كم ينقصنا من السنوات، وربما من القرون حتى نتمكن من تنظيم تظاهرة بحجم كأس العالم لكرة القدم؟.. بل كم ينقصنا من السنوات لأجل أن نتجرّأ ونقدم ترشيحنا لاستضافة المونديال؟.. أسئلة تطرح نفسها بدلا عنا ونحن نتابع تهافت دول عربية وإفريقية أقل منا إمكانات لأجل استضافة هذا الملتقى الرياضي ذي الأبعاد السياسية والاقتصادية.. ففي معركة الترشح لاستضافة كأس العالم الحالية واجهت دولة جنوب إفريقيا التي استقلت عام 1961 واسترجعت سيادتها الحقيقية عام 1991 من أيدي الأبارتايد بدعم سياسي وعسكري جزائري منافسة شديدة من كل دول إفريقيا الشمالية العربية باستثناء الجزائر، حيث تقدمت تونس مع ليبيا بملف ترشح مشترك آخذين العبرة من اتحاد كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 وحاولت مصر برغم "الصفر" الذي حصلت عليه أن تنعم بتنظيم المونديال، بينما تواصل المغرب منذ عشرين سنة إصرارها على استقبال هذه التظاهرة الرياضية التي لا يوجد من يعشقها من ضمن هاته الدول الحالمة، مثل الجزائريين، ولا يوجد من يمتلك الإمكانات البشرية والمادية والثراء الجغرافي والتاريخي مثل الجزائر ومع ذلك يحلم الكل ببلوغ العالمية.. ولا نحلم نحن. في عام 1973 ولم يكن قد تجاوز سن الجزائر المستقلة أزيد عن أحد عشر عاما استضافت بلادنا مؤتمر دول عدم الانحياز في زمن الدول الاشتراكية لغير المنحازة الكثيرة العدد، وفي عام 1975 استضافت الجزائر الفتية دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط وأتبعتها عام 1978 باستضافتها الألعاب الإفريقية في منحنى بياني متصاعد كان من المفروض أن يجعل الجزائر السباقة في إفريقيا والعالم العربي لاستضافة المنافسات العالمية الكبرى.. ولكن الطموح تضاءل لينقرض نهائيا ويتحول إلى عقدة أمام الآخر حتى ولو كان هذا الآخر دولة عربية مثلنا أو إفريقية مثلنا.. ويثلج صدورنا سماع سعي وكفاح دولة صغيرة مثل قطر لا يتجاوز تعداد سكانها الستمائة ألف نسمة لتنظيم كأس العالم بعد إثنتي عشرة سنة دون أي مركب نقص أمام منافسين من عيار الولاياتالمتحدة وغيرها من دول المعمورة العظمى.. بينما تبقى الجزائر تتابع ما يجري بعيدا عن عملية الزرع التي لجأت إليها عدة دول وقد تعطي ثمارها بعد حين وليس بالضرورة خلال المونديال المطلوب.. لقد غامرت دولة الأورغواي الصغيرة جدا عام 1930 ونظمت كأس العالم، وغامرت دولة الشيلي الصغيرة جدا عام 1962 ونظمت كأس العالم، وغامرت جنوب إفريقيا الدولة الفتية جدا عام 2010 ونجحت في تنظيم المونديال.. وتغامر الآن دولة قطر التي لا تزيد مساحتها عن مساحة ولاية جزائرية صغيرة، ولا يزيد تعداد سكانها عن الذين زحفوا إلى ملعب الخامس من جويلية خلال آخر مباراة تحضيرية للمنتخب الوطني ضد صربيا، ونحن متأكدون أن قطر مادامت قد أرادت فستحقق مرادها إن عاجلا في 2022 أو آجلا بعد زمن بعيد بعد هذا الموعد البعيد.. وعندما تعود المغرب وتونس وليبيا ومصر لمراودة كأس العالم عن نفسها فإنها قد تحصد ما زرعته في جرأتها السابقة.. نعود لنسأل ماذا ينقصنا لأجل تنظيم كأس العالم؟ شعبية الكرة عندنا؟ أم المال؟ أم المنشآت القاعدية من ملاعب وفنادق؟ أم الإرادة السياسية؟.. الجواب الوحيد عن هذه الأسئلة يجرنا إلى القول أن دولا عديدة اجتهدت لأجل تنظيم كأس العالم ففاز بعضها بأجري الاجتهاد والنجاح، وفاز معظمها بأجر الاجتهاد فقط في انتظار أجر النجاح بعد حين.. بينما فرطنا نحن في الأجرين معا؟