توقيف استيراد اللحوم المجمدة قررت الحكومة تعليق إستيراد لحوم الأغنام من الخارج كلية، إلى غاية شهر أوت المقبل، مع مضاعفة كميات الشعير المعروضة في الأسواق لجعل هذه المادة في متناول جميع المربين والموالين، في أقرب وقت ممكن، وذلك بهدف إنقاذ الثروة الحيوانية في الجزائر، بعد ما اتضح منذ أسبوع أن الموالين يسوقون قطعانهم جماعيا إلى المذابح للتخلص منها لتجنب الخسائر التي يتكبدونها جراء انهيار أسعار الأغنام، والجفاف في المراعي من جهة، وكذا غلاء الأعلاف من جهة أخرى. * * زيادة كميات الشعير وفتح أراضي الرعي وتنظيم تعاونيات للمربين في هذا الصدد، عقدت الحكومة مجلسا وزاريا مشتركا طارئا، أول أمس، برئاسة رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، لاتخاذ إجراءات عاجلة لتجنيب الجزائريين أزمة وشيكة في اللحوم الصيف المقبل، وإنقاذ تربية الأغنام في الجزائر، وقالت مصالح رئاسة الحكومة في بيان أصدرته عقب المجلس الوزراي المشترك، بأن "هذا القطاع الهام في الإقتصاد الوطني يمر بمرحلة صعبة تعرض الثروة الوطنية من الأغنام للخطر مما يفرض ضرورة الحفاظ عليها". وبعد الدراسة المفصلة للوضع السائد في مناطق الرعي، اتخذ المجلس الوزاري المشترك سلسة من الإجراءات الإستعجالية لدعم هذا القطاع، حيث قرر بشكل خاص "التعليق الكلي لإستيراد لحوم الأغنام إلى غاية شهر أوت 2008" و"زيادة كميات الشعير وتوفيرها في الأسواق لجعل هذه المادة في متناول المربيين في أقرب وقت ممكن". كما قرر المجلس الوزاري المشترك فتح أراضي الرعي وتنظيمها من أجل ضمان الإستعمال العقلاني لها، وتقرر بهذا الصدد، تحديد إجراءات صارمة للتسيير، مع تنظيم تعاونيات للمربين لتمكينهم من التكفل بمشاكلهم وإشراكهم في جميع القرارات الخاصة بتربية الأغنام". * *تعليمات فورية للجماعات المحلية قصد تطبيق الإجراءات الجديدة وأفاد بيان رئاسة الحكومة، أنه "سيتم إعطاء تعليمات للجماعات المحلية من أجل تطبيق الإجراءات الجديدة فورا"، كما أكد "بأن الحكومة ستسخر كل الوسائل المالية الضرورية لمواجهة متطلبات هذه الإجراءات العاجلة والوقائية"، وأوضح نفس المصدر أنه تم توزيع حوالي 450 الف قنطار من الشعير لفائدة المربين، وذلك منذ جانفي 2008 بسعر 1550 دينار جزائري للقنطار، بينما يشتريه الديوان الجزائري المهني للحبوب بقيمة 4000 دينار جزائري للقنطار، ويضيف المصدر أن الفارق المسجل بين سعر الشراء والبيع يبرز "مدى الجهد الذي تبذله الحكومة لفائدة قطاع تربية الأغنام". وتأتي هذه الإجراءات العاجلة التي اتخذتها الحكومة بعد دق الموالين والإتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، ناقوس الخطر إثر جفاف المراعي الذي حال دون نمو العلف خلال الشهرين الأخيرين، مقابل ارتفاع سعر أعلاف الأغنام في السوق، مما دفع المربين إلى بيع كل رؤوس الأغنام للمذابح قصد التخلص منها ومن الخسائر المنجرة عن تربيتها، وهو ما نتج عنه فائض في العرض أدى إلى إنخفاض قياسي في سعر لحم الخروف بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 50 بالمائة عبر مختلف الولايات والقصابات على المستوى الوطني. حيث أن سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الخروف كان منذ أسبوع فقط يقدر ب 650 دينار جزائري، ثم انخفض تدريجيا إلى ما بين 500 إلى 550 دينار جزائري، فيما انخفض سعر الكيلوغرام الواحد من لحم صغيرات النعاج التي من المفروض أن توجه للتكاثر من 500 دينار جزائري إلى 250 دينار جزائري. وكان محمد عليوي، الأمين العام لإتحاد الفلاحين الجزائريين، قد حذر من خطر لجوء الموالين إلى ذبح أكثر من 19 مليون رأس من الماشية خلال الأشهر القادمة لبيعها في شكل لحوم قصد التخلص منها لتفادي زيادة تكاليف تربيتها بسبب التهاب أسعار الأعلاف في الأسواق، حيث تجاوز سعر القنطار الواحد من الشعير 2000 دينار جزائري، وقفز سعر القنطار الواحد من النخالة إلى 2100 دينار، وتجاوز سعر القنطار الواحد من الخرطال 4500 دينار، مما دفع الموالين إلى التفكير في التخلص بسرعة من رؤوس الماشية التي يملكونها خوفا من تكبد خسائر أكبر خلال فصل الصيف القادم. وهاجم محمد عليوي قرار الحكومة الذي يسمح بالاستمرار في استيراد اللحوم المجمدة من الخارج، قائلا "إنه لا يعقل أن تدعم الجزائر الفلاحين في أمريكا اللاتينية وأوروبا بالسماح باستيراد 650 طن من اللحوم المجمدة شهريا وهو ما يعادل 60000 رأس من الماشية شهريا في الوقت الذي يعجز فيه الفلاح الجزائري على ضمان تسويق ماشيته بسبب انهيار أسعار الماشية جراء الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف". وطالب الأمين العام لإتحاد الفلاحين الجزائريين وزارتي التجارة والفلاحة -في تصريح ل"الشروق" نشر في عدد أمس- بضمان شراء الماشية من الموالين وذبحها وتجميدها بدل الاستمرار في استيراد اللحوم المجمدة من الخارج على حساب الإنتاج الوطني، كما طالب عليوي برفع الحظر الحالي على تصدير الأغنام الجزائرية للخارج مادامت الدولة غير قادرة على حماية الثروة الوطنية في ظل الظروف الحالية التي يعيشها الفلاح والموال ومربيي الماشية ومنتجي الحليب.