ * - المرأة الإيرانية طموحة ولديها حركة دؤوبة في المجتمع، ومثلما ترين هي تعمل في كل المجالات، لكنها لم تصل بعد إلى مبتغاها. إحدى مشاكل المرأة الإيرانية تتمثل في عدم توصلها إلى المناصب العليا من المسؤوليات. وأعتقد أن المرأة الإيرانية مع ذلك ليس لديها نفس العوائق التي تواجه المرأة العربية، نحن نستفيد من العولمة التي لها سلبيات وإيجابيات، ونستفيد من الخبرات التكنولوجية. والمرأة في بلادي تقوم بأدوار كبيرة حتى على مستوى العلاقات الدولية. * * * يدور الجدل في إيران اليوم حول مسألة الحجاب، ما هو موقفك؟ * - أعتقد أن إجبار المرأة على ارتداء الحجاب في إيران له نتائج سلبية، لأن الحجاب متعلق بالأمور الدينية والعقائدية، وأنا أرى ضرورة أن يكون الحجاب اختياريا وليس إجباريا، أي مثلما هو معمول به في سائر البلدان الإسلامية، حيث رأيت ذلك خلال زيارتي إلى كل من الجزائر ومصر والمغرب. وإجبار المرأة على ارتداء الحجاب قد يؤدي إلى عنادها أكثر وينفرها منه بدلا من التمسك به كلباس شرعي، وأنا أرى أنه بعد مرور ثلاثين سنة هناك آثار سلبية لفرض الحجاب، وخاصة بعدما أصبح الإيمان والإخلاص قليلا في المجتمع الإيراني. ولكن هناك آثار إيجابية أيضا من بينها أن العوائل الإيرانية سمحت لبناتها بالمشاركة في مختلف النشاطات الاجتماعية، وهناك عدد كبير من البنات المحجبات اقتحمن المجال الرياضي ونجحن فيه.. * * * ولكن هل يتبنى المسؤولون في السلطة هذا الرأي بخصوص الحجاب؟ * - المسؤولون عموما لم يقبلوا هذه الفكرة، وحتى والدي الرئيس السابق الهاشمي رفسنجاني لا أعرف ما هي وجهة نظره في الموضوع، رغم أن لديه فكرا واسعا وهو يعرف بأنه وسطي، بمعنى أنه غير مدرج لا مع المحافظين ولا مع الإصلاحيين. وعموما فقد جرت خلافات بعدما فرض الحجاب بعد نجاح الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني. * * * إذن أنت من المؤيدين لأفكار المعارضة الليبرالية شرين عيادي؟ * - هناك فترة كانت لدينا علاقات كثيرة مع بعضنا البعض، فهي تدافع عن حقوق الإنسان وعن المرأة وأنا أوافق أفكارها عموما. * * * الغرب لديه نظرة أخرى عن المرأة الإيرانية، ويقول إنها مقموعة ومضطهدة بسبب الحجاب، كيف تردين؟ * - ما تقولينه صحيح جدا، وأنا أعتقد أن هذه الأمور مبرمجة، لأن وسائل الإعلام الغربية لديها تخطيط واسع ودقيق لتشويه صورة المرأة الإيرانية، ونحن من جانبنا نعي جيدا هذه الأمور ونسعى عبر فعاليات ونشاطات واسعة لتقديم صورة حقيقية عن المرأة الإيرانية في جميع المجالات ومنها الرياضة التي حققت فيها المرأة عندنا نجاحات كبيرة، وهو ما أثار استغراب العديد من الدول الغربية. وأنا أعتبر أن الرياضة النسوية هي أداة مهمة وتعكس الوجه الحقيقي للمرأة الإيرانية. كما أننا في إيران نقوم بتوجيه دعوات إلى شخصيات مؤثرة في أفكار العالم للتفاعل معنا وتنقل الصورة الحقيقية عنا. ومن جهتي أؤكد لك أنني نجحت في مجالي الرياضي بتغيير النظرة الغربية عن المرأة الإيرانية.. * * * الانتخابات الرئاسية على الأبواب، لمن ستصوت السيدة فائزة، للمحافظين أم للإصلاحيين؟ * - أنا إصلاحية وأدعم الإصلاحيين بطبيعة الحال، ورغم أن الوقت ما زال مبكرا للتكهن بمن سيفوز، إلا أنني أؤكد لك أن الإصلاحيين سيفوزون لو شارك 75 بالمائة من الإيرانيين في تلك الانتخابات. أما اذا كانت نسبة المشاركة ضئيلة فإن الفوز سيكون من نصيب المحافظين. وقد أصبحت ظاهرة العزوف عن المشاركة في الانتخابات منتشرة في معظم دول العالم. * * * ماذا تعرفين عن المرأة الجزائرية؟ * - زيارتي للجزائر كانت في إطار رسمي ودامت يومين فقط، ولكنني مع ذلك عرفت أن الشعب الجزائري طيب وصادق، وقد أحببته من كل قلبي. والمرأة الجزائرية هي معروفة بنشاطاتها الدؤوبة وحضورها القوي في جميع المجالات..