الشاذلي الرئيس الوحيد الذي شارك في كأسي عالم بن بلة لعب الكرة وكان في السجن في مونديال إسبانيا منذ أن تسلم رئيس الجمهورية الحالي عبد العزيز بوتفليقة مقاليد الحكم والكرة الجزائرية تواصل انحدارها، برغم الكم الكبير من وزراء الشباب والرياضة الذين تولوا حقيبة "كرة القدم" وليس الرياضة، وبرغم الكم الهائل من رؤساء اتحاد الكرة الذين حاولوا إخراج الكرة الجزائرية من عنق الزجاجة. * * وكان الانهيار الأكبر في الفترة الممتدة ما بين 2005 و2008 حيث عجزت الجزائر أمام ذهول العالم، حتى من بلوغ كأس إفريقيا وهي أكبر طعنة وأسوأ مرحلة في تاريخ الكرة الجزائرية منذ عام 1980.. ولكن كل هذه الذكريات السيئة قابلة الآن للتبخر دفعة واحدة إذا تمكن المنتخب الوطني من العودة بتأشيرة المرور للمونديال غدا من السودان.. وسيكون بالتأكيد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أول وأكبر المبتهجين.. لأن الذين سيخرجون للشارع للاحتفال بالفوز سينسون الهموم الاجتماعية التي يتخبطون فيها وسترتاح السلطة لبعض الوقت من الآهات التي صارت تسمع في كل المجالات.. وقد تصنع الكرة "الديكليك" الذي نبحث عنه منذ عقود من أجل حياة أفضل. * * بن بلة الرئيس الوحيد الذي لعب الكرة دون المونديال * * في سن التسعين حاليا، يحلم الرئيس الأسبق الذي كان صديقا حميما للراحل المصري جمال عبد الناصر أن يفوز منتخبنا بموقعة الخرطوم.. ولم يؤثر ثقل السنوات أبدا على عشق بن بلة لكرة القدم حتى النخاع.. * بن بلة هو الرئيس الجزائري الوحيد من ضمن سبعة رؤساء قادوا الجزائر الذي لعب كرة القدم إلى درجة أنه تعرض للانقلاب السياسي من الراحل هواري بومدين في الوقت الذي كان فيه غارقا في لقاء كروي بين المنتخب الجزائري ونادي سانتوس البرازيلي الذي كان يلعب له الجوهرة بيلي في 19 جوان من عام 1965.. * وكان بن بلة في شبابه لاعب كرة مع عدة أندية فرنسية أبرزها نادي مارسيليا، وما زال بن بلة لحد الآن مهووسا بالكرة.. وإذا كانت ظروفه السياسية بالخصوص سيئة خلال مونديال 1982 حيث لم يتمتع بما فعله المنتخب الوطني أمام ألمانيا في خيخون.. فإنه في عام 2010 يحلم بأن يشاهد لأول مرة في حياته منتخب بلاده الجزائر في المونديال ويكون حرا من أي إحراجات سياسية طالته في الزمن البومدييني وفي جزء من زمن الشاذلي بن جديد. * * بومدين زرع والشاذلي تمتع بمونديالين * * في أواخر العهد البومديني تم اعتماد منظومة الإصلاح الرياضي، وساهمت الكثير من دول أوروبا الشرقية في تطوير الكثير من الرياضات، حيث صارت الجزائر الأولى من دون منافس في كرة اليد، وواحدة من كبريات المدارس في العالم، وحصدت بسهولة خمس بطولات إفريقية متتالية في الكرة الصغيرة، وثارت لعبة كرة القدم أيضا، فأحرزت شبيبة القبائل تحت الإصلاح الرياضي باسم إلكترونيك تيزي وزو كأس إفريقيا للأندية البطلة بعد فوز رفقاء فرڤاني ذهابا وإيابا على فيتا كليب الزائيري.. ولكن ثمار الإصلاح الرياضي لم تقطف إلا بعد رحيل الرئيس هواري بومدين، والكل يعلم أن أول فريق جزائري كان تابعا لمؤسسة وطنية هو الملاحة، أي نصر حسين داي، الذي شكل الفريق الوطني الكبير من وشان وإيغيل وخديس إلى أساس منتخب 1982، ونذكر هنا مرزقان وڤندوز وفرڤاني وماجر والحارس الثالث بن طلعة، والرباعي الأول هو أحسن ما أنجبته الكرة الجزائرية على الإطلاق.. * وتمتع عهد الشاذلي بن جديد