تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأربعاء، بفعل "كل ما هو ضروري" من أجل التوسط لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد أن استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في البيت الأبيض، لكنه لم يطرح أي أفكار بشأن كيفية إحياء المفاوضات المتعثرة منذ وقت طويل. وفي أول لقاء له مع عباس دعا ترامب الزعماء الفلسطينيين "للحديث بصوت موحد ضد التحريض" على العنف ضد الإسرائيليين، لكنه لم يصل إلى حد إعادة إلزام إدارته بحل الدولتين للصراع الممتد منذ عشرات السنين والذي ظل لفترة طويلة حجر الزاوية للسياسة الأمريكية. وقال ترامب لعباس في مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض: "سأفعل كل ما هو ضروري.. أود أن أعمل كوسيط أو موجه أو حكم بين الجانبين وسننجز هذا". وسارع عباس إلى التأكيد مجدداً على هدف قيام دولة فلسطينية كعامل حيوي لإحياء أي عملية سلام مكرراً القول بأن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمتها وأن تقام الدولة على أساس حدود عام 1967. وترفض سلطات الاحتلال عودة كاملة إلى حدود 1967 بدعوى أن هذا سيهدد أمنها. ويواجه ترامب شكوكاً عميقة داخلياً وخارجياً حيال الفرص المتاحة أمامه لتحقيق أي انفراجة دبلوماسية سريعة لا سيما وأن الإدارة الأمريكية الجديدة لم تصغ بعد إستراتيجية متماسكة لإحياء عملية السلام المحتضرة. وتأتي محادثات عباس في البيت الأبيض بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتصف فيفري في تحرك سريع لإعادة ضبط العلاقات بعد التوترات التي شابتها في عهد سلف ترامب الرئيس الديمقراطي باراك أوباما. وأثار ترامب انتقادات دولية حين بدا أنه يتراجع عن دعم حل الدولتين قائلاً، إنه سيترك للأطراف المعنية اتخاذ القرار. وهدف إقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع "إسرائيل" هو موقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة والمجتمع الدولي. ويمثل اجتماع ترامب مع عباس، رئيس السلطة الفلسطينية المدعوم من الغرب، اختباراً آخر لما إذا كان ترامب، الذي أمضى في السلطة أكثر قليلاً من 100 يوم، جاداً في السعي للتوصل لاتفاق سلام شامل استعصى على أسلافه. وخلال مؤتمر صحفي مع عباس، قال ترامب، إنه مستعد لمحاولة التوصل إلى "الاتفاق الأصعب" للسلام بين "إسرائيل" والفلسطينيين. غير أنه قال لاحقاً خلال مأدبة مع الزعيم الفلسطيني، إن الأمر "ربما لا يكون صعباً كما اعتقد الناس على مدى سنوات". وقال محللون، إن ترامب، الذي قال إنه قرر "بدء عملية"، لكنه لم يطرح وصفات لسياسة جديدة أو جدولاً زمنياً، ربما يهون من قدر تحدي انعدام الثقة بين الجانبين. وقال ديفيد ماكوفسكي العضو البارز في فريق التفاوض الذي شارك إبان حكم أوباما في آخر جولة من المحادثات بين الجانبين والتي انهارت في 2014: "لا يمكنك التظاهر بأن عليك فحسب معالجة عدد قليل من القضايا الرئيسية.. الأمر صعب للغاية". وعلى الرغم من أن التوقعات لتحقيق تقدم ملحوظ محدودة قالت مصادر مطلعة، إنه يجري إعداد خطط ليزور ترامب الزعيم الإسرائيلي اليميني في القدس وربما ليجتمع مع عباس في الضفة الغربية وإن الموعد المستهدف للزيارة هو 22 و23 ماي. وأحجم مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون عن تأكيد الزيارة. ضغوط داخلية على عباس وبدا الود بين ترامب وعباس، لكن سمات الجدية كانت ظاهرة عليهما خلال المؤتمر الصحفي. وكان المشهد أقل حميمية مما بدا عليه اللقاء بين ترامب ونتنياهو في فيفري. وقال عباس: "تحت رعايتكم الشجاعة وحكمتكم وكذا قدرتكم التفاوضية العظيمة" سيكون الفلسطينيون شركاء في السعي من أجل التوصل "اتفاق سلام تاريخي". ولكن تحت الضغط الذي يواجهه بالداخل لتجنب تقديم تنازلات كبيرة قال عباس: "لقد آن الأوان أن تنهي إسرائيل احتلالها"، في إشارة إلى البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية. ودعا عباس "إسرائيل" إلى الاعتراف باستقلال فلسطين تماماً كما يعترف الفلسطينيون بدولة "إسرائيل". لكنه لم يكرر علناً مطلبه بأن تجمد "إسرائيل" بناء المستوطنات على الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها كشرط لاستئناف المفاوضات. وقال مسؤولون أمريكيون، إن من المتوقع أن يضغط ترامب على عباس لوقف أموال تدفعها السلطة الفلسطينية لأسر مقاتلين تحتجزهم سلطات الاحتلال. وفي قطاع غزة، قال سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن التعهدات التي قدمها عباس في البيت الأبيض "غير ملزمة لأحد". * * * * * * * *