حُرمة مقابر غير المسلمين لابدّ أن تكون مصونة تقطن مجموعة من السكان بمقبرة المسيحيين منذ فترة، إذ تحوّلت إلى مأوى للعشرات منهم في زواياها الأربع في غياب رقابة السلطات المحلية عليها. * * * "الشروق" انتقلت إلى المقبرة وعاينتها من الداخل، وقد أبى السكان الحديث إلينا أو فتح الباب لنا، في حين عبّر لنا بعض الشباب القائمين على إعادة ترميم ما تحطم من قبور أن المكان غير آمن ويقصده العشرات من اللصوص الذين اتخذوا من القبور مغانم لهم من خلال تحطيمها والحصول على المجوهرات التي يدفنها المسيحيون مع أصحابها. * وعبّر لنا أحدهم أنه لو كان له أقارب يقطنون هذه المقبرة لما وجد حرجا في الانقطاع عن زيارتهم للأبد، في تلميح له عن خطورة المكان من الأحياء الذين يدخلون إليه. * وفي الوقت الذي يجهل فيه أولئك البنّاؤون عدد الأسر التي تقطن المقبرة أظهر لنا حارسها معرفته الكبيرة بالعائلات التي تسكن فيها منذ سنوات، حيث أنه يحرس المكان منذ مدة ليست بالقليلة، مضيفا أن العائلات لا تتمركز في جهة واحدة من المقبرة، بل أنها تتوزع على زواياها الأربع، إلا أنها لا تخترق المكان من أجل الخروج لقضاء حوائجها اليومية، بل لها منافذ أخرى تفضي إلى الخارج دون اختراق المقبرة، مع وجود أبواب تؤدي إلى داخل المقبرة إلا أنها مغلقة ولا يستعملها أصحابها. * وأكد لنا البعض ممن التقينا بهم هناك أن أولئك السكان بنوا مساكنهم داخل المساحة المخصصة للمقبرة، وحسبما عايناه فإن المنازل بنيت في فترة بعيدة بعض الشيء، خصّص لها أصحابها مساحة كبيرة، وأغلبهم خصصوا لأنفسهم طابقا أولا فضلا عن الطابق الأرضي. * وحسب بعض السكان الذين التقت بهم "الشروق" صدفة بمقر البلدية، فإن أحدهم لا يجد حرجا من إزالة بعض القبور وإبعاد الرفات التي كانت بها من أجل توسيع المساحة التي سيبني بها منزله المجاور للموتى، معللا أن الأرض من حق الأحياء أولا من سكان الوطن لا من أبناء أقطار أخرى، وقد تمّ حسب محدثنا دفن الرفات بمكان آخر بعيدا عن تلك المساحة. ولاحظنا خلال زيارتنا للمقبرة أن عددا كبيرا من القبور مخرّب، وأعلمنا الشباب القائمون على إصلاحها أن اللّصوص يسطون على المجوهرات المدفونة مع أصحابها، كما لا يتوانى المنحرفون من اتخاذ المقبرة مرتعا لكل أعمال الرذيلة، مما جعلها منطقة خطيرة ومحرمة على كل من ينوي زيارة أهله من الأحياء الساكنين بداخلها، والغريب أنه يشرف على حراستها عامل حراسة وأعوني أمن عيّنتهما البلدية مؤخرا. * رئيس البلدية اليزيد حماش، ولدى اتصالنا به من أجل معرفة الإجراءات اللازمة لحراسة مقبرة المسيحيين التي زارها الرئيسان الفرنسيان جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، لم يرد على جميع اتصالاتنا به، مما جعل سؤالنا عما إذا كان أولئك السكان معنيون بقائمة توزيع السكن القادمة أم لا، يبقى معلّقا.