انتشرت في الآونة الأخيرة الجرائم المتعلقة باعتداء أشخاص مختلين عقليا على أفراد من عائلاتهم أو على غرباء، وقتلهم بأبشع الطرق. وطبعا، الجاني لن يحاسب، لأنه مريض نفسيا، بل سيودع أياما في مستشفى الأمراض العقلية ليخرج مجددا إلى الشارع. وفي هذا السياق، اهتزت بلدية الميلية بولاية جيجل، نهاية الأسبوع المنصرم، على وقع جريمة بشعة، راح ضحيتها الطفل "س. عصام"، ذو ثلاث السنوات، حيث أقدم عمه في العقد الثالث من عمره الذي يعاني من اضطراب عصبي ويسكن رفقة شقيقه بالمنزل، على ذبحه من الوريد إلى الوريد، فيما طعن والدته بالسكين، والجاني كان محلّ متابعة طبية لدى أطباء نفسيين. كما تعالج محاكم الجنايات ودوريا قضايا يكون أبطالها مختلون عقليا. ومن أبشعها جريمة بشعة أقدم فيها العم الأعزب المريض نفسيا على قتل ابن شقيقه الشاب بالدار البيضاء بالعاصمة. فالجاني غافل ضحيته وهو نائم وانهال عليه طعنا بالسكين.. والمأساوي أنه حمل الجثة إلى سطح المنزل ووضعها في برميل حديدي وأحرقها بعدما غطاها بالحطب والبلاستيك، وغرضه كان إخفاء رائحة اللحم المحترق... المتهم أحيل على مستشفى للأمراض العقلية. وكثير من العائلات التي لا تجد حلّا مع أبنائها المختلين، بعدما ترفض المستشفيات استقبالهم لقلة الأسِرّة، تجد نفسها مجبرة على التخلص من "المجنون" بأي طريقة. وفي هذا الصدد، سبق لمحكمة الجنايات بالعاصمة معالجة قضية أقدم فيها الوالد واثنان من أبنائه على قتل شقيقهم الثالث المريض نفسيا. وحسب التحقيقات، لطالما تسبب الضحية في مشاكل لأفراد عائلته، ولم يجد من يردعه، فقرر أفراد العائلة المنحدرة من المسيلة اصطحابه إلى العاصمة، وبشاطئ الصابلات تخلص منه الشقيقان وغادرا.. محكمة الجنايات برّأت الوالد من التهمة فيما أدانت الأخوين، رغم إنكار الثلاثة تورطهم في الجريمة. وقضية مشابهة أقدم فيها شاب من العاصمة على قتل شقيقه المختل بطعنات سكين، معترفا بأن الضحية حول المنزل إلى جحيم، واعتدى على والديه بالضرب. إلى ذلك، تعتبر الطبيبة بمستشفى الأمراض العقلية دريد حسين بالعاصمة، الدكتورة سايح، أن الجو الأسري يساهم بشكل كبير في هيجان المريض نفسيا. وحسب تصريحها ل "الشروق" قائلة: "بعض العائلات تستفز أبناءها المرضى، فتُخضعهم لجلسات رقية وعلاج بالسحر وتجعل العلاج العقلي آخر المراحل، وعائلات أخرى تصر على بعض السلوكات التي تهيج المريض.. وتكررها أمامه". وتأسفت المتحدثة على أنه بعد خروج المريض من المستشفى العقلي، يجد نفسه أمام نفس العوامل التي تسببت في مرضه، زيادة على نقص الرعاية والتكفل من عائلته والمجتمع، وهو ما يؤدي إلى إصابة العديد من الحالات بانتكاسة ثم هيجان.