أجرة زهيدة .. استغلال جنسي وديكور للتزيين المتجول في شوارع العاصمة يلاحظ الإقبال المتزايد للنساء على البيع في المحلات التجارية التي كانت في وقت سابق حكرا على الرجال، هذه الظاهرة خلفت استياء كبيرا لدى الشباب الذين اعتبروها إجحافا في حقهم، فبعدما رفضتهم مؤسسات الدولة بسبب الخدمة الوطنية ها هي المحلات تستغني عن خدماتهم وتستبدلهم بالفتيات. * اكتسحت الفتيات في العاصمة جميع أنواع المحلات، فتحولن إلى بائعات ماهرات يتقن فن البيع والشراء الذي يعتمد أحيانا على "التبلعيط"، فبعد محلات الحلاقة وبيع الملابس ها هي المرأة تقتحم محلات الهاتف العمومي والأكل الخفيف وبيع الحلويات، بالإضافة إلى محلات "الكوسميتيك" والمواد الغذائية والمطاعم، كما نجد المرأة تشرف على نوادي الانترنت ومحلات التصوير وبيع الأثاث، وفي جولة أخذتنا إلى بعض هذه المحلات وجدنا معظم الفتيات اللائي يشتغلن في المحلات سنهن أقل من 30 سنة، عدد كبير منهن توقف عن الدراسة في وقت مبكر، مما دفعهن للبحث عن العمل مهما كان نوعه ولو كان المقابل متواضعا، المهم أن يكون شريفا، حسب ما أسرت به لنا "م. ن" حين وجدناها تعمل بائعة في احد محلات البيتزا في شارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة، فرغم سنها الذي لا يتجاوز 24 سنة فضلت ولوج هذا النوع من العمل لإعالة عائلتها التي تتكون من 05 فتيات يعيلهن شيخ جاوز السبعين من العمر بات عاجزا عن العمل بعد اصابته بمرض عضال مما دفعها للعمل، وعن معاملتها من طرف صاحب المحل قالت إنه يشغلها 10 ساعات في اليوم بأجر لا يتجاوز 12000 دينار، ويطالبها بالتنظيف اليومي للمحل، مما جعلها تفكر في تغيير المهنة. * أما سليمة التي وجدناها تعمل في محل لبيع الحلويات فحالها لم تكن أحسن، لأنها تواجه العديد من المضايقات من طرف الرجال الذين تبيع معهم، بالإضافة إلى الأوامر التي تتلقاها من صاحب المحل القاضية بضرورة الاعتناء بمظهرها الخارجي جلبا لمزيد من الزبائن. * * المرأة تُشغَّل لجسدها وأجرها الزهيد * ما هو السبب الذي يدفع بأصحاب المحلات لتشغيل الفتيات بدل الذكور؟.. هو سؤال طرحناه على عدد من الشباب الذين انتقدوا الظاهرة، خاصة وأنها تعرف انتشارا متزايدا في المدن الكبرى أين يواجهون أزمة حادة في الحصول على مناصب شغل في المؤسسات الخاصة والعمومية التي تعتمد في التوظيف على الشهادة وبطاقة الخدمة الوطنية، مما جعل معظم الشباب يتجه نحو المهن الحرة والبيع في المحلات التجارية التي باتت ترفضهم بسبب إقبال "الحسناوات" عليها، حيث قال أحمد، 35 سنة، من شارع بلوزداد، إن استغلال المرأة يكون بسبب اكتفائها بأجرة متواضعة مقابل مجهودات مضاعفة، وقال كريم، 28 سنة، من باب الوادي، إن السبب يتمثل في شكل المرأة الجذاب الذي يستعمل لجذب عدد أكبر من الزبائن الذين عادة ما يحبون في المرأة رقتها ولباقتها في التعامل. * أما أصحاب النفوس المريضة -تضيف منال، 32 سنة، من بن عكنون- فيشغلون المرأة لاستغلالها في أغراض جنسية تبدأ في الإغراء بأجور عالية وتنتهي بالطرد واستبدال غيرها، أما أصحاب هذه المحلات التي تشغل هذه الفتيات فأكدوا جميعا أن الهدف إنساني يرمي لإعالة الفتاة وعائلتها، وأضافوا أن الذكور من الشباب يشترطون ساعات عمل أقل وأجر عالي. * 66 بالمائة من حالات الانتحار في العاصمة مست الشباب البطال * يؤكد العديد من المتتبعين للوضع الاجتماعي أن واقع البطالة الذي يكابده الشباب الجزائري يدفع بهم لأخطر الآفات الاجتماعية المتعلقة بقتل النفس أو ركوب قوارب الموت، حيث أثبتت دراسة لحالات الانتحار أجرتها مصلحة الطب الشرعي التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي "مصطفى باشا" في الفترة الممتدة بين 2003 و2007 تفشّي هذه الظاهرة لدى الشباب البطال بشكل غير مسبوق آخرها انتحار شاب من جسر "سعيد حمدين قبل 15 يوم . وأشار الدكتور "نايت رابح" إلى أن 57 بالمائة من أصل 155 حالة انتحار مسجلة بمنطقة الجزائر العاصمة تخصّ عزابا، وأكد أن عدد الوفيات الناتجة عن الانتحار تمثل 12.8 بالمائة من الوفيات المسجلة في الطب الشرعي، فيما أشار الدكتور "عيادي" من المركز الاستشفائي الجامعي لوهران إلى أنه تم سنة 2003 تسجيل أكبر نسبة انتحار في المنطقة الوهرانية ب 53 حالة، حيث أظهرت الدراسة التي أجرتها مصلحة الطب الشرعي للمركز في فترة 2003-2007 أن الانتحار يمسّ شريحة الشباب بشكل أكثر، حيث يقل سن 50 بالمائة من الحالات المسجلة عن 30 سنة. * كما بين تحقيق ميداني أعدته مجموعة من المختصين شمل 1263 حالة انتحار شملت 14 ولاية، أن البطالة تحصد 53 بالمائة من المنتحرين الذين أصيبوا باليأس جراء رفضهم من طرف الآخرين وعدم إعطائهم فرصة ليكونوا إيجابيين في المجتمع عن طريق منحهم فرصة للعمل، حيث أثبت التحقيق أن 79 بالمائة من المنتحرين كانوا يعانون من مشكل إثبات الذات، وكان معظمهم يعاني من التهميش و"الحڤرة" أو كانوا تحت ضغط من الوالدين لعدم حصولهم على عمل. * * عقلية المعريفة صرفت الشباب عن المؤسسات الرسمية * أكد العديد من الشباب أن فرصة العمل في المؤسسات الرسمية باتت بالنسبة إليهم شبه مستحيلة، بسبب انتشار عقلية "المعريفة" والتمييز الجنسي في التشغيل، حيث يفضل العديد من المسؤولين تشغيل النساء بدل الرجال لأغراض خاصة، مما جعل المرأة تكتسح جل المرافق العمومية حيث تشغل منهن 8 ملايين امرأة، بمعنى نصفهن يشتغل، واكتسحن 70 بالمائة من مهنة المحاماة و60 بالمائة من القضاة، وتقول أرقام رسمية بأن نسبة توظيف النساء في القطاع التربوي التعليمي وصلت إلى 47.8 أي قرابة نصف العاملين في هذا القطاع، و53٪ في سلك الطب، كما تمثل النساء 32٪ من الإطارات السامية في الدولة 60 و60 بالمائة من طلاب الجامعات نساء، وبلغت نسبة التمدرس 66 بالمائة بالنسبة للفتيات مقابل 65 بالمائة للذكور، أما بالنسبة للثانويات فبلغت 46 بالمائة بالنسبة للفتيات مقابل 31 بالمائة لدى الذكور، وتقول الإحصاءات إن هناك 136 فتاة مقابل 100 شاب في المرحلة الثانوية، وتتفوق النساء في نسبة المتحصلين على مستوى عال إذ يحظين ب25.7 بالمقابل 8.1 بالمائة للذكور. * أما في المناصب العليا في الدولة، فقد بدأت المرأة "تكتسح الكثير من الميادين السيادية، فهناك 27 امرأة نائبة في البرلمان من بين 368 نائب، وأربع نساء في مجلس الأمة الذي يضم 140 شيخ، وتصل نسبة توظيف النساء في القطاع العمومي إلى 61.1 بالمائة، فيما توجد 25 ألف سيدة أعمال في البلاد. * لكن رغم كل ذلك، يقول متابعون بأن المرأة لم تنل نصيبها الحقيقي من المساهمة في التشغيل وفي تنشيط الساحة الاقتصادية في البلاد، ويرون بأن التشغيل مفتوح للرجال كما للنساء، وأن الأمر يتعلق بمدى الكفاءة والجاهزية للعمل لدى الجنسين.