يتم ترتيب الجامعات على الصعيد العالمي والقاري وعلى صعيد مجموعات الدول (عربية، إفريقية، آسيوية...) وفق 04 مجموعات من المؤشرات هي: نوعية التكوين وتُقاس بعدد الميداليات والجوائز المُحصَّل عليها في شتى أصناف العلوم والفنون (جائزة نوبل إحداها)، ونوعية الأساتذة وتُقاس بعدد الباحثين الذين تم الاقتباس عنهم في الدوريات والمؤلفات العلمية، ومستوى الإنتاج العلمي الذي يقاس بالنشر في مجلتيNature و Science بالنسبة إلى الفروع العلمية والتكنولوجية، وأخيرا الأداء المتوسط للأستاذ ويُقاس من خلال النتائج المُحصَّل عليها مقارنة بالعدد الإجمالي لهيئة التدريس والباحثين، وهناك مؤشرات أخرى... لا أريد أن أُعلق على المراتب الأخيرة التي تحتلها جامعاتنا على الصعيد العالمي (الرتبة 2099)، والعربي (الرتبة 42) والإفريقي (الرتبة 33)، لأن ذلك من المسائل المؤلمة لي كثيرا، كما لا أريد أن أذكر أسماء الدول العربية والإفريقية التي تفوقت علينا في هذا المجال لأن في ذلك ألمًا أكبر، ولكني أريد فقط أن أفتح نافذة على المستقبل وعلى الأمل لأقول: ما الذي يجعل وزارة التعليم العالي لا تُحدِّد لنفسها هدفا أو أهدافا خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة وتقول سنُحسِّن ترتيبنا العالمي أو العربي أو الإفريقي لهذه الدرجة أو تلك وتلتزم بذلك وتُحَاسَب عليه؟ لمَ لا نُكلِف اليوم هيئة متعددة الاختصاصات على المستوى الوطني تطرح هذا الإشكال المؤلم حقا لنعرف أين الخلل؟ لمَ نحن هكذا؟ وإلى أين نحن سائرون؟ هل المشكلة في السياسة العامة للبحث العلمي والتكوين الجامعي؟ أم في نوعية التكوين ما قبل الجامعي؟ أم في لغة التكوين ولغة البحث العلمي؟ يبدو لي أنه علينا حقا إعادة طرح هذه الأسئلة لمرات عديدة إلى أن نتمكن من تصحيح هذه الوضعية غير المقبولة بكل المقاييس... لِنُراجع كليا سياسة التعليم العالي والبحث العلمي في بلادنا إذا اقتضى الأمر، لِنعترف إن كُنَّا مخطئين في اعتماد اللغة الفرنسية لأكثر من نصف قرن لغةً للبحث العلمي وهي التي لم تستطع الدفاع عن نفسها على الصعيد العالمي حتى تُدافع عنّا، حيث إن كل الجامعات الأولى في العالم تعتمد الإنجليزية وعلى رأسها الأمريكية؟ لتكن لدينا الشجاعة ونوضح خارطة الطريق بالنسبة إلى اللغة العربية وكيف يمكنها أن تُصبح ناقلة للمعرفة؟ وأي مكانة للأمازيغية في كل هذا وأي سياسة نعتمدها معها؟ لنقم بأقل ما ينبغي أن نقوم به في هذا المجال لأنه لا يعقل أبدا أن نبقى ضمن هذه الوضعية، ولا يُمكن لمثل وضعية كهذه أن تُمكِّننا من البناء و التطور والخروج من حالة التخلف التي نحن عيلها الآن، خاصة ونحن نعرف أن العلم هو أساس البقاء اليوم وغدا..