الرئيس بوتفليقة رفقة المبعوث الأمريكي جورج جون ميتشل حط بالجزائر، الثلاثاء، في زيارة خاطفة لم تكن مبرمجة، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط باراك أوباما، جورج جون ميتشل، حيث استقبله الرئيس بوتفليقة ، في وقت تحدث فيه المبعوث الأمريكي عن بحث لحلول تسوية القضية الفلسطينية، تذهب كل المؤشرات الى أن زيارته كانت لغير ذلك وذات علاقة بالرئاسيات المنقضية. * * وصرح ميتشل للصحافة لدى وصوله الجزائر "أشكر الجزائر على الدعم الذي تقدمه من أجل تحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط"، مشيرا الى أن "الولاياتالمتحدة التزمت بالتوجه نحو سلام شامل من خلال تسوية سلمية لقضية الشرق الأوسط بما في ذلك إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، مبرزا أن هذا الحل يتمثل في إقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب في كنف السلام و الرفاهية"، موضحا أنه سيجري خلال جولته في المنطقة محادثات مع عديد من الشخصيات من أجل إيجاد مساندة قصد "محاولة تحقيق تقدم في الحلول التي تقترحها" الولاياتالمتحدة، معربا عن "امتنانه" للرئيس وللحكومة الجزائرية. وقال إنه "بالنظر إلى تجربة الجزائر الطويلة وإلمامها بمسألة الشرق الأوسط فإنني انتظر نصائح الرئيس بوتفليقة ووزيره للشؤون الخارجية للتمكن من إيجاد طرق ووسائل السير قدما في اتجاه الحلول المقترحة. * زيارة أحد فواعل الدبلوماسية الأمريكية، تأتي في أعقاب التصريحات التي أطلقها الناطق الرسمي للخارجية بخصوص عملية الاقتراع في الجزائر ونتائج الرئاسيات، حيث أدلى بتصريح حمل شقين، الشق الأول عبر فيه عن موقف الإدارة الأمريكية وترحيبها بالتعامل مع بوتفليقة رئيسا للجمهورية، في مقابل ذلك وكعادتها المألوفة التي تكشف "عشقها حد الجنون" لعب أدوار الوصاية على الديمقراطيات في العالم ، زعم الناطق باسم خارجية واشنطن ساعات بعد إعلان وزير الداخلية يزيد زرهوني عن النتائج أن تقارير المعارضة ورفضها عدم المشاركة في الرئاسيات، تفرض على الحكومة الجزائرية تقديم توضيحات. * هذه التصريحات والتدخل المبطن في الشؤون الداخلية للجزائر، الذي لم يصدر في زمانه ومكانه لم تستسغه الطبقة السياسية، بما فيها المرشحون للرئاسة الذين على الرغم من إخفاقهم عبروا صراحة عن رفضهم الاستثمار في احتجاجاتهم، غير أن قدوم المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي للشرق الأوسط بعد يوم واحد من ترسيم المجلس الدستوري لنتائج الانتخابات، يبين أن حسابات أمريكا أكبر من وقوفها عند تقارير قالت إنها صادرة عن المعارضة، كما يبدو أن مبعوث أوباما، تنازل عن مطلب الناطق باسم الخارجية المتعلق بتقديم الحكومة لتوضيحات، وفضل التنقل بنفسه لينقل تهاني الإدارة الأمريكية للرئيس بوتفليقة وطلب نصحه، في خطوة نحو إيجاد حصة لها في السوق الجزائرية، خاصة وأن بوتفليقة لدى ترشحه أعلن عن برنامج تنموي قدره 150 مليار دولار، هذا البرنامج الذي سيكون حتما بحاجة الى أدوات لإنجازه، مما سيجعل إمكانية دخول الشركات الأمريكية أمرا ممكنا. * الوضع المالي الأمريكي المتردي واختلال توازناتها المالية الذي بلغ مداه، متأثرا بالأزمة المالية العالمية، وتوالي إعلانات شركاتها الإفلاس وصدّ بنوكها لأبوابها، يجعل من الإدارة الأمريكية في غنى عن فقدان أي سوق واعد، فما بالك إذا تعلق الأمر بدولة ترمي بكل ثقلها في المجال التنموي، وبغلاف مالي مغر جدا بالنسبة لأي دولة مهما كان وزنها وحجمها. * 150 مليار دولار تعتبر بالنسبة لأمريكا في الوقت الراهن مؤشرا مهما وقادرا على التأثير في أحكامها وسلوكاتها حتى أنه قادر على التحكم في أذواقها، خاصة وأنها تعي جيدا أن العين الأوربية لم تتحول يوما عن الجزائر ، في ظل مسارعة باريس لإطلاق عرابي "الولاء" ورسائل الدعم والإسناد الى الجزائر مباشرة بعد إعلان بوتفليقة رئيسا. فهل يمكن القول إن جورج جون ميتشل جاء ليقدم التوضيحات عوض أن ينتظر تلقيها بواشنطن؟