تحدث الدكتورمحند برقوق، رئيس مركز الشعب للدراسات الاستراتيجية، إلى "الشروق" حول التهديدات الأمنية لدول الساحل الافريقي، حيث قال بشأن الظاهرة الإرهابية "إن كانت فعلية فهي ضئيلة، إذ لم تقع إلا في حدود 5 مرات في المنطقة بين تشاد وموريتانيا، بالرغم من التركيز الأمريكي على هذه التهديدات، فهي تسعى إلى تقديم تصور كارثي لهذه الظاهرة وإن كانت غير موجودة حاليا لكنها قد تصبح كارثية لاحقا". * وأرجع المتحدث الأسباب إلى ما أسماها توافر عناصر مهمة، منها قرب الساحل الافريقي من بؤر الأزمات، والانتشار الواسع للأسلحة وترابط شبكات الجريمة المنظمة المختصة في المخدرات وتبييض الأموال وتهريب الأسلحة، إضافة إلى الطبيعة الإثنية لهذه الدول، وضعف هوية وطنية مشتركة، ما ينذر باندلاع أزمات داخلية بسيطة في أحسن الحالات وفي أسوئها قد تنتج عنفا يمتد بين الدول. * وحسب المتحدث فإن المقترح الأنجع ليس الانسياق وراء المبادرات الأمريكية، ولكن بتطوير مبادرة مشتركة نحو شراكة تضامنية بين دول الساحل لتحقيق الأمن المشترك من التهديدات الحالية واللاحقة، وبرأي الدكتور محند برقوق فإن التعامل مع التهديدات الأمنية يقتضي بناء تصور عملي تضامني استباقي يضمن شروط استقرار الدول والمجتمعات، كما يجب الانتقال إلى التنمية المتكاملة عبر المناطق الحدودية لضمان استقرار السكان. * وحول سؤال يتعلق بدور توارڤ الجزائر في حماية حدود الوطن، أكد محدثنا أن أي أمن وطني ناجح يقتضي توافر 3 أشياء، إدارة عقلانية للسكان، وتسيير عقلاني للإقليم، وتحكم فعلي في الحدود، إضافة إلى عامل الاستباقية عسكريا، أمنيا ودبلوماسيا لمنع انتشار هذه التهديدات اللاتماثلية التي لا تنحصر في تهريب السجائر بل في تهريب العملة المزورة والمخدرات والسلاح، مع احتمال تشابك المخططات الارهابية ومصالح الجماعات المهربة، مما يشكل تهديدا مزدوجا لأمن الدولة والمجتمع. * وفي تفسيره لانتشار "القاعدة" عبر المناطق البترولية، أكد برقوق بأن أي دراسة أمنية تأخذ بعد الطاقة؛ لكونها العامل المحدد للمستقبل في ظل تناقص احتمالات استكشاف حقول جديدة وأيضا بحكم تزايد الحاجة إلى الطاقة، وعليه فالاكتشافات الكبيرة للبترول في السودان وتشاد وموريتانيا والنيجر وجزر الرأس الأخضر تدفع أمريكا نحو الاعتماد أكثر على النفط الافريقي بنسبة تقدر حاليا ب 15 بالمائة من وارداتها النفطية العالمية، ويرتقب أن ترتفع النسبة إلى 25 بالمائة في سنة 2020. * وأمريكا -يضيف الدكتور برقوق- تتبنى استراتيجية استباقية لاستغلال فرص وجود البترول، لكونها تعتبر النفط منذ 1974 قيمة محورية في فلسفة أمنها الوطني، وهو ما جسده قانون الكونغرس الذي يجيز للجيش الأمريكي احتلال آبار البترول عند الحاجة، فضلا عن تصريحات جورج بوش في ربيع 2007 التي تؤكد بأن الأمن الأمريكي متمحور بالأساس حول الطاقة.