نفايات متراكمة.. مساحات حولت للأفراح والأقراح.. موقف للسيارات مستغل بطريقة غير قانونية، ومساحات حولها المنحرفون لتعاطي المخدرات وممارسة الرذيلة.. والترويج للممنوعات .. هذا هو حال المساحات المسترجعة من عمليات الترحيل التي باشرت فيها ولاية الجزائر منذ 2014 والمقدرة ب395 هكتار، فبين تصريحات مسؤولي ولاية الجزائر الذين أكدوا أن المساحات سيتم استغلالها سريعا، وواقع هذه المساحات المهملة يبين أنها حوت مشاريع على الورق.. فلا مساحات استغلت في حل مشكل نقص العقار ولم ينجز عليها مشاريع سكنية، فالمساحات المستغلة تعد على الأصابع. توالت عمليات الترحيل الكبرى التي برمجتها مصالح الولاية من أجل القضاء على سكنات الصفيح منذ 2014، حيث كان المسؤول التنفيذي الأول بالعاصمة، قد وعد بأنها ستكون أول عاصمة عربية وإفريقية خالية من السكن الهش ولكن فرحة الترحيل والسكنات الجديدة لم تكتمل بسبب المخلفات السلبية التي تجتاح البلديات فبعضها تحول إلى وكر للجريمة وتعاطي المخدرات، الأمر بات يهدد سلامة المواطنين خصوصا في المساحات الواقعة بجانب الأماكن السكانية . المشاريع الكبرى التي أطلقتها ولاية الجزائر على غرار مراكز ثقافية وتجارية ومشاريع تنموية وكذا لبناء سكنات بمختلف الصيغ "عدل وتساهمي واجتماعي" بقيت حبرا على ورق وحبيسة الأدراج كغيرها، وبقيت مجرد أمكنة تعمها الفوضي، والاستغلال غير القانوني، وأضحت مكانا للصراع بين الشباب والمنحرفين الذين حولوها إلى ملكية خاصة بعيدا عن أعين الرقابة .
مساحات لتصليح السيارات على أنقاض "البرارك" من حي سيدي مبارك بشراربة إلى ديار البركة ببراقي وحي عين المالحة بجسر قسنطينة وكروش بالرغاية وديار الشمس بالمدنية وبوسماحة ببوزريعة وحي الحفرة بوادي السمار، كلها مساحات استرجعتها الولاية ولكن مشاريعها لم تجسد إلي يومنا هذا، خصوصا بعد تجريد الأميار من حقهم في التصرف في تلك الأوعية أو استغلالها من دون موافقة الولاية حيث وجهت الولاية تعليمة صارمة للأميار بردع ورفع دعاوى قضائية ضد المسؤولين على الأوعية العقارية أو إعادة بناء بيت قصديري، ولعل تعليمة تجريد الأميار من التصرف فيها كانت سببا في الفوضى وسوء التسيير والإهمال، بسبب رمي الأميار الكرة في ملعب مصالح زوخ الذي تأجلت وعوده بالاستغلال إلى أجل غير مسمى. أثناء تجول "الشروق" بالأراضي المسترجعة تفاجأنا بالحالة التي وصلت إليها. كانت البداية من بلدية المدنية وغير بعيد على مقرها حيث تم ترحيل سكان البنايات الهشة وتهديم تلك البنايات، للتحول المساحة التي كانت مشيدة عليها إلى مكبات للنفايات المتراكمة وبقايا الأنقاض كما باتت تحتوي على موقف غير شرعي بالإضافة إلى استغلال أحد السكان وهو ميكانيكي للمساحة وتحويلها لممارسة نشاطه الخاص. ولأن رب ضارة نافعة فقد حولت إحدى العائلات المقيمة الوعاء المسترجع بحي عين المالحة بجسر قسنطينة ببئر مراد ريس إلى مكان لإقامة الأفراح، حيث نصب أحد السكان خيمة كبيرة لاستقبال الضيوف بمناسبة الاحتفال بعرس ابنته بسبب ضيق منزله، فضلا عن تحويل المساحة الأخرى إلى موقف للسيارات يستغله أحد المرحلين إلى السبالة الذين كانوا يقطنون بالحي القصديري.
"محشاشات" وسكر علني كما اشتكى السكان المجاورون للقطعة الأرضية "المسترجعة" في حي عين المالحة سابقا من تصرفات بعض الشباب الذين حولوها إلى فضاء يستغل في المتاجرة في المخدرات والسكر ولعب القمار، وبذات البلدية لم يسلم حي الرملي الذي بدأت به الأشغال وقصد تحويله إلى مكان للترفيه من الانتشار الرهيب للنفايات خاصة الحديدية التي يستغلها البعض في البيع. وبعد القضاء على ثاني أكبر حي قصديري بديار البركة ببراقي تم استرجاع أكثر من 10 هكتارات، حيث سيتم استغلالها لبناء مركز ثقافي ومرافق خدماتية ومركز تجاري، ولكن حال الوعاء العقاري لم يتغير منذ أكثر من سنة ونصف وما يزال الموقع شاغرا ولم يعرف تجسيد أي مشروع على مساحته ليستغله المنحرفون في السكر العلني ولبيع ''الزطلة" وبيع المخدرات وكذا لرمي النفايات والأشجار والعصي واستعماله أحد الجيران كطريق يسلكه المواطنون إلى الجهة الأخرى.
مساحات تسيل لعاب المافيا وأميار يكتفون بتسييج الأراضي ولعل سياسة التقشف أيضا ألقت بظلالها على الأوعية العقارية التي تم استرجاعها حيث تم استغلال بعض الأوعية التي تعد على الأصابع، واكتفى الأميار بتسييجها في انتظار قرار مصالح ولاية الجزائر باستغلالها وإعادة بعث النشاط فيها وفق البرنامج المسطر، وحسب المعلومات المتوفرة فإنه كان من المفترض استغلال هذه الأوعية لحل مشكل نقص العقار الذي رهن العديد من المشاريع المحلية ولكن إلى غاية اليوم لم تستغل هذه الأوعية ولم تحل المشكل الذي تتخبط فيه جل البلديات العاصمية، وحتى القوانين الردعية لم تمنع "بزناسية العقار" من استغلال الأوعية المسترجعة بطرق ملتوية . وفي سياق متصل، سمحت عملية الترحيل ببعث أكثر من 50 مشروعا على غرار تحويل مساحة شارع دودو مختار ببن عكنون إلى مساحات خضراء وإنجاز حديقة عمومية بتكلفة 149 مليون هكتار، كما تمت عمليات الترحيل لإتمام مشروع تهيئة وادي الحراش بحي الرملي، حيث سيتم تحويله إلى منتزه، كما استفاد قطاع الأشغال العمومية من إتمام مشروع اجتنابي بين وادي حيدرة وبن عكنون وكذا مشروع السكة الحديدية ببئر توتة وإطلاق مشروع اجتنابي بذات البلدية والطريق لبلدية السحاولة وبني مسوس والشراقة.