بطاقمه منذ وزير الرياضة جمال حوحو بأول تأهل لكأس العالم تلاه تأهل ثان لمونديال المكسيك، وفي عهد الشاذلي أيضا تمكن المنتخب الوطني من إحراز كأس أمم إفريقيا لأول وآخر مرة عام 1990 ثم جاءت الأزمة الأمنية، وطال الضياع اللعبة الأكثر شعبية حيث مرضت الكرة وأصابتها مختلف الفيروسات وصارت بطولتنا تايوانية فعلا، فالأحسن ليس بالضرورة هو الفائز.. ولم يحدث أن انهزمت الجزائر في ملعبها وأمام جمهورها كما حدث أمام غينيا في عنابة وخاصة أمام الغابون بثلاثية مذلة، وغابت الجزائر ليس عن المونديال فقط وإنما حتى عن كأس أمم إفريقيا.. ولم تنج الفرق الوطنية التي تستنزف الملايير في كل موسم من المهزلة وصارت تقصى دائما في الأدوار الأولى من أهم كأس إفريقية يشارك فيها أقوياء القارة وهي كأس رابطة أبطال إفريقيا.. واهتمت فقط ببطولات متوسطة المستوى مثل كأس العرب للأندية وكأس الاتحاد الإفريقي. * * لولا الأزمة الأمنية ما كان "زيدان وبن زيمة" فرنسيين * * قبل مونديال 1978 بالأرجنتين بلغ أسماع الجزائريين أن لاعبا جزائريا ولكنه من جنسية فرنسية يدعى سحنون قد أعرب عن أمنيته في تقمص الألوان الفرنسية رفقة "تريزور وبلاتيني" فقامت الدنيا ولم تقعد واتهمته حينها الصحافة الجزائرية بالخيانة الكبرى.. وكتبت "الشعب" و"المجاهد" ووضعتاه في خانة ''الحركى الجدد".. وبسبب هذا التشويش والثورة تراجعت فرنسا عن ضمه ودخل "سحنون" في كآبة إلى أن تعرض لحادث مرور هلك على إثره.. * كان وما زال أيضا التجنس بالجنسية الفرنسية بالخصوص مرفوضا في الجزائر خاصة إذا كان الهدف منه اللعب للمنتخب الفرنسي والدفاع عن ألوانه وترديد النشيد الفرنسي.. لأجل ذلك لعب دحلب مصطفى النجم الأول والأكبر لباريس سان جيرمان للمنتخب الجزائري برغم الإغراءات التي وصلته، ولعب مجادي نجم موناكو وغيرهما للمنتخب الجزائري، ولم يحدث أن لعب جزائري ودافع عن ألوان فرنسا إلا في عهد زيدان، والسبب أن زيدان الذي كان يعلق في غرفة نومه صورة جمال زيدان أحد نجوم مونديال إسبانياوالمكسيك لم يجد في طريقه منتخبا جزائريا قويا.. بل إنه لم يجد أصلا منتخبا، فتقمص الألوان الفرنسية في أسوأ أحوال المنتخب الجزائري، ولحق بركبه بن زيمة وناصري وعدد من البراعم في المنتخبات الصغرى ومنهم عنتر يحيى ومغني مراد وحسان يبدة.. وبمجرد أن استعاد المنتخب الوطني عافيته عاد الجميع إلى رشده. وقد قال اللاعب الفرنسي الشهير "دي غاري" مؤخرا إن فرنسا أضاعت نجما كبيرا هو مراد مغني.. كما أن زيدان في زيارة سابقة قادته إلى السعودية عندما سألوه عن عدم تقمصه الألوان الجزائرية رد بكل صراحة "كنت أريد أن أفجر طاقاتي كلاعب فلم أجد منتخب بلادي في كامل لياقته فاخترت فرنسا". * هذه الأزمة السياسية بالخصوص تقابلها أمنية بوتفليقة في أن تتوج العهدة الثالثة بالتأهل لكأس العالم، ليدخل بوتفليقة نادي المونديال مثل الشاذلي بن جديد.. وقد لاحظنا حرصه على ذلك من خلال برقيات التهاني في كل انتصار حققه المنتخب الوطني، وأيضا انتقاده للأداء ووعده بتهيئة ظروف بناء منتخب قوي خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، قبل أن ''ينتفض'' بعد كل الذي حدث للمنتخب الوطني في القاهرة ويجند الجميع من أجل نقل الأنصار إلى العاصمة السودانية لمساندة أشبال سعدان، وبالتأكيد في حالة الفوز أو التأهل للمونديال غدا سيكون بوتفليقة أسعد رئيس في العالم.