نشرت صحيفة "Die Presse" النمساوية، الثلاثاء، مقالاً للكاتب والدبلوماسي النمساوي ألبرت روهان عن الشعبويين في أوروبا الذين اتهمهم بمساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحقيق طموحاته في إضعاف الإتحاد الأوروبي والغرب. وبحسب ترجمة موقع "السوري الجديد"، يقول الكاتب، أن "الحمقى المفيدون" هو تعبير ينسب إلى لينين (زعيم الثورة الشيوعية)، أطلق في البداية على المثقفين في الدول الغربية، الذين سخروا أنفسهم للترويج - سواء عن جهل أو لمصلحة ذاتية - للثورة الشيوعية في روسيا. ويضيف روهان: "في الوقت الحالي تلعب الأحزاب الشعبوية - اليمينية واليسارية - دوراً مماثلاً في أوروبا. لقد قاموا بزرع الشكوك في أوروبا من خلال التعصب القومي، وكراهية الأجانب ومعاداة الإسلام. وأقرنوا ذلك بإضمار الكراهية للولايات المتحدةالأمريكية، والتعاطف - بالمقابل - مع روسيا وسياسات فلاديمير بوتين". ويقول الكاتب، إن في استعدادهم لتفكك الإتحاد الأوروبي - وهذا ما يسعى إليه بوتين - فهم يشاركون في "لعبة المحصلة الصفرية"، المتمثلة في تقوية روسيا على حساب إضعاف الإتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو). ويتابع روهان، لقد تحدثت مارين لوبان - رئيسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسية - عن ضعف الإتحاد الأوروبي، وطالبت بانسحاب فرنسا منه. وهذا تماماً ما ينتظره بوتين من أصدقائه. جدير بالذكر، أن "الجبهة الوطنية" تلقت في عام 2014 قرضاً من أحد البنوك الروسية، بقيمة تسعة ملايين أورو يفترض أنه لتمويل الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة، بحسب الكاتب. شركاء في " البروباغندا" الأوروبيون الشعبويون مفيدون لروسيا بوسائل متعددة، فهم لا يألون جهداً للظهور في المحطات الإعلامية الدعائية - مثل قناة روسيا اليوم - والتي تتمثل مهامها في نشر المعلومات المضللة عن الغرب، وفقاً لروهان. وأيضاً عن طريق إرسال مراقبين غير معترف بهم من قبل "منظمة الأمن والتعاون الأوروبية" إلى شبه جزيرة القرم عام 2014، وقد أسهموا بشكل واضح بإضفاء الشرعية على ضم القرم من قبل روسيا، رغم مخالفته الصارخة للقانون الدولي. لقد تغاضى الشعبويون عمداً عن الاحتلال العسكري لشبه جزيرة القرم والذي تم بواسطة "الرجال الخضر" (عبارة أطلقتها أمريكا على الانفصاليين المسلحين في شرق أوكرانيا والتي تدعي بأنهم يتألفون من عسكريين روس وضباط في الاستخبارات الروسية)، مثلما يتغاضون اليوم عن نشر روسيا للآلاف من الجنود في شرق أوكرانيا، وعن زعزعة الاستقرار الممنهجة في مولدافيا وجمهوريات جنوب القوقاز. "سيلفي" في الساحة الحمراء ويقول روهان، إنه حتى بعد حادثة إسقاط روسيا للطائرة الماليزية فوق الأراضي الأوكرانية (في جويلية 2014) والتي قتل فيها 298 شخصاً، لم ينصرف الشعبويين عن تأييدهم لبوتين، ولم يغيروا رأيهم بعد مشاركة الطائرات الروسية في قصف المدنيين وتدمير المستشفيات في مدينة حلب، والذي وصفه بان كي مون - الأمين العام للأمم المتحدة السابق - بأنه جريمة حرب. ويضيف الكاتب، يبدو أن الشعبويين لا يهتمون بحقيقة أن النظام الحاكم في روسيا استبدادي وفاسد، وقاد البلاد إلى أزمة اقتصادية واجتماعية تزداد وطأتها يوماً بعد يوم على الشعب الروسي. فقد أنجزت مؤخراً زعامة حزب "الحرية النمساوي" اليميني اتفاقية عمل مشرك مع حزب بوتين. ويشير روهان، إلى أن صورة ال"سيلفي" التي التقطها أعضاء الحزب في الساحة الحمراء، تظهر مدى فرحتهم ب"انقلابهم الوهمي". ويختم الكاتب بالقول، إنه "لا يمكن إنكار أن روسيا لاعب رئيسي في أمن أوروبا، وينبغي على الحكومات الأوروبية بناء على ذلك العمل مع بوتين، لكن بالقدر الذي تتعاون به مع الديكتاتوريات الأخرى والديمقراطيات 'غير الليبرالية'. كل ذلك يجب أن يتم دون إغفال طبيعة نظام الحكم في روسيا ونوايا زعيمه. إن التعامل بواقعية أكبر مع روسيا قد يجدي نفعاً مع أصدقاء بوتين الشعبويين".