قال محامون ورؤساء جمعيات ومهتمون بظاهرة الهجرة السرية في وهران قبل أيام، أن مهرب الحراڤة أصبح ينافس رجل الأعمال في أرباحه، حيث وصلت مكاسب أحد مهربي البشر أكثر من 3 ملايير في رحلة واحدة استمرت 6 ساعات فقط؟! * الأمر يبدو أخطر وأكثر أهمية، حتى من انتظار تشكيل الحكومة هذه الأيام، بل انه ترسّخ في عقولنا حتى أصبح مُدرجا في زمرة العادي أو"النورمال" التي هضمنا تحت عنوانها الكثير من القضايا الخطيرة وبلعنا بسببها ما لا يمكن بلعه بسهولة؟! * مهرب حراڤة يكسب 3 ملايير في 6 ساعات فقط، وجمعيات تبحث عن الاعتماد لتنشط في المواعيد الانتخابية أكثر من نشاطها المتوقع في البحث عن هؤلاء الحراڤة المفقودين، سواء كانوا جثثا أو أحياء، وعائلات ضائعة بين الأرقام والوعود والإشاعات، حتى أصبح البعض يكتب عن 200 حراڤ بانتظار حرق جثثهم في اسبانيا صباحا، ثم يعود في المساء لينفي الخبر، وكأنه يتحدث عن أسعار البطاطا، وليس عن مشاعر آلاف العائلات والأمهات اللواتي طلقن الفرح وألغينه من يومياتهن حتى إشعار آخر؟! * الحراڤة ليسوا "بطاطا"، يا سادة، وهم لذلك، أكثر أهمية من كل وعود الناخبين المطروحة سابقا عشية الرئاسيات، وأكثر أهمية أيضا من بقاء وزير ومغادرة آخر، خصوصا أن شريحة واسعة من هؤلاء الحراڤة، يمثلون نتاجا طبيعيا لسياسات حكومية فاشلة، وإرهاصا خطيرا لشكل جديد من أشكال التمرد على الدولة وخرق مؤسساتها؟! أفلا يعد مهرّب الحراڤة، صاحب الأرباح الطائلة، حلقة وصل داخل مؤسسة ضخمة، ذات فروع في الجزائر، والمغرب، وتمتد حتى اسبانيا وايطاليا؟! كيف تحولت الدولة من راعية رسمية للعقول إلى مفرّطة فيها عمدا، لترعى بالمقابل أرجل اللاعبين، ويصبح الدماغ مباحا تهريبه وتهجيره، أما إن تعلق الأمر بلاعب واحد، فيحلف أحد رؤساء الأندية أنه لن يفرط في "كرعيه" ولو بأربعين مليارا؟! * لماذا لا تتدخل الحكومة لتطلب من سفير اسبانيا ردا شافيا ووافيا عن رسائل آلاف العائلات في غرب البلاد، والتي راسلت السفارة منذ أشهر بحثا عن أبنائها دون رد؟! خصوصا أن تلك العائلات اعترفت بما اقترفه أبناؤها وهي لا تخاف معاقبتهم ولا حتى سجنهم، لكنها تبحث فقط، إن كانوا أحياء أو أموات بانتظار الحرق، مثلما قالت تقارير غربية؟!.. أما مشاريع الحراڤة المقبلين، والمنتظرين دورهم على شواطئ البحر، فلا بد لهم من التفكير قليلا وطرح سؤال واحد نراه مشروعا، وهو إن كانت أوربا تمثل حقا الجنة والنعيم؟! أليست جنّة للقلّة وجحيما للكثيرين؟.. أليست الجنّة تحت أقدام الأمهات؟!