لعل أكبر خطر يهدد نتائج ندوة الانتقال الديمقراطي هو النجاح الكبير وغير المسبوق الذي حققته على مختلف المستويات وفي مختلف الاتجاهات.. ذلك لأن هذا النجاح سيجلب لها مخاطر الإفشال، ومؤامرات عرقلة المسار من جهات الضد التي ظلت تترصد أية محاولة جادة تطرح بديلا حقيقيا لخيارات السلطة التي ظلت تفرخ الفشل وتستنسخ نماذج العجز نفسها. لقد أثبت التجارب استعداد أذرع السلطة الطويلة، وقدرتها على تثبيط العزائم، وكسر الإرادات، وتشويه العمل، وإفشال المبادرات، وبث الشقاق في الأحزاب والتصدع في الصفوف، ونسج المؤامرات وتدبير الانقلابات، وتشويه الزعامات وتخوين الشخصيات، وبذل العطاء والإغراء بالمكاسب والمناصب لشراء الذمم، وتسليطها على المستعصي إخضاعهم، أو ثنيهم عن مواقفهم وتحركاتهم.. حقيقة أن الموازين اختلت هذه المرة، والتحالفات تبدلت ولم تعد الجهات التي كان يشار إليها بالبنان هي التي "تذبح بالريشة"، لكن الممارسات لا يبدو أنها تغيرت أو اندثرت، وإن تغير معسكرها، وممارسوها.. وأكيد أيضا أن قادة تنسيقية الانتقال الديمقراطي ونشطاءها، واعون بخطورة "العمل المضاد"، لكن إلى أي مدى بمقدور هذه التشكيلات والشخصيات أن تقاوم ضغوط قوى الضد وإغراءاتها، وهل تملك وسائل سياستها لتحصين مسارها، وحماية صفوفها من تأثيرات "اليد الخفية"، تلك هي المخاطر والتحديات..