سارع الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، إلى عقد اجتماع طارئ، أمس، للمكتب السياسي للحزب، لفهم ما يدور من حوله في الساحة السياسية، ومواجهة الأزمة التي توشك أن تعصف برأسه قبل نهاية الشهر الجاري كما يتوعد خصومه، فالرجل الذي راهن على قرع طبول العهدة الرابعة منذ تعيينه خلفًا لبلخادم، لاستعطاف فريق الرئيس وترهيب مناوئيه في الحزب وخارجه، يبدو أنه وجد نفسه اليوم معزولا أكثر من أي وقت مضى، ولم يعد صوته يُطرب حتّى حلفاء الرئيس، وهذا ما حذا به إلى طلب لقاء بوتفليقة شخصيا، لمعرفة موقفه النهائي بشأن الرئاسيات المقبلة، وتعديل الدستور. أعلن عمار سعداني الحرب على الجميع، منذ تعيينه في 29 أوت الماضي أمينا عاما للأفلان، وجعل من العهدة الرابعة عنوانا لاستعدائه، وصنع طيلة ثلاثة أشهر أو أكثر الحدث بتصريحاته النارية التي مست المؤسسة العسكرية والمخابرات، والوزير الأول عبد المالك سلال. ويربط سعداني في كل مرة انتقاداته اللاذعة لمؤسسات الدولة، وخصومه السياسيين، بدعوته تارة الرئيس بوتفليقة إلى الترشح لعهدة رابعة، وغلقه لعبة الرئاسيات تارة أخرى بإعلانه ترشح بوتفليقة باسم الأفلان، كما يشدد في كل خرجة له على تمسكه بتعديل الدستور واستحداث منصب نائب للرئيس قبل رئاسيات 2014، ما جعل الكثير من المتتبعين يرون أن سعداني كان "يطمع" في هذا الموقع. ولم يقتصر استعداء سعداني على مؤسسات الدولة فقط، وإنما فتح على نفسه عدة جبهات داخل هياكل الأفلان الذي يتولى أمانته العامة، فبعد سحبه البساط من تحت أقدام أعضاء المكتب السياسي للحزب في عهد بلخادم بقيادة عبد الرحمن بلعياط، وتقزيمه بالحركة التقويمية، رفع سعداني من عدد خصومه في الحزب بالإفراج عن تشكيلة المكتب السياسي، وساهم بذلك في توحيد خصومه على موقف واحد. ولكن عمار سعداني، تراجع بشكل مفاجئ عن مواقفه بشأن مختلف القضايا وعلى رأسها العهدة الرابعة وتعديل الدستور، وصام عن الكلام المباح وغير المباح، بعد ظهور مؤشرات أسقطت برأي مراقبين "أماني" سعداني في الماء، وهذا ما استقوى به خصومه في الحزب، ليعلنوا جانفي شهر رحيل سعداني من الأمانة العامة للحزب العتيد، وجعلوه بذلك يتخبط يمينا وشمالا كالدجاج المذبوح. فإن صحت أرقام خصوم عمار سعداني من أعضاء اللجنة المركزية، بجمعهم أزيد ممن مائتي توقيع في اقل من شهرين فهذا يعني، أيضا أن لا حماية لسعداني، من جهات عليا في السلطة، كما أراد أن يُوهِم أنصاره ومناوئيه. وإن صحت كذلك المعلومات المتداولة بخصوص إيداع سعداني طلب مقابلة الرئيس بوتفليقة، فهذا يعني أن سعداني لا يمللك أي قنوات اتصال مع الرئيس الشرفي للحزب، لمعرفة ما يدور في ذهنه، وهو ما يجعل الحديث عن علاقة خاصة تجمعه بشقيق بوتفليقة محل استفهامات عديدة.