كشف، أمس، الدكتور حمدي محمد لمين رئيس المصف الوطني للخبراء المحاسبين ومحافظي الحسابات والمحاسبين المعتمدين، أن مشروع القانون المتعلق بمهنة الخبير المحاسب ومحافظ الحسابات والمحاسب المعتمد الذي أعدته جهات داخل وزارة المالية بدون علم وزير المالية، يشكل ضربة قوية للاقتصاد الوطني ومستقبل الشركات والمؤسسات الجزائرية، لأنه القانون سيفتح المجال على مصراعيه أمام محافظي الحسابات الأجانب لمزاولة المهنة في الجزائر وتمكينهم من مراقبة حسابات كل الهيئات والمؤسسات بما فيها الهيئات الحساسة مثل البنوك والمؤسسات المالية والشركات التابعة لقطاعات استراتيجية. * مكاتب الخبرة والمحاسبة "كا. بي. أم. جي" و"دولويت" تنشط خارج القانون وأكد الدكتور حمدي محمد لمين أن اعتماد مشروع القانون المذكور نسخة منه لدى الشروق اليومي سيعجل بحدوث كوارث حقيقية في الاقتصاد الوطني، على أساس أن الدول الغربية لن تتوانى في استعمال كل الطرق والوسائل الأخلاقية وغير الأخلاقية للتجسس اقتصاديا على الدول التي تعتبر أسواقا كبيرة لسلعها ومنها الجزائر التي تستورد سنويا أزيد من 27 مليار دولار من السلع والخدمات. وحذر المتحدث الحكومة من العواقب الوخيمة لفتح القطاع لشركات خبرة ومحاسبة أجنبية، مطالبا الحكومة بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في هذه الحالات الخطيرة على كل الخبراء ومحافظي الحسابات الأجانب الذين يريدون مزاولة المهنة في الجزائر. مضيفا أن هذا الشرط بالإضافة إلى إلزام هذه المكاتب على الشراكة مع خبراء ومحافظي حسابات جزائريين هي الضمانة الوحيدة التي ستمكن الجزائر من حماية نفسها ضد أي محاولات للتلاعب والجوسسة على الشركات والمؤسسات الجزائرية والعمل على إضعافها لصالح شركات دولية احتكارية. وكشف المتحدث أن بعض مكاتب المحاسبة والتدقيق المحاسبي بدأت النشاط في الجزائر قبل صدور القانون الجديد، وهو ما يعني أنها تنشط خارج القانون لأن القانون الساري المفعول يمنع بتاتا على مكاتب المحاسبة ومحافظي الحسابات الأجانب مزاولة المهنة في الجزائر. مضيفا أن مكتب "كا .بي. أم. جي" ومكتب "دولويت" ينشطان بالجزائر خارج القانون 91 _ 07 الذي ينظم المهنة، ولم تتحرك أي جهة لوضع حد لحالة الفوضى، بل أن بعض الجهات في وزارة المالية يعمل بكل قوة لصالح تثبيت الفوضى الحالية وتقنينها من خلال ممارسة ضغوطات مشبوهة لتسريع عملية تمرير القانون المذكور الذي لم يستشر المهنيون في إعداده بمن فيهم الأعضاء الذين يمثلون المصف على مستوى المجلس الوطني للمحاسبة، رغم المراسلات العديدة الموجهة لوزراء المالية. وأوضح المتحدث أن المصف الوطني الذي يضم في عضويته 12000 إطار وخبير ومحافظ حسابات، ليس ضد مزاولة المهنة من طرف الأجانب، لكنه سيعمل على تنبيه أعلى السلطات في الدولة للانتباه لخطورة الموضوع والعمل على إبقاء مهنة محافظ الحسابات حصرية على الخبراء الجزائريين فقط لأسباب استراتيجية كون محافظ الحسابات يمتاز بسلطة كبيرة تسمح له بالإطلاع على كثير من الأسرار الخطيرة. ورفض رئيس المصف الوطني دعوة مشروع القانون المذكور مهنيي القطاع بالإنضواء تحت لواء المجلس الوطني للمحاسبة، وقال إن هذا المطلب يتعارض مع الدستور كونه يضرب مبدأ استقلالية الخبير المحاسب ومحافظ الحسابات على أي سلطة أو وصاية مهما كانت، لأن الارتباط بوزارة المالية يسمح بالاستعمال السياسي للمهنة لأغراض غير بريئة، متسائلا هل تقبل وزارة المالية الجزائرية أو وزارة الدفاع الوطني أو وزارة الداخلية أن تفتح أبوابها لمحافظ حسابات فرنسي أو أمريكي بحجة الانفتاح على الاقتصاد العالمي؟ مضيفا أن تمرير المشروع الحالي بأي شكل من الأشكال سيدفعنا للتخلي عن المهنة والاستقالة لأسباب متعلقة بالضمير المهني لأن شعار المهنة هو "العلم والضمير والاستقلالية". بالإضافة إلى المشروع الحالي في حال مروره سيضرب وحدة المهنة واستقلاليتها